هذا الأمر الخطير هو الذي سنتناوله اليوم في حديثنا؛ إنه الغلو. فسنوضّح تعريفه، وبعض صوره وحكمه وما يترتَّب عليه. كل هذا بشيءٍ من التفصيل البسيط، والمُعزَّز بالأدلة.
تعريف الغلو
هو المبالغة والإفراط وتعدي ما أمرنا الله به في الاعتقاد أو القول أو الفعل. مثل الغلو في الأنبياء والصالحين؛ أي المبالغة في تعظيم الأنبياء والصالحين ورفعهم عن منازلهم التي أنزلهم الله بها.
الواجب فِعله: هو التوسط فلا نبالغ في تعظيمهم ولا نُقصر في حقهم.
صور الغلو بالأنبياء والصالحين
- يكون بالاستغاثة بالنبي ﷺ أو دعاؤه أو الحلف به دون الله.
- البناء على قبور الصالحين والسجود عليها والطواف بها، ودعائهم من دون الله ﷻ وهذا ما فعله قوم نوح -عليه السلام- قاموا بالغلو في تعظيم الصالحين، وكان هذا أول سبب وقوعهم في الشرك لقوله ﷻ ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾.
ومن هؤلاء الأناس؟ هُم أسماء رجال صالحين من قوم نوح حين ماتوا وحالهم الشيطان أن ينصبوا لهم تماثيل لتذكرهم بعلم هؤلاء الصالحين، ثم بعد ذلك نسو سبب نصبهم لهذه التماثيل وعبدوها.
الغلو في الأنبياء يؤدي للشرك
معنى ذلك أن الغلو في الأنبياء أيضا يؤدي للشرك؛ فقد جاءت أدلة شرعية تنهى وتُحذر منه مثل قوله ﷻ ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾.
كما حذرنا النبي ﷺ أن نفعل مثلهم فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه سمع -عمر رضي الله عنه- يقول: سمعت النبي ﷺ يقول «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله».
ما معنى تطروني؟
الإطراء: هو المبالغة ومجاوزة الحد في المدح والكذب فيه. والمقصود: لا تغلوا في مدحي كغلو النصارى في عيسى -عليه السلام-.
وهنا أيضًا نتعرَّف على النذر: تعريفه، وأنواعه وحكم كل نوع
ما ترتب على الغلو
الغلو في الدين كان سببًا في هلاك الأمم الماضية. والمقصود بهلاكهم: أنهم خسروا الدنيا والآخرة وذلك لأنه كان سبب وقوعهم في الشرك.
فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ قال «يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين».
كما قال النبي ﷺ «هلك المتنطعون»، والمتنطعون تعني: المتكلفون المتعمقون الغالون في الكلام.
وهذا دليل على خطورة الغلو، وأنه يؤدي إلى الهلاك.
أوصيكم أيضًا بـ: أي العمل أحب إلى الله.. التعريف بالراوي والتعرف على معاني وإرشادات الحديث
الخلاصة
تعلمنا معنى الغلو: وهو تعدي ما أمر الله به في الاعتقاد أو القول أو الفعل.
والغلو في الأنبياء والصالحين: وهو المبالغة في تعظيمهم ورفعهم فوق منازلهم التي أنزلهم الله ﷻ إياها.
ومن الأمثلة على الغلو: الغلو في النبي ﷺ بدعائه والاستغاثة به من دون الله، والحلف به من دون الله ﷻ.
كما أن الغلو سببٌ للوقوع في الشرك، ومثال على ذلك قوم نوح -عليه السلام-.
ولعلكم ترغبون بالاطلاع على: حد الحرابة من الحدود السبعة المقررة شرعًا