شكّل العيد في الثقافة الإنسانية حالة متفردة؛ ولهذا يأخذ يوم العيد طابعا مميزا عن غيره من الأيام، ولكل شعب ثقافته الخاصة التي ينظر من خلالها للعيد، كما أن الإنسان له نظرته المختلفة عن غيره من الناس في رؤيته لما يعنيه العيد، ومثلما سبق فإن الثقافة والمكوّن الفكري للفرد هو جزء من تحديد النظرة للعيد.
وفي مختلف المراحل العمرية أو المعرفية التي يمر بها الإنسان تبقى مرحلة الطفولة هي أفضل هذه المراحل في نظرتها إلى العيد؛ فالكل حين يحدثك عن العيد يبدأ بالحديث عن طفولته، وأنها أسعد الفترات التي كان فيها للعيد معنى، ولعل ذلك راجع إلى أن فكرة العيد لم تحمل أبعادا لا يستطيع العيد نفسه تحملها.
الطفل في نظرته للعيد يأخذ الأمور ببساطة؛ فالعيد بالنسبة للأطفال مناسبة للفرح والسعادة، خلافا لما يشيعه الكبار عن العيد، فالكبار يحملون العيد معاني وأفكارا تصبح هي العيد، فيما السعادة تنسل إلى مواقع خلفية، لكنها يجب أن تبقى ولو اصطنعت؛ لأن العيد دونها لا يعد عيدا.
والأمور تتعقد أكثر حين يتحول العيد إلى مناسبة للمزايدة في مختلف الحقول، فهناك من حوّل العيد من مناسبة دينية اجتماعية أساسها الفرح إلى منبر لإطلاق التصريحات السياسية، وكأن هذه الأمة مكتوب عليها حتى في العيد أن تستمع لـ «مقاتلي الكلام»، وهناك من يتخذ من العيد فرصة لتقريع العامة، مطلقا سيلا مما عليهم أن يفعلوه ناسيا أنهم يفعلون، لكن هناك من يظن أنه وصي عليهم، أما من يستغل العيد لرفع الأسعار فأصبح الأمر عرفا وغير مستغرب؛ ولهذا يتضح أن الطفل هو الأسعد بالعيد؛ لأنه غير معني بكل ما سبق، وأن ما يعنيه حقيقة هو الفرح والسعادة فقط.
بقلم: منيف الصفوقي