لماذا ازداد العنف ضد الأطفال الآن؟
تقول الاختصاصية في علم النفس التربوي الدكتورة “سامية جبري”: أنه بالفعل الأطفال الذين كانوا يتعرضون للعنف الأسري قبل أزمة وباء كورونا هم الآن أكثر عرضة لعنف أكبر، وأشد حدة، وهم الآن محصورون في منازلهم، وهذا يعود لعدة أسباب في الواقع، ومن أبرز هذه الأسباب:
- زيادة الاحتكاك بين الأهل والأطفال: حيث أصبحت الأسرة الان تجلس مع بعضها البعض لفترة أطول، على عكس ما كان يحدث من قبل؛ حيث كان الأطفال يقضون وقت في المدرسة على سبيل المثال، وكان الأهل كذلك يقضون بعض الوقت في العمل، وما إلى ذلك.
- طبيعة حركة الاطفال تختلف تبعاً للعمر، فنجد الاطفال الأقل سناً يمارسون أعمل التخريب في المنزل، فهم دائمي الحركة، أما الأكبر عمراً فنجدهم أكثر عدوانية، وبالتالي نجد المشاكل تزداد بين الأطفال، وتبعاً لذلك نجد الأهل يزدادون عنفاً؛ لعدم قدرتهم على السيطرة على الأطفال.
- عدم إدراك الأهل للطريقة الصحيحة للتعامل مع الأطفال من البداية، أي من قبل الحجر المنزلي، ولكن يزداد الأمر سوءا في الوضع الحالي.
- معاناة الأهل من بعض المشاكل النفسية، ويتم إسقاط هذه المشاكل على الأطفال، وهذا بدوره يتسبب في زيادة العنف ضد الأطفال.
وبشكل عام نحن نعيش الآن وضع صعب جداً، يجعلنا جميعاً نعيش في قلق، وتوتر، وترقب لما يحدث، وما سيحدث، ولكن المشكلة كما وصفتها الدكتورة “سامية” تكمن في كون الاطفال هم الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، فنجدهم يتحملون كل الضغوطات النفسية السلبية التي يخرجها الأهل عليهم، وذلك خاصةً مع عدم قدرة معظم الأطفال على التعبير عن أنفسهم، والدفاع عن أنفسهم، خاصةً أن ثقافتنا العربية لا تتيح لهم ذلك.
كيف يمكن حل مشكلة العنف ضد الأطفال؟
بما أن المشكلة الأساسية سببها الأهل، لذا فمن المهم أن يتعلم الأهل ما يعرف باسم استراتيجيات إدارة الضغط، فيتعلمون كيف يمكن إدارة الضغط، والقلق والتوتر الذي نعيش فيه جميعنا، وهذا ينطبق أيضاً على الزواج تحديداً الذي قد يمارس العنف بشكل أو بآخر ضد زوجته، لذلك فهذه الاستراتيجيات هي أمر ضروري يجب أن نضعها بعين الاعتبار؛ حتى نتخطى هذه المرحلة التي نمر بها.
وبالإضافة إلى ذلك تشير الدكتورة “جبري” إلى ضرورة أن نجعل نظرتنا نحن إيجابية قدر الإمكان، فلا تكون نظرتنا فقط سوداوية، ولكن يجب أن نعرف أن ما نعيشه الآن هو بمثابة فترة فقط، وستمر، ويجب أن نتكيف مع هذه الأمور، ونتعلم كيف نتصالح معها، بل ونتعامل معها، ومن المهم أن نضع أيدينا على السبب الرئيسي لهذه المشاكل، ومن ثم نحاول أن نضع حلولاً لذلك.
ومن المهم أن يحاول الأهل الاستعانة ببعض الأخصائيين الذين قد تكون لديهم حلولاً لمشاكلهم، ومساعدة الأطفال أيضًا للتعامل مع الأزمة التي نمر بها الآن، وهذا سيخفف كثيراً من المشاكل التي يعانون منها، وهذا بدوره سيساعدهم في التخلص من العنف ضد الأطفال، والعنف الأسري بشكل عام، ومن الجدير بالذكر أن هناك بعض الأشخاص المتخصصين جعلوا أرقام هواتفهم متاحة لكل من يريد أن يستشيرهم في أي أمر نفسي؛ نظراً لما يمر به العالم.
وأخيراً، فتؤكد الدكتورة “سامية” على أهمية أن نجعل هذه الفترة بمثابة فرصة ذهبية لتتشارك الأسرة في أداء بعض الأنشطة الجماعية، وذلك قد يشمل القراءة، الطبخ، ممارسة بعض الهوايات، أو أي أمر آخر يجعلنا نترك الجدال، وتتواصل بشكل جيد، ونلتقط صوراً للذكرى خلال هذه الفترة التي حتماً، ولابد ستمر.