منذ بداية تاريخنا كمسلمين، انبثق التطوع مبدأ أصيلا كان له الأثر الأخطر والأهم في إيجاد هذه الحضارة ذات البعد الإنساني الوجداني العميق، فحين أقدم الأنصار على مشاطرة إخوانهم المهاجرين مشاعرهم وما بين أيديهم فقد أسسوا لهذا المبدأ وضربوا لنا مثالا نادرا وأظهروا التطوع في أسمى وأجمل صوره.
كما أن لفظ «التطوع» ليس مستحدثا أو مستجلبا كما يظن البعض، إنما هو قرآني أصيل «فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّه»، أي من زاد على إطعام مسكينٍ واحد فهو خير له، لذا أحبذ نعت التطوع بـ «المبدأ» لا بالثقافة، فلكل مبدأ ثقافته، وقد يقال العكس صحيح إلا أن اللفظ الأول يوحي بأصالته ورسوخه وأهميته.
ورغم انتشار العمل التطوعي بأشكاله المختلفة وظهور مجموعات تُعنى به وخصوصا لدى الشباب إلا أنه لا يزال يعاني التشتت والمحدودية وانعدام الموجه وندرة الداعم والمحفز، فالعمل التطوعي لدينا بحاجة إلى تأسيس صحيح واستراتيجية ومنهجية واضحة ودعم متواصل وسخي، وقد يتحقق ذلك بتأسيس «هيئة عليا للتطوع» حينها سيمضي العمل التطوعي بالاتجاه الصحيح وستزداد الدافعية إليه وتتحسن المخرجات، فالعمل التطوعي أصبح ضرورة يحتاج إليها المجتمع كالتعليم والصحة وغيرها.
كما أن العمل المؤسسي المدروس هو ما يحتاج إليه المجتمع، فلم تعد المبادرات الفردية مُجدية في عالم اليوم، وهذا لا يعني انعدام فائدتها فكلنا نذكر ما قدمه الشباب للمتضررين خلال سيول جدة والرياض بمبادراتٍ فردية عبر مجموعات تطوعية صغيرة، هؤلاء يستحقون في الأقل إسراج حروفنا شكرا وتقديرا لهم.
ومن هنا أعبر عن اعتزازي بمجموعة «نقدر» للعمل التطوعي وما قدمته متطوعاتها فتيات النادي العلمي السعودي في جدة من خدمات للأطفال الأيتام في شهر رمضان والعيد، ولا بد من تقديم اعتذاري الشديد لمسؤولتهم الإعلامية غادة الجهني لتأخري بإجابة بريدها الإلكتروني الذي لم أره إلا قبل أيام وبورك سعيكن.
بقلم: ملاك الخالدي