من المصطلحات التي ترد في سياقات مشتركة مصطلح العلم والمعرفة والثقافة، وعلى الرغم من أن هناك عاملاً مشتركاً قوياً يجمع بين المصطلحات الثلاث إلا أن بينهما فارق كبير واختلاف بين، وهنا سنركز في مقالنا على توضيح ما الفرق بين العلم والمعرفة والثقافة لمن يختلط عليهم أو يلتبس عليهم المعنى، فتابعنا.
الفرق بين العلم والمعرفة والثقافة
العلم والمعرفة والثقافة هي ألفاظ لها دلالات معرفية تتنافي مع الجهل وتتسم بالتقدم في المعارف الإنسانية وتشتمل على معاني الفهم والإحاطة وكشف حجب المجهول غير أن لكل منهم معنى مستقل ودلالات خاصة.
العلم: يمكن التوصل إلى تعريف مبسط وقريب للعلم من بين التعريفات الكثيرة التي وردت فيه بما يلي:
العلم هو إدراك حقيقة الأشياء، ادراكاً فعلياً قائماً على منهج معين في دراسة تلك الأشياء بالملاحظة والإخضاع للتحارب والتحليل والاستنتاج والبحث، ومن ثم فالعلم يطلق على معرفة الحقائق المادية القابلة للقياس والملاحظة.
ويمكن تعريف العلم أيضاً بأنه عملية رصد وملاحظة وتدوين للمعلومات.
ومثاله: مراقبة الأجرام الكونية من النجوم والأقمار والكواكب وحركتها وتدوين ما يتوصل إليه من معلومات متعلقة بكل ذلك.
المعرفة
المعرفة هي التصور الذهني لحقيقة الأشياء، أو إدراك الأشياء على ما هي عليه، كما يمكن القول أن المعرفة هي اكتشاف الأشياء والإحاطة بما يتصل بها وما يوضحها من المعلومات.
كما يمكن أيضًا تعريفها بأنها إدراك القوانين التي تربيط بين المعلومات ووضعها في سياق منطقي.
ومن أمثلة المعرفة: التوصل إلى قوانين تحكم العلاقة بين حركة الكواكب والنجوم وغيرها.
الثقافة
تعرف الثقافة على وجهين أو من طريقين
١. الثقافة: بمعنى الاطلاع الواسع ومعرفة شيء عن كل شيء والإحاطة العامة الإجمالية غير المتعمقة أو المتخصصة في مجالات المعرفة الواسعة والمتعددة، ومن ثم فإن المثقف هو الشخص القادر على فهم اجمالي واسع لما يحيط به من المستجدات والمتغيرات بما يمكنه من تكوين تصور صحيح ومجمل عن ملامح الواقع.
ومن أمثلة استخدام الثقافة بهذا المعنى إطلاق وصف المثقف على بعض الناس، حين يرى منه اطلاع واسع ومتشعّب في عدة مجالات علمية، فيوصف الطبيب الذي يتبحر في السياسية، ويهتم بالفن والأدب بأنه طبيب مثقف.
٢. الثقافة: التي هي اسلوب حياة أو نمط فكري أو اتجاه سلوكي يتفق عليه فصيل معين من الناس، يجمعهم نطاق جغرافي أو علمي أو اجتماعي موحد.
وتتميز بأنها نقطة التقاء حول معايير سلوكية معينة مما يجعل من الثقافة مفهوم نسبي، بمعنى أن ما ترتضيه ثقافة معينة قد ترفضه ثقافة أخرى وهكذا.
ومن الأمثلة التوضيحية اتفاق فئة معينة من الناس على نمط معين من اللبس مثل البدو، فهم يتميزون بأن لهم زي معين يعد علامة على ثقافتهم وسمة من سماتهم الخاصة بهم دون غيرهم.
بعض الفروق بين العلم والمعرفة والثقافة
- المعرفة يسبقها جهل، والعلم فهو غير ذلك، لذا يوصف الله عز وجل بأنه عالم وعليم ولا يوصف بأنه عارف، أما الثقافة فهي تراكم المعارف التي تشكل سلوك الأفراد.
- المعرفة هي ادراك إجمالي وتصور ذهني، أما العلم فهو ادراك تفاصيل وحقائق ملموسة، لذلك يستقيم قول العبد: عرفت الله، ولا يستقيم أن يقول علمت الله، أما الثقافة هي معرفة شيء عن كل شيء والاهتمام بالكليات دون الاهتمام بالتعمق في الجزئيات.
- المتعلم هو من يتلقى دروسًا منظمة في إطار رسمي، أما المثقف هو من يتصدى لدراسة مجال معين دراسة ذاتية وحرة ولا تخضع لمنهج منظم.
- العلم ضده الجهل والمعرفة ضدها الإنكار لذلك جاء في معرض الحديث عن اخوة سيدنا يوسف عليه السلام: (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨).
- العلم لفظ يطلق على ما يدرك بذاته وماهيته، أما المعرفة فتطلق على ما يدرك بآثاره ومدلولاته.
وفي الختام
فإن الحديث عن (ما الفرق بين العلم والمعرفة والثقافة) من الأحاديث المتعمقة والمتشعبة جداً، ولكنا حاولنا قدر المستطاع أن نجد اجابة عامة وشافية تناسب العامة ممن يبحثون عن تلك الفروق، وتزيل اللبس الذي قد يتوهمه البعض في استخدام الكلمات الثلاثة، داعين الله أن يكون اجتهادنا موفقاً، وأن يكون سعينا مشكوراً، والله أعلى وأعلم.