العز بن عبد السلام: سلطان العلماء وعز الدين

العز بن عبد السلام: سلطان العلماء وعز الدين

هو أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام؛ مغربي الأصل، ولد في دمشق في سوريا عام 577هـ، وكان يلقب بـ «عز الدين» و «سلطان العلماء».

ولد العز بن عبد السلام يتيما لم يجد ما يأويه إلا جامع دمشق الكبير “الجامع الأموي”. وبينما هو في المسجد ذات مساء يعمل ليلا جذبته آيات الذكر الحكيم؛ فاتبع الصوت فوصل إلى حلقة الإمام ابن عساكر، فجلس وأخذ يستمع إليه، فلما لاحظه الإمام أخرجه من الحلقة لحداثة سنه، فخرج الصبي إلى باب المسجد باكيا لحرمانه من مجلس العلم فلما خرج ابن عساكر من المسجد وجده يبكي فرق قلبه إليه وسأله أتحب العلم؟ فأجابه: وهل أحب غير العلم؟ فسأله عن أحواله، ولما علم مدى فقره تكفل برعايته.

وبذلك نشأ في كنف العالم ابن عساكر، وأخذ يتعلم ويجتهد في طلب العلم، فكان عندما يكلفه ابن عساكر بدراسة كتاب في شهر ينتهي منه في ثلاثة أيام ويحفظه ويفهمه، ويستخلص فائدته، وحينما يأمره بحفظ سورة يزيد في الحفظ إلى اثنتين أو ثلاثة، وظل هكذا يستزيد من العلم والفهم والتفكر، ويوم بعد يوم يزداد تعلقه بالعلم أكثر فأكثر حتى اعتمده شيخه مدرسا في حلقة الجامع الأموي الكبير.

وقد برز في زمن الحروب الصليبية، ولعل أبرز أنشطته دعوته القوية لمواجهة التتار وحثه الحكام ليقودوا الحرب ضدهم، خصوصا قطز قائد جيوش السلطان عز الدين أيبك؛ وكان العز بن عبد السلام جليلاً مهابا حسن الصورة متواضعا في مظهره وملبسه، وكان يحضر الأماكن العامة والمجالس الرسمية بها وقد خالط العز كبار دولة بني أيوب التي أنشأها صلاح الدين في الشام ومصر، وقصد العز العلماء العظماء في عصره، وجلس في حلقاتهم، ونهل من علومهم، وتأثر بأخلاقهم وتولى خطابة جامع بني أمية الكبير بدمشق.

وصل العز بن عبد السلام إلى مصر سنة 639هـ، فرحب به الملك الصالح نجم الدين أيوب، وأكرمه، ثم ولاه الخطابة والقضاء.

وبعد وصول قطز لسدة الحكم في مصر وظهور خطر التتار، ووصول أخبار فظائعهم عمل العز على تشجيع الحاكم واستنفاره الملاقاة التتار الزاحفين، ولما أمر قطز بجمع الأموال من الرعية للإعداد للحرب، وقف العز بن عبد السلام، وطالبه ألا يؤخذ شيء من الناس إلا بعد إفراغ بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تتناسب مع غناهم حتى يتساوى الجميع في الإنفاق، فنزل قطز على حكم العز بن عبد السلام

ترك العز ترانا علميا ضخما في علوم التفسير والحديث والسيرة والعقيدة والفقه وأصول الفقه وكتبا في الزهد والتصوف، منها: الفوائد في اختصار المقاصد، وتفسير العز بن عبد السلام (تفسير القرآن)، وقواعد الأحكام في مصالح الأنام، ومن تلاميذه ابن دقيق العيد وشهاب الدين القرافي، وأحمد بن فرح الإشبيلي وشرف الدين الدمياطي.

توفي العز بن عبد السلام في 10 من جمادى الأولى سنة 660 هـ الموافق 1262م في مصر.

أضف تعليق

error: