سؤال يقول: يقول الله -عز وجل- (فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ). أرجو تفسير هذه الآية وتوضيح من هو الذي عدو لهما؟
وهنا؛ نستخلص لكم جوابًا لهذا السؤال، وهو من فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي -رحمه الله-؛ حيث قال: جاء هذا القول الكريم في الآية 19 من سورة القصص. وهو جزء من الأحداث التي تعرض لها نبي الله موسى في مصر بعد أن كبر، فقد وجد فجأة رجلين يقتتلان، أحدهما من بني إسرائيل مثل موسى، والآخر من أهل مصر الذين كانوا يسيمون بني إسرائيل سوء العذاب. فطلب الرجل الإسرائيلي من موسى أن ينصره على المصري (وهو الذي كان عدو لهما) فنصر موسى الإسرائيلي ودفع المصري فأرداه قتيلا، ونجد هذه الأحداث في الآية 15 من سورة القصص.
وهنا ندم موسى أشد الندم واستغفر الله وعزم على عدم العودة لما فعل؛ فغفر الله له.
ولكن الإسرائيلي تعرض في اليوم التالي لنفس الموقف، حيث وجده موسى يتقاتل مع مصري آخر ويطلب منه المعونة مرة أخرى. فللوهلة الأولى غضب موسى من الإسرائيلي معتبرا أنه السبب المباشر في قتل المصري في المرة السابقة. (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ) — من الآية 18 من سورة القصص.
وبعد ذلك تغلبت على موسى همته العالية وكراهيته للظلم وطبيعته التي تأبى التخلي عن المظلومين، فدفعه كل ذلك إلى إعداد نفسه لتأديب المصري، ولكن الإسرائيلي توهم أن موسى يريد أن يبطش به هو؛ لأنه قال له (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ) فقال له: (أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ) بينما في الحقيقة أن موسى كان يريد أن ينصر بني قبيلته (الإسرائيلي) وأن يبطش بالمصري (الذي هو عدو لهما).