مبدرة جميلة ونحن نحتفل بها وهي اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، عن هذا المفهوم يرى البعض أن العدالة الاجتماعية هي أن تأخذ الحكومات من الطبقة الغنية وتعطي الطبقات الأكثر احتياجاً ظناً منهم أن هذا في معناه هو العدالة الاجتماعية التي يجب أن تُقر على جميع البشر بالتساوي، ومن ثَمّ لن يكون هنالك مسمى لفقير وغني في أي مجتمع حول العالم.
بينما يرى البعض الآخر أن العدالة الاجتماعية قد تتمثل في مساواة الجميع في الحقوق والواجبات، وإعطاء كل ذي حق حقه في المجتمع دون ظلم.
تعريف العدالة الاجتماعية
ترى الدكتورة حكمت بسيسو “خبيرة في التنمية البشرية والتدريب” أن العدالة الاجتماعية هي نظام اجتماعي يعمل على المساواة في كافة الفرص على اختلافها لكافة الناس على اختلافهم.
فالعدالة الاجتماعية تتمثل في توزيع عادل للثروات والفرص بغض النظر عن اللون والجنس والعِرق والدين، وبالتالي تحدث هنالك مساواة وعدالة اجتماعية في أي مجتمع.
هناك الكثير من الأمثال الشعبية المضادة بشكل واضح لمفهوم العدالة الاجتماعية والتي تعزز عند الكثير من الناس أنهم مختلفون عن غيرهم بل وأقل منهم في الحقوق بشكل خاص، وهذه الأمثال والمفاهيم الخاطئة وضعها المحتلون والطغاة والفاسدون وناهبوا الثروات على مر العصور، ومن ثم فإن ثقافة الأمثال الشعبية المنتشرة لا تعطي الإنسان حقه بشكل متساوي مع غيره من حيث الفرص والحقوق في عيش حياة كريمة.
لا يقف حق الاستعباد عند هذا الحد، وإنما ترسخ مثل هذه الثقافات الظالمة مفهوم خاطئ عن العدالة الاجتماعية وهي أن فئة معينة من البشر ليس لها سوى حقوق بسيطة وبل وأحلام ورؤى مستقبلية أبسط، ومن ثم فإن هؤلاء الطغاة لم يدمروا حاضرنا فحسب، وإنما بترسيخهم مثل هذه الأفكار السّامة عن مفهوم العدالة الاجتماعية قاموا بتدمير مستقبلنا القريب والبعيد في كثير من الأحيان.
ويرون أن الفرص الحقيقية هي لفئات بعينها، وهذه الثقافة نجحت بهذه الطريقة في خلق فجوات كبيرة بين الفئات وبعضها البعض لأنها حرمت الكثير من الفئات من الطموح والحلم في أن يغيروا ذلك الواقع المرير بل والمستقبل الأكثر مرارة.
المسئول الرئيسي عن تشكيل ثقافة غياب مفهوم العدالة الاجتماعية
هناك الكثير من الفئات التي حصرت العدالة الاجتماعية في فئت بعينها وهي الفئات التي نقرأ عنها تاريخياً بالفساد ونهب ثروات الشعب، وغالباً ما يكونوا من:
- الحكام.
- الطغاة.
- الفاسدين.
- السلطات الغربية التي ساهمت في نهب الثروات.
- السلطات المعنية بأن تعلم المجتمع الكمون والخذلان والانطواء وعدم المطالبة بالحقوق.
- الحكومات التي توالت على الشعوب العربية.
- الاحتلالات على مر العصور من دول متعددة والتي نهبت وسلبت من دولنا العربية، وهذه الفئة بشكل خاص لها مصلحتها في ألا نؤمن في داخلنا بمفهوم العدالة الاجتماعية الصحيح، وتعمل على أن نرضى بهذا الواقع المرير الذي نعيشه كل يوم.
تحديات تقف أمام تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية
في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها في عالمنا العربي اليوم، إلا أنني أرى أننا في عالمنا العربي نعيش صحوة كبيرة تجعلنا نتطلع دوماً إلى تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية، ولكن يبقى التحدي الأكبر لتحقيق تلك العدالة هو:
- الفساد الإداري والمالي: هذا الفساد هضم حقوق فئات كبيرة من الناس، وجعل فئات معين تستأثر بكل الإمكانيات وبكل الفرص والموارد الموجودة في كل وطن، ومن ثم فإن الفساد هو العدو الأكبر والأضخم والأكثر توحشاً في دولنا العربية.
- ضعف المشاركة: حيث تدربت الكثير من الفئات على عدم المشاركة، ونجد المواطن العربي يتطلع إلى حكومة سحرية لأن تأتي وتنقذه مما هو فيه، بينما هو ضعيف في مشاركته ولا يهرول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا المجتمع، لذلك على المواطن أن يعي أن الحكومة ليست هي وحدها ما يمكنها أن تقر حقوق العدالة الاجتماعية، وإنما يمكن أن تقرها المبادرات والثورات الشعبية التي ترد الحقوق لأصحابها والثروات لمواطنيها.
وختاماً، على جانب المطالبة يجب التحرك، أي أنه لا يوجد مجتمع ما في العالم كله يقف وينتظر من الحكومة ويجعلها هي المسئول الأول والأوحد على تطبيق العدالة الاجتماعية، ولكن في الدول المتحضرة نلقى دائماً أن الحكومة تسعى في تحقيق العدالة الاجتماعية.
ولكن في ظل سير الشعب قُدماً في تحقيق نفس الهدف عن طريق المبادرات وبل وربما عن طريق الثورات الشعبية الكبيرة كما رأينا في أعتى الدول مؤخراً كالولايات المتحدة التي انتفضت ثورتها الشعبية في كل ولاياتها رداً على مقتل مواطن أسود على يد شرطي أبيض اللون، مهددة ً بهذه الانتفاضة الرئيس ترامب ذاته.