لا توجد كذبة أشد شناعة عبر التاريخ بعد «وجود هدية قيمة في علبة آيس كريم»، سوى مسألة العبقرية، وامتلاك بعض البشر لقدرات ذهنية خاصة!.
وعلى الرغم من التجربة التي قام فيها «تريون» – على مدى 18 جيلا – بمزاوجة الفئران ذات القدرة الأفضل في تعلم اجتياز متاهة. ليتبين له أن هذه القدرة تتأثر بالوراثة، لكن هذا التأثير وسلسلة الانتخاب الطويلة للفئران الأفضل لم تتح لأي منها شرف اجتياز المتاهة من أول مرة!.
وحتى اليوم لم يذكر التاريخ قصة رجل تمكن من تحدث الفرنسية وهو في طريقه إلى المنزل، ولم يحدث أن استطاع أحد ما العزف على الكمان بـ «النية»!
فالأمر لم يتعلق قط بخلايا عصبية زائدة، أو قدرة ذهنية خاصة كما يتم تسطيحنا الآن. فالعبقرية كما يبدو هي كذبة شخص كسول أراد من خلالها إيجاد مبرر يمكنه من الهروب من التزاماته العلمية والمعرفية، ومحاولا إقناع الناس من حوله أنه يود ذلك لكنه ليس عبقريا!
وبمجرد إلقاء نظرة على سير من يصنفهم التاريخ والبشر على حد سواء بالعباقرة يتضح لنا أنها عمل متواصل، ومحاولة استغلال كل ثانية في هذه الحياة للسير على طريق محدد في سبيل هدف يتم اختياره مسبقا.
ولم يكن الأمر كما يحاول الجميع إخبارنا بأن نيوتن كتب قوانين الجاذبية قبل نهوضه من شجرة التفاحة الشهيرة! أو بأن أديسون قد أضاء مصباحه في نهاية يوم عمل واحد، أو حتى بأن أينشتاين قد رسم نسبيته وهو يحتسي مشروبه المفضل!.
وعلى ذكر أينشتاين الذي تتردد عنه الكثير من قصص هوسه بالوقت، وإحدى هذه القصص تقول إن خزانته كانت تحتوي على عدة أطقم من الملابس لها نفس الشكل واللون، بالتأكيد ليس لإعجابه بهذا التصميم، بل إن السبب كما يقول: «لكيلا يقضي الكثير من الوقت للتفكير في ماذا سيرتدي»!.
ولنا في جائزة نوبل أنموذجا، حيث يكتسي شعر الغالبية العظمى من الفائزين بهذه الجائزة باللون الأبيض، مما يشير إلى أن الأمر لم يتعلق يوما ما بـ«العبقرة»، وأن كل ما في الحكاية «الكثير من العمل»!
بقلم: أيمن الجعفري