سأتكلم أنا وإياكم في هذا المقال، عن ذلك العظيم الذي حرَّمه الله على نفسه. وقد عنونته -كما رأيتم-: إياك والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. فنحن في زمن كثير من الناس جعل الحلال حرام والحرام حلال، والله المستعان. أمور مُسلَّم فيها في الشريعة الإسلامية أنها حرام قطعًا، ثم يأتي من يجادل ويقول: فيها خِلاف.
إن من أكبر تلك الأمور هو الظلم. وكلنا يعرف هذا المصطلح: الظلم.
ما معنى الظلم؟
الظلم في اللغة هو التعدي وأخذ حق الغير بغير وجه حق. وفي شرع الله وفي شرع محمد ﷺ الظلم هو: مجاوزة حد الشرع.
الله ﷻ جعل لهذه الشريعة الإسلامية العظيمة حدود، لا أحد يتعداها. ونبَّه ﷻ وحذر ثم حذر ثم حذر أن من يتعدى حدوده فلا يلومنّ إلا نفسه.
فهذا هو تعريف الظلم في الشرع كما قال العلماء، رحم الله الميت منهم وحفظ الحي.
آيات عن الظلم في القرآن الكريم
وكما نعلم جميعا في القرآن الكريم كم حذر الله ﷻ وذم الظلم وحذر منه، وأن عاقبة الظلم وخيمة وكبيرة في الدنيا قبل الآخرة.
فمن الآيات الكريمات:
- ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ ~ سورة البقرة – الآية ١٢٤.
- في سورة الشورى ﴿إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ ~ سورة الشورى – الآية ٤٠.
- ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ ~ سورة البقرة – الآية ٢٧٠. وفي نفس اللفظ في سور: آل عمران، المائدة.
- ﴿وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ~ سورة آل عمران – الآية ٨٦.
- ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ ~ سورة البقرة – الآية ٩٥.
- ﴿فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ~ سورة الأنعام – الآية ٦٨.
- ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾ ~ سورة آل عمران – الآية ١٥١.
- ﴿فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ ~ سورة البقرة – الآية ١٩٣.
- ﴿الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ ~ سورة الأنعام – الآية ٣٣.
- ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ~ سورة البقرة – الآية ٥٧.
- ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ ~ سورة البقرة – الآية ٥٩.
وغير ذلك من الآيات التي حذر الله ﷻ فيها من الظلم وعواقبه الوخيمة.
أحاديث عن الظلم في السنة النبوية
ثم لو أتينا للسنة النبوية التي تُعتبر وحي من الله ﷻ لكنها على لسان النبي ﷺ.
١. يقول النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه وهذا ما يسمى بالحديث القدسي «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا»؛ والحديث في صحيح مسلم.
ولو تفكرنا في معنى هذا الحديث، ووجدنا أن الله رب العالمين يُحرِّم على نفسه شيء، هذا شيء كبير جدا يدل على أن هذا المُحَرَّم خطير للغاية. لأن الله هو الرب، هو المتفرد ﷻ. لا يستطيع أحد أن يأمر الله بشيء أو أن يحرم على الله شيء. ولكن الله ﷻ حرم على نفسه هذا الظلم.
من كان له قلب وعقل فلا يقترف هذا الذنب العظيم، إذا عرف معنى هذا الحديث العظيم.
٢. ويقول النبي ﷺ «اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب». والحديث في صحيح البخاري. وفي لفظ في صحيح الترمذي «اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب». وكلنا نعرف من ظُلموا في هذه الدنيا وأخذ الله حقهم أضعافا مضاعفة.
فالظلم من أقبح الذنوب ومن أكبر الذنوب. وللأسف نجد من بعض الناس الآن من يقترف هذا الذنب بكل سهولة وجراءة على الله. وما يعلم المسكين أن الله ﷻ لو أراد لأخذه آخذة لا بعدها أخذة. ألم يقرأ في سيَر الأولين في هذا الكتاب الكريم وفيما أخبر به النبي ﷺ أن جميع الظالمين كان كانت عاقبتهم وخيمة، وسيئة، بلغت أعلى درجات الإساءة.
النبي ﷺ أمرنا جميعا بأن نتكاتف كإخوان مسلمين وألا نظلِم بعضنا بعضا. وحذَّرنا أيضًا من دعوة المظلوم -كما قرأنا قبل قبل قليل- وكثير من الأحاديث التي حذَّر فيها النبي ﷺ من هذا الذنب العظيم.
الظلم ظلمات يوم القيامة
وجعلنا لهذا الحديث الذي أتينا لم به من كتاب صحيح مسلم، والذي يقول فيه النبي ﷺ «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة». وهو حديث صحيح رواه الصحابي جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-.
ولعلَّكم تُدرِكون معنى هذا الوعيد الرهيب من رسول الله ﷺ للظالمين يوم القيامة.
فلنحذَر. فكل منا -لا شك- من ظلم أخيه بأي ظلم كان. أما بسَبّ أو شتم أو غيبة أو نميمة أو أخذ أرضه أو أخذ ما له. فالأجدر بك الآن أن تذهب إليه وتتسامح منه، قبل أن يأتي ذلك اليوم ثم لا رجعة فيه، ولا ينفعك فيه لا درهم ولا دينار.
من اليوم، ومن هذه اللحظة؛ اتصل عليه وقل له: سامحني.. قبل أن يداهمك الموت، ثم سيحاسبك الله ﷻ على كل كبيرة وصغيرة.
من هذه اللحظة أقول يجب علينا جميعا أن نتسامح وأن نطلب العفو ممن ظلمناهم ولو بكلمة. قبل أن ينتقم الله ﷻ منا شر انتقام.