يبقى الحديث عن فيروس كورونا أو COVID-19 مستمراً خاصةً حين يتعلق الأمر بالآثار السلبية المترتبة عليه.
بشكل مؤسف، قد لا يجد الكثير منا الآن سبلاً صحيحة في التعامل مع مثل هذه الأزمات المستجدة في عالمنا، ولكن يبقى الخيار الأمثل لكيفية التخفيف قدر الإمكان من تلك الآثار السلبية النفسية للفيروس هو ضرورة التحكم في مشاعرنا وسلوكيتنا قدر الإمكان خاصةً أمام الأطفال الصغار.
كيف يمكننا التعامل مع الضغط النفسي في ظل جائحة كورونا؟
تقول الدكتورة رانية عطا الله “أخصائية علم النفس” أن الجميع الآن يواجه ضغطاً نفسياً شديداَ نتيجة الظروف التي يمر بها العالم الآن بسبب فيروس كورونا والتي فرضت علينا البقاء في المنزل طوال الوقت مع تغيير كلي في طبيعة وروتين الحياة بشكل عام.
نتعرض للضغط النفسي بشكل عام بسبب عوامل خارجية وأخرى داخلية.
أما عن العوامل الخارجية فمنها الظروف التي نعيشها حالياً بسبب فيروس كورونا ونتائجه الوخيمة على حياة العالم أجمع، بينما العوامل الداخلية فتتمثل في كيفية تعاملنا الذاتي مع الظروف الخارجية الخارجة عن سيطرتنا.
مضيفةً: يشعر البعض بأنه غير مسيطر على حياته وأن الحياة هي ما تسيطر عليه، لكن يجب أن نؤمن بأن لدينا جميعاً الخيارات الكافية للخروج من هذا الضيق النفسي حتى وإن كانت تلك الخيارات جميعها غير متاحة لنا في كل الأوقات.
على سبيل المثال، هناك قلة من الناس قادرة على التعامل مع الأوضاع الحالية التي يمر بها العالم أكثر من فئة أخرى، وما يميز هذه الفئة عن غيرها من الفئات هو عامل الوعي الذاتي بحدود المشكلة التي نواجهها.
يجب الوقوف على الشعور الصحيح الذي نشعر به في تلك الأيام سواء كان شعوراً بالحزن، أو الخوف من الأيام ونتائج كورونا الاجتماعية والاقتصادية علينا، أو الخوف من الإصابة بالفيروس، أو الشعور بالغضب أو غيره.
هذا الفهم الصحيح للشعور الذي ينتابنا يجعلنا نتعامل معه بصورة صحيحة وبوعي كامل، ومن ثم يتغير سلوكنا للطريقة المثلى التي نبتغيها جميعاً عند التعامل مع مثل هذه الأزمات والكوارث الصحية التي استجدت علينا.
سُبل الحد من سيطرة الخوف الزائد علينا من جائحة كورونا
يعتبر الشعور السائد والمسيطر على أغلبية الأشخاص حول العالم الآن هو شعور الخوف نتيجة عدة أسباب من بينها:
- الخوف من الوباء والإصابة بالمرض.
- الخوف من الانحباس بالمنزل بدون أي منفس للأطفال.
- الخوف من إلغاء الدراسة وعدم التحصيل من المواد الأساسية هذه السنة.
- الخوف من المجهول.
- الخوف من المستقبل الاقتصادي للفرد والمجتمع.
لذلك، يجب علينا معرفة أن الخوف في مثل هذه الظروف رغم أنه مزعج وغير مريح للجسم يعتبر شعور طبيعي وبمحله، بينما غياب هذا الشعور بالخوف هو أمر غير طبيعي في مثل هذه الظروف، لأن الخوف يخدم غرض مهم وهو تحفيز الإنسان على حماية نفسه من كافة المخاطر التي هو بصدد مواجهتها طوال الوقت، ومن ثم يتجه الكثير منا نتيجة الشعور بالخوف إلى اتباع الإجراءات الوقاية الصحية كارتداء القفازات والكمامات، وغسل الأيدي بصفة مستمرة، والالتزام بالمنزل، وعدم مصافحة الغير، وأخذ مسافة متباعدة وكافية بيننا وبين الآخرين لتجنب الإصابة بعدوى كورونا، ومن ثم سيكون الخوف حينئذ بمثابة ردة فعل طبيعية لوضع غير طبيعي.
تابعت “عطا الله”: تكمن المشكلة الكبرى في زيادة الخوف عن حده وأن يتحول هذا الخوف إلى حالة من القلق أو الهلع الشديد عند الإنسان، لذلك رغم عدم وجود خيار بالخوف، إلا أنه يستوجب علينا عدم ترك هذا الشعور ليتوغل في أنفسنا ويزداد مع الوقت مسبباً حالة من الفزع أو الهلع الشديد التي لها آثار وخيمة على الإنسان فيما بعد.
كيف يمكن للأهل التعامل مع حالات الخوف عند الأطفال؟
يجب على الكبار كالآباء والأمهات أنه بطريقة تعاملهم هم أنفسهم مع مشاعرهم في هذه الآونة سيتحكمون بصورة لا إرادية وبشكل تلقائي في مشاعر أطفالهم وسيصبحون قدوة لهم، لذلك يجب التحكم في مشاعرنا طوال الوقت حتى نساعد أطفالنا في التحكم في شعور الخوف لديهم دون أن نؤثر عليهم سلباً بسبب أزمة كورونا الحالية.
فضلاً عن ذلك، من الضروري أن نعطي أطفالنا فرصة للتعبير عن مشاعرهم سواء شعور الخوف أو القلق أو الحزن أو غيرها من المشاعر، لأنه في حالة عدم تعبير الطفل عن مشاعره عن طريق الكلام فإنه سيقوم بالتعبير عنها بالسلوك، وهو الأمر الأخطر والمتعب لنفسه وللآخرين من حوله، ولكن الحديث مع الطفل عن هذه الأزمة الصحية التي يحياها العالم أجمع بشكل مدروس ومتقَن سيساهم بشكل كبير في التخفيف من هذه المشاعر السلبية التي تنتابه، علاوةً على أهمية طمأنة الطفل قدر المستطاع في اجتياز العالم هذه الأزمة قريباً مع احتضانه جسدياً حتى يشعر بالأمان الجسدي.
وختاماً، إنني أنصح الجميع بضرورة الوقوف على الخيار الصحيح في كيفية التعامل أو التحكم في مشاعرهم حيال هذه الأزمة الصحية التي تجتاح العالم بأسره الآن، ومن ثم سنتمكن جميعاً من تقبُّل هذه الأزمة والتعامل معها بالطريقة المثلى قدر المستطاع.