أنواع الضغوطات النفسية التي قد يتعرض لها الأطفال
تقول الدكتورة “مها دبوس” أخصائية نفسية وأسرية: أن هناك عدة أنواع للضغوطات التي قد يتعرض لها الأطفال، ولكن هناك أنواع يطلق عليها “الضغوطات النفسية السامة”، والتي تعتبر أحد أنواع الضغوطات النفسية التي يتعرض لها الطفل نتيجة التجارب المؤلمة التي يمر بها والتي تؤثر على نفسيته لفترة طويلة قد تستمر لأسابيع، لأشهر، أو لسنوات. ومن أهم المظاهر التي تدل على إصابة الطفل بضغط نفسي سام هي مظاهر القلق والاكتئاب.
أما عن الأسباب، فهناك أسباب عديدة يمكن أن تؤدي إلى إصابة الطفل بمثل هذه الضغوطات، كالمشاكل الأسرية وعدم استقرار الجو الأسري والطلاق والانفصال كذلك والذي قد يؤدي في بعض الحالات إلى انفصال الطفل التام عن والديه، فقد يعيش الطفل مع جده أو جدته أو أحد أعمامه بعيداً عن والديه تماماً، أو الانفصال العاطفي كذلك، والذي يحدث عندما يعجز الوالدين عن التواصل العاطفي مع طفلهم الذي يكون في أمس الحاجة للقرب والتواصل النفسي، مما يؤدي إلى تمكن شعور الخوف من الطفل والذي يسبب الكثير من التغيرات النفسية والفسيولوجية.
وكذلك المدرسة، قد تشكل في بعض الأحيان مصدراً للضغوط النفسية سواء من حيث المناهج أو أساليب التعامل مع الطفل، كما في حالة نقله من مدرسة إلى أخرى فيؤدي ذلك إلى اضطراب علاقاته الاجتماعية.
كما أن لرسائل التخويف التي يستخدمها بعض الأهل مع أطفالهم في التربية تأثير سلبي كبير، والتي تولد شعوراً بالخوف لدى الطفل، فيؤدي ذلك إلى تعرضه للقلق والاكتئاب اللذان يعتبران من أهم مظاهر الضغط النفسي السام.
دور الأسرة في تحقيق الصحة النفسية للطفل
تبعاً للدراسات الأخيرة لجامعة هارفارد الأميركية والتي قد أجريت في كانون الثاني لعام ٢٠١٩، والتي تؤكد أن الأطفال الذين قد تعرضوا للضغط النفسي السام خاصة في عمر ٣-٥ سنوات، سيعانون من مشاكل بالدماغ خاصة بالناحية التعليمية والتحليلية فيما بعد، فالضغط النفسي السام لا يقل خطورة عن أي مرض معدي يتعرض له الطفل، فالضغط النفسي الذي يتعرض له الطفل يؤثر بشكل سلبي كبير على الأعصاب والجهاز المناعي.
لذلك توجه الدكتورة “مها” حديثها إلى الأهل، قائلة لهم بأن هذه الفترة العمرية للأطفال (بين ٣-٥ سنوات) تعتبر هي فترة استثمار بالنسبة لهم في صحة طفلهم النفسية، وذلك عن طريق توفير البيئة النفسية الصحية للطفل، بالاهتمام والأمان، والرعاية، وكذلك باستخدام أساليب هادئة، وبالتغذية الصحية السليمة.
ولا توجد أسرة خالية من المشاكل، ولكن المهم هنا هو ألا نشاركهم بمشكلاتنا، وكذلك عدم الانفصال العاطفي عنهم، فالتجاوب النفسي مع الطفل بالمشاركة الوجدانية، ومساعدة الطفل في التعبير عن مشاعره، واللعب معه من أهم أساليب التربية الصحية السليمة.
وللصدمات النفسية التي يمر بها الطفل تأثير سلبي كبير على صحته النفسية، وفي مثل تلك الحالات يجب أن نستخدم بعض العبارات التي تبث الطمأنينة في نفس الطفل؛ مثل “لا تقلق”، أو “لابد أن نكون أقوى ونواجه مثل هذه التجارب”، “أنت أقوى من هذه المشكلة”، “هناك أطفال يعانون مثلك من هذه المشاكل وأكبر لكن التحدي الأكبر هو أن تتجاوزها”.
أساليب تربوية تساعد الطفل في التعبير عن مشاعره
إن فهم طبيعة المشاعر والتعبير عنها من أهم طرق وقاية الأطفال من الضغط النفسي، ولترسيخ هذه المشاعر في نفس الطفل.
يمكن استخدام القصص وخاصة إذا كانت لها جانب نفسي أو تجربة شخصية لدى الأب مثلاً، باستخدام رسومات لوجوه ذات تعابير مختلفة لمعظم المشاعر، أو باستخدام الدمى. فمثل هذه الأساليب تجعل الطفل قادر على التعبير عن حالته المزاجية وعن مشاعره بشكل جيد.
مؤشرات الخطورة التي تنذر بإصابة الطفل بضغط نفسي سام
كما قد سبق الذكر بأن الفترة العمرية ما بين ٣-٥ سنوات هي الفترة المؤثرة في حياة الطفل النفسية، فهناك بعض العلامات التي يجب أن ينتبه لها الأهل بشكل واع مثل وجود أي اضطرابات جسمانية لدى الطفل كفقدان الشهية، أو التبول اللاإرادي، أو التلعثم والتهتهة في الكلام، أو أي مشاكل أخرى بالنطق.
وكذلك اضطرابات النوم كبكاء الطفل المتكرر قبل النوم، أو مص الأصبع أثناء فترة النوم، وكذلك تكرار الكوابيس والأحلام المزعجة. والتي يمكن أن يحد الأهل من اعراضها عن طريق قراءة بعض القصص قبل النوم والتي تعمل على استرخاءه بشكل كبير.