تقول السائِلة: ما يزعجني في علاقاتي الاجتماعية هو علاقتي مع صديقتي وأختي في الله، إذ تجمعني فيها علاقة محبة جميلة جدا ستدخل في عامها الخامس. ولكن حدثت أمور مؤخرا جعلت علاقتنا أشبه بـ”إدارة صراعات”.
نختلف على الصغيرة والكبيرة، لم يعد عندها القدرة على تحمل أي شيء مني، وتبدي ضيقها من كل شي.
مكثت أكثر من شهر وأنا أحاول أن أحتويها، لأني أعلم أن تغيرها هذا ليس معي فحسب، بل مع أغلب ممن حولها؛ ولكن في النهاية فاض كيلي. إذ أصبح ما يقارب ثلاث أرباع تواصلي معها يندرج إما تحت المسايرة أو المراضاة أو حتى البحث عن “الستيرة” لأتجنب زعلها وغضبها الذي لا ينتهي.
انفجرت فيها مؤخرا لأنني لم أعد أطيق هذا، وقد تقبلت على مضض ووعدتني أن تحاول أن تتغير.
احترمت تقبلها هذا ولكنه للأسف غير مقتنعة أنها ستتغير لأجلها هي، لا لأجلي أنا. فهذه الطباع دخيلة عليها ولم تكن من قبل.
محاولاتها لأن تتغير “كرمالي” أدخلنا في دائرة أخرى من التوتر، أصبح التواصل بيننا كالوتر المشدود.
أتدرك كيف أن شخص ما رسم لغيره معالم معينة على الطريق وحذره أن لا يسير إلا وفقها وإلا سيقع في حفر لها أول وليس لها آخر! هذا بالضبط ما حدث معها. أصبحت تتعامل معي بحذر، ولا تبالي إن كانت تبتسم في وجهي أو تشعر بحالي. مع أنني لم أفرض عليها هذه الطريق ولكنها اعتقدت أنها الحل.
لا أدري كيف نخرج من هذه الدوامة، وما السبيل الأمثل لحل خلافاتنا بدون أن تؤثر على الصفاء الذي بيننا. بل وحتى على السلام الداخلي لكلانا.
أرجو الرد.. ومعذرة على الإطالة.
⇐ يقول –المستشار المغربي والخبير في المجال الأسري والتربوي– الناجي الأمجد: أختي الكريمة السلام عليك؛ ما يثلج الصدر هو هذه المعاني الرائعة التي ضمنتها من خلال رسالتك للفعل الصداقاتي وللأخوة التي تنحتين معالمها مع أختك في الله.
وما يثلج الصدر أيضا هو أنك تسلكين مسلكا تعبديا وأنت تحاولين تدبير هذا الخلاف بينكما خصوصا لما قلت (الوتر المشدود).
فلتعلمي أن التركيز على صديق واحد في الحياة قد يسبب بعض الصدمات أو الانتكاسات خصوصا مع الذين يريدون أن يكون الصديق نسخة طبق الأصل لميولاتهم ولسلوكاتهم. فتحديد الهدف من الصداقة أمر جد مهم لما ينطلق الإنسان في تشييد هذه الأواصر وربطها برضى الله عزوجل أولا وتحقيق أفق انتظار شخصي ثانيا.
أختي الكريمة: يبدو أن افق انتظارك كان واسعا جدا وانت تطلبين من هذه الصديقة أن تكون كما تريدين انت وفي هذا نوع من الأنانية واستصغار لوجود الآخر ولكيان الآخر ثم نوع من الكسل في الاجتهاد من أجل تطوير هذه الصداقة.
إن الصداقة جهد متواصل بين الطرفين، أخذ وعطاء، نصح واستنصاح، وتكامل في الأدوار وما حصل بينكما هو انكفاء جهة على الأخرى وبالطبع ستكون النتيجة بداية انسلال عن المشهد دون الوقوع في خسائر جسيمة.
لو عرفت أن بداية نجاحك ستكون بالتغاضي عن الخطأ وغض الطرف ما أمكن والمبادرة بالإيجابية نحو صديقتك والتماس الأعذار لها ومبادرتها بالتحدث عن الوجه المشرق في سلوكها لوجدت أنها ستقبل عليك وسترتاح لصحبتك.
إن النصيحة سلاح ذو حدين ولكن أروع نصيحة هي ما لم يتكرر وهي مالم يسل أي قطرة من الدم أو دمعة من الدموع أمام الملأ، بابتسامتك أنت وبعيونك المتسامحة أنت وبإقبالك أنت سيتم ترميم هذا الخيط الرفيع الذي بدأ يتمزق.
أتمنى لك ولصديقتك عودة رائعة..
⇐ ثم أدعوكِ لمطالعة مقترحاتي، علَّها تنفعك: