عبد الله بن ياسين: مؤسس حركة المرابطين وباعث الإسلام الصحيح في الصحراء الكبرى

عبد الله بن ياسين: مؤسس حركة المرابطين وباعث الإسلام الصحيح في الصحراء الكبرى

لا يوجد تاريخ محدد على وجه الدقة الميلاد الشيخ عبد الله بن ياسين، ولكن الراجح ميلاده بمطلع القرن الخامس الهجري وهو داعية ومجاهد وفقيه مغربي، ومن علماء المذهب المالكي، ومن زعماء الإصلاح الإسلامي، جدد الإسلام بإفريقيا ووضع الأسس الأولى لدولة المرابطين في المغرب الأقصى.

فبالرغم من دخول القبائل البربرية في الإسلام منذ فجر الفتوحات الإسلامية فإن الإسلام الصحيح -ومع مرور الزمن- ضاع بينهم، وأخذوا يبتعدون عن الدين الصحيح، فأراد شيخ منهم يُدعى: يحيى بن إبراهيم الجدالي أن يصلح حال قبيلته فقرر الذهاب لأداء فريضة الحج، وفي عودته ذهب إلى مدينة القيروان بتونس يطلب المساعدة من شيوخها؛ لكي يعيد قبائل صنهاجة البربرية إلى طريق الإسلام الصحيح، فاختاروا له رجلا من البربر اسمه الشيخ عبد الله بن ياسين الذي كان قد رحل في شبابه إلى الأندلس في أوائل القرن الخامس الهجري في عهد ملوك الطوائف وأقام بقرطبة سبع سنين واجتهد في تحصيل العلوم الإسلامية.

رحل الشيخ عبد الله بن ياسين، وترك خلفه ماله وأهله – إلى قبيلة يحيى بن إبراهيم الجدالي في قلب الصحراء الموريتانية القاحلة، وبعد أن مكث معهم فترة يدعوهم إلى ترك المعاصي ويشرح لهم العقيدة الإسلامية الصحيحة، طلب منه الناس أن يتركهم على حالهم وأن يعود لبلده ولكن الشيخ عبد الله بن ياسين رفض العودة وأصر على البقاء ليدعو الناس إلى طريق الحق فحرق الناس بيته، وطردوه خارج القبيلة، فأصبح طريدًا في صحراء موريتانيا، ولكنه أصر على الاستمرار في دعوته، فبدلا من أن يرجع إلى أهله اتجه جنوبا إلى أدغال أفريقيا ليعبر نهر السنغال وهناك في جزيرة منعزلة أقام خيمة ورابط فيها؛ فكانت خيمة الرباط الأولى، ثم بعث رسالة إلى أهل البربر يخبرهم فيها بأنه من أراد تعلم دين الله فليأته في رباطه في أرض السنغال، فهب إليه خمسة من شباب البربر، فأخذ الشيخ يعلمهم معنى التوحيد، فاقتنع الشباب الخمسة بدعوة الشيخ، فذهبوا إلى وطنهم، وأحضروا عائلاتهم ونصبوا خيامهم حول خيمته؛ فسموا بالمرابطين.

وبعد مرور أربعة أعوام صار بين يدي الشيخ عبد الله بن ياسين ألف رجل من المرابطين وفتح الله على دعوة الشيخ عبد الله بن ياسين بدخول زعيم قبيلة بربرية قوية اسمها (لمتونة) في الإسلام الصحيح ويُدعى هذا الرجل يحيى بن عمر اللمتوني، ودخل معه رجال قبيلته وعددهم سبعة آلاف رجل في جماعة المرابطين، وأصبح عدد المرابطين اثني عشر ألفا، ونشر ابن ياسين المرابطين بين القبائل البربرية يدعونهم إلى دين الله الصحيح وبعد فتره قصيرة توفي زعيم القبيلة يحيى بن عمر اللمتوني، وتولى زعامة قبيلة لمتونة من بعده شقيقه أبو بكر بن عمر اللمتوني، والذي استمر في تأييد الشيخ عبد الله بن ياسين.

وبينما الشيخ عبد الله بن ياسين ينشر دعوته أغارت قبيلة من القبائل المبتدعة الرافضة لدعوته على الشيخ ومن معه من المرابطين فطلب المرابطون منه أن يبقى في خيمته، إلا أن الشيخ عبد الله بن ياسين رفض الاستسلام، وقال: إني لأرجو أن يرزقني الله الشهادة، فإذا قتلت فادفنوني في نفس المكان الذي استشهد فيه. وفعلا استشهد في هذه المعركة عام 451هـ – 1059م، بعد 11 عاما مرت منذ خروجه من منزله إلى الصحراء القاحلة لإصلاح الدين في القبائل، وقد حمل تلاميذه لواء الدعوة من بعده حتى صارت جماعة المرابطين أكبر إمبراطورية عرفتها إفريقيا وأوروبا، وبسطت نفوذها على كل المغرب العربي بدءًا من تونس وحتى الجابون في وسط أفريقيا.

أضف تعليق

error: