قَبل أن نخوض في حديثنا حول تعريف الشعر النبطي وبيان خصائصه وإيضاح أهميته والتطرّق إلى الانتقادات التي طالته؛ ندعوك لتقرأ هذه الأبيات لتبدأ معنا بعقلٍ ناضِج ذاق بعضًا مما سنتحدَّث عنه:
غربت غالب ومن يبغي الغلا غرب
ومن كان سامي سما للمركز السامي
واللي يبي ونعم لازم لاجلها يتعب
واليوم له مجد وانسى مجدك العامي
ما بين سِبْع فْ عَرينه وْسِبْع مِتْخَضبْ
بالدمْ فَرْقٍ يدِلّكْ نابه الدامي
هذه أبيات للشاعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهي أبيات شعرية من الشعر العربي المنتشر في المنطقة العربية خاصة في الخليج العربي، والذي يعد من الفنون الأدبية الشعبية التي لها مكانة كبيرة في نفوس الناس في هذه المنطقة، وهذا هو الشعر النبطي.
ما هو الشعر النبطي؟
الشعر النبطي من الفنون الأدبية الشعبية في منطقة الخليج العربي، ويحظى باهتمام الناس في هذه المنطقة؛ حيث يُلقونه في مختلف المناسبات.
لماذا سُمي بالشعر النبطي رغم كتابته باللغة العربية؟
هُناك أسباب كثيرة تُحكى بسبب تسمية الناس لهذا النوع من الشعر بالشعر النبطي، وهو شعر سُمي بهذا الاسم نسبة إلى قوم يعرفون بالأنباط.
بدايات ظهور الشعر النبطي
هُناك مجموعة من الباحثين يقولون بأن الشعر النبطي بدأ مع اتساع الفتوحات الإسلامية، ودخول عناصر من بلدان أخرى غير عربية إلى الإسلام، فاختلطت الألسن، وغلب اللسان الأعجمي؛ وكثرة الأخطاء في اللغة العربية.
الآن؛ وبعد هذه المعلومات الموجَزة عن هذا النَّوع من الشِّعر، ندعوك لتقرأ عن كثب حول خصائصه وأهميته، والانتقادات التي طالته.. تابِع القراءة.
خصائص الشعر النبطي
الشعر النبطي يختلف عن الشعر الفصيح؛ لأن له طريقة خاصة في الإلقاء لا تعتمد على قواعد النحو، فهو لا يمكن إلقاؤه بالفصحى وإلا اختل الوزن.
فمثلاً هناك حروف في بداية الكلام ساكنة على خلاف المتعارف من أن اللغة العربية لا تبتدأ بساكن وإنما تنتهي بالسكون.
وهناك كثيراً من التحريف والتصحيف في كثير من مواضعهِ. بجانب بعض الكلمات التي قد أخذت على سبيل المجاز من الفصحى وبعضها يعكس عكس معناه في الفصحى.
مثلاً كلمة “نَضْوْ” التي تعنى في الفصحى: (المهزول من الإبل)، فعند أهل النبط (القوي المسبوق من الإبل).
وكلمة “العِيْسْ” أُخذت على سبيل المجاز، فالعيسُ بالفصحى تعني (الإبل الأبيض)، أما عند شعراء النبط فتعني (الإبل بجميع أنواعها).
وهذا يعني أن شعراء النبط كانوا يقتفون آثار الشعراء الفصيحين وينسجون على منوالهم.
فالكثير من شعراء النبط اقتفوا أثر شعراء الفصحى في أشعارهم ونسجوا على منوالهم، كما ورد عند قول الشاعر محمد بن لعبون:
ضحكتي بينهم وأنا رضيع
ما سوت بكيتي يوم الوداع
يُحاكي قول أبي العلاء المعري:
إن حزناً في ساعة الموتِ أضعا
فُ سرورٍ في ساعةِ الميلادِ
ليس هُناك اختلاف في أغراض الشعر بين الشعر النبطي والشعر الفصيح، فقد نظم شعراء النبط كافة المواضيع والأغراض التي تركها شعراء الفصحى من وصف ومدح ورثاء وذكر الأطلال والنصائح، والأمثالِ والحكم.
لكنهم ابتكروا شيئاً جديداً سمّوه (المداعبات) أو (الردّيات)، وبعضهم يسميه: (المُشاكاة).
انتقادات الشعر النبطي
لقد تعرض الشعر النبطي لمجموعة من الانتقادات بخصوص إن هذا الأمر قد يُضعف اللغة العربية، ويؤثر عليها بشكل سلبي، بالإضافة إلى نشر اللغة العامية.
ولكن هناك من يُناصر ويدافع عن الشعر النبطي، فمنهم من يرى أن الشعر النبطي لا خوف منه على اللغة العربية وأن التغيير اللغوي ليس فساداً في اللغة بل هو ضرورة تفرضها تطورات المجتمعات.
أهمية الشعر النبطي
تكمنُ أهمية الشعر النبطي بأنه مصدر أساسي من مصادر تاريخ الجزيرة العربية والخليج العربي، كما أنه شارك مثل بقية الآداب المكتوبة في دعم مقاومة شعوب المنطقة العربية ضد الاستعمار الغربي برفع روح التنافس والتحرر و مناهضة الظلم.