حديثنا اليوم عن الشخصية الانتقادية، فدائمًا ما نتعرض للنقد في حياتنا اليومية بشكل دائم من الأشخاص من حولنا، وهذا أمر يعتبر طبيعي؛ فكثيرًا ما ينتقد الأهل أبنائهم من أجل تعديل سلوكهم أو ما شابه ذلك.
ولكن على الجانب الآخر هناك بعض الأشخاص يحاولون انتقاد الآخرين من أجل الانتقاد وتصحيح العيوب فقط أو لتعويض النقص الموجود بداخلهم، وهذا بالفعل يؤثر على حياة الشخص المتعرض للانتقاد وعلى مستقبله.
ولكن إذا أراد أحد الأشخاص توجيه النقد لشخص ما على سلوك خاطئ قام به فيجب أن يكون هذا الانتقاد بصورة إيجابية وبأسلوب لطيف وودي.
الشخصية الانتقادية وصفاتها
يقول الأستاذ “عبد الله درويش”، مدرب تنمية بشرية، أن الشخصية الانتقادية تنقسم إلى عدة أقسام؛ فهناك شخصية لديها حب التصحيح والتوجيه، وذلك قد يكون من أجل الحرص على الوصول للنتائج الإيجابية، أو قد تكون بسبب وجود نقص داخل الإنسان بسبب مروره بتجارب سلبية؛ فالإنسان الفاشل مثلًا بدلًا من أن يقوم بالتركيز على نفسه والتطوير منها حتى يصبح ناجح فإنه يقوم بانتقاد الإنسان الناجح للتثبيط من عزيمته، وذلك بسبب وجود مشكلة داخلية لديه وليس مشكلة مع الطرف الذي يقوم بانتقاده. ولكنه يود أن يظهر أمام الناس في شخصية حريصة على الناس وشخصية ناصحة.
أما بالنسبة للنقد الإيجابي فإنه يكون من شخص مُربي ومسؤول، أو بمعنى آخر فإنه يقوم بالنقد من أجل مصلحة الطرف الآخر والحرص عليه، ولكن هذا النقد الإيجابي حتى يتم فإنه لابد أن يتم بأسلوب وطريقة صحيحة.
تابع أ. “عبد الله”، أن النقد يتحول إلى أمر غير مقبول إذا قام الإنسان بالتدخل في شؤون الآخرين، أو إذا كان هذا الانتقاد موجه للشخص نفسه وليس للسلوك الذي قام به، أو إذا كان الانتقاد بغرض الانتقاد فقط وليس له سبب واضح، وبالتالي فإن الإنسان إذا تعرض للنقد وقام أحد الأشخاص بتوجيه التهم إليه بدلًا من انتقاد السلوك نفسه، فإن الأمر يتحول إلى دفاع عن النفس ويكون انتقاد غير مقبول.
كما أضاف الأستاذ “عبد الله” أن الانتقاد إذا كان أمام الناس فإنه يصبح انتقاد غير مقبول؛ فإذا تصرف الإنسان سلوك خاطئ فإنه قد يشعر بخطأه، ولكن إذا قام أحد بانتقاده أمام الآخرين بشكل سلبي فإنه لن يتقبل أبدًا هذا الانتقاد. ولهذا السبب إذا أراد أحد المسؤولين تعديل سلوك معين في أحد الموظفين فإنه ينصح الشخص ويتحدث معه بطريقة وديه لطيفة بعيدًا عن الآخرين، وذلك من أجل الحفاظ على شخصية هذا الشخص وحفظ مكانته بين الآخرين.
يؤكد أ. “درويش” أن الإنسان إذا قام بعرض نفسه وعرض أعماله للآخرين فلا بد وأن يتقبل انتقادهم. ولكن قبل أن يقوم أي إنسان بانتقاد إنسان آخر فإنه يجب أن يسأل نفسه إذا كان سوف يتقبل هذا النقد على نفسه أم لا، إضافة إلى ذلك فإنه قبل توجيه الانتقاد للشخص في مجال ما فيجب أن يكون الشخص الذي يقوم بالانتقاد متخصص في هذا المجال. وتابع: هناك فئة من الأشخاص يقومون بانتقاد شخص لمجرد أن هذا الشخص تعرض للانتقاد من الآخرين، وهذه تعتبر من أسوء الفئات التي تقوم بالنقض.
ينصح أ. “درويش” عند تقديم انتقاد للآخرين فإن يجب أن يكون هناك أسلوب محدد للانتقاد، وهو أن تقوم بتقديم الشكر أولًا لهذا الشخص على الجزء الصحيح والمفيد الذي قام بتقديمه ومن ثم نقد الجزء الغير صحيح بأسلوب لطيف وودي مع ذِكر الأدلة لهذا الكلام، ثم إعادة شكر هذا الشخص على اجتهاده، وبذلك يمكن توصيل الفكرة بدون انتقاد الشخص نفسه مع الإثبات بالدليل والحفاظ على المكانة لهذا الشخص.
وندعوك أيضًا هنا لتقرأ عن الشخصية المزاجية – الفوضوية – القيادية – الانفعالية .. عن كثب.
كيف يؤثر الانتقاد على الطفل؟
من الجدير بالذكر أن مشكلة توجيه الانتقاد من الأهل للأبناء هي مشكلة كبيرة يصعب على الطفل تحملها، إضافة لذلك فإن هذا الانتقادات تسبب تعب للطفل، كما أن الطفل يقوم بالفصل بين السماع لكلام الأهل وبين الشعور بالأمان والخوف، وعليه فإن الطفل لا يستطيع تقبل هذا النقد أو فهمه، ولكنه بدلًا من ذلك يمتلكه شعور الخوف من الضرب أو السب أو الحرمان من اللعب وبالتالي يفقد الشعور بالأمان.
أردف أ. “عبد الله”، يجب على ولي الأمر دائمًا أن يُشعر الطفل بمدى حبه له وتقديره، وإذا قام الطفل بأي سلوك سلبي فيجب على الأب أن ينتقد هذا السلوك بأسلوب هادئ بدلًا من انتقاد الطفل نفسه، وإقناع الطفل بأن هذا الانتقاد لا يعني أبدًا أن الأب لا يحبه وإنما هو يحبه وينتقده من أجل مصلحته.
من المعروف أن وسائل التواصل الاجتماعي قد ساعدت الناس في تقديم نصائحهم أو تقديم المعلومات خلال 10 ثواني، وذلك يعتبر أمر جيد فبدلًا من تقديم نصيحة خلال ساعة وإعادة الحديث وتقديم الانتقادات يمكن تقديم النصيحة بشكل مبسط في 10 ثواني.
ختامًا، يقول الأستاذ “درويش” أن الأطفال بشكل عام جميع مشاعرهم تكون حقيقية؛ فإذا أخبر الأب الطفل أنه لا يحبه فإن الطفل يصبح لديه اعتقاد تام بأن والده لا يحبه، ولذلك يجب أن يراعي الأهل هذه المشاعر لدى الطفل وألا ينتقد الطفل بشكل سلبي بصورة دائمة.