السيدة سارة أم سيدنا إسحاق (عليه السلام)

السيدة سارة أم سيدنا إسحاق (عليه السلام)

كانت السيدة سارة بنت هاران مؤمنة عابدة تقية نقية، أحبها أبو الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) حبًا شديدًا لدينها وقرابتها منه، فهي أول من آمن به وبدعوته حين بعثه الله ﷻ هاديًا لقومه.

كانت السيدة سارة زوجة الخليل إبراهيم (عليه السلام) امرأة عاقرا؛ أي لا تحمل ولا تنجب، وظلت بعد زواجها من الخليل إبراهيم سنوات طويلة تتمنى أن تنجب له ولدًا، ولكن إرادة الله قضت بغير ذلك، فشعرت السيدة سارة بالحزن والقلق؛ لأنها لم تنجب ابنا يكون سندا لها ولزوجها ويدخل السرور إلى قلبيهما.

كان إبراهيم (عليه السلام) شغوفًا بأن يكون له ولد، وكانت سارة تعلم بأنها عاقر، ولن يكون الإبراهيم (عليه السلام) ولد منها، ولما رأت مدى شوقه للولد حيث كان يدعو الله ﷻ كثيرًا أن يرزقه بالذرية الصالحة اقترحت عليه السيدة سارة أن يتزوج من السيدة هاجر المصرية التي كانت قد أهديت إليها، لعل الله أن يرزقه منها الولد الذي يتمناه ويشتاق قلبه إليه، ففعل ذلك إبراهيم (عليه السلام) وتزوج من السيدة هاجر، ورزقه الله منها بابنه إسماعيل (عليه السلام).

مضت السنوات حتى بلغت السيدة سارة من الكبر عتيا، إلا أن مشيئة الله وقدرته لا يعلوها شيء، فقد شاء الله للسيدة سارة أن تنجب رغم بلوغها هذه السن الكبيرة التي يصعب أن تنجب فيها المرأة، ولكن إرادة الله لا يعجزها شيء، فقد بشر الله نبيه إبراهيم (عليه السلام) بأن زوجته سارة ستنجب ولدا اسمه إسحاق، وأرسل إليه وفدا من الملائكة على صورة بشر ليبلغوه هذه البشرى العجيبة والمعجزة الكبيرة، ولما سمعت السيدة سارة حديث الملائكة مع إبراهيم اندهشت كيف تنجب وهي عجوز عقيم؟

وقد حكى القرآن الكريم هذا الموقف بقوله ﷻ: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشِّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْئًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾.

فكان جزاء الله ﷻ للسيدة سارة على صبرها وإيمانها عظيمًا، فلم يقتصر على المعجزة التي تحققت بأن تلد في هذه السن الكبيرة وهي عاقر وزوجها شيخ كبير؛ بل جعلها الله أما للأنبياء، فهي أم نبي الله إسحاق، وهو والد نبي الله يعقوب عالم الذي ينحدر من نسله أنبياء بني إسرائيل جميعًا.

أضف تعليق

error: