“مايكوب” تعني باللغة الأديغية “سهل التفاح”، ومدينة “مايكوب” هي عاصمة وأكبر مدن جمهورية “أديغيا” ذات الحكم الذاتي في الإتحاد الفيدرالي الروسي والتي تعتبر واحدة من الجمهوريات الشركسية، وتقع مدينة “مايكوب” على الضفة اليمنى لنهر “بيلايا” أحد روافد نهر “الكوبان”، وتبعد عن العاصمة “موسكو” مسافة 1600 كم إلى الجنوب، ويسكنها تقريبًا 145 ألف نسمة. وكما أن تسمية المدينة جميلة، فهي أيضًا تعكس واقعًا ملموسًا فيها حيث الجمال والطبيعة المحيطة الخلابة، فالمدينة دون مبالغة غارقة في الخضرة والزهور.
تأسست مدينة “مايكوب” في العام 1857م كقلعة روسية ضمن أراضي الأديغية في أواخر حرب القوقاز، وهذا لا ينفي أن موقع القلعة كان بالأساس مأهولًا بالسكان منذ أكثر من 5000 عام، وهذا ما دلَّت عليه الحفريات الأثرية المنفذة في عام 1897 م والتي أدت إلى إكتشاف مقبرة غنية لسلالة رئيس القبيلة يعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، كما عُثر أيضًا على الكثير من التحف المصنوعة من الذهب والفضة، ومع حلول السلام في المنطقة وإنتهاء حرب القوقاز تطورت المدينة تجاريًا وصناعيًا، وفي نهاية القرن التاسع عشر أخذت المدينة شكلًا حضاريًا وأصبحت تضم العديد من المنازل الحجرية والخشبية والكنائس ومعبد يهودي ومسجد ومدارس حكومية للبنين والبنات وأخرى أهلية، كما ضمت أكثر من 112 مصنع عامل ومكتبة عامة واحدة، ولما اكتُشف فيها النفط عام 1909م ازدادت أهمية المدينة وأُسست فيها شبكة للهاتف عام 1910 ورُبطت مع المدن الكبرى بخط للسكك الحديدية عام 1912م.
ولما قامت الثورة البلشفية عام 1917م لم تتبع المدينة وجمهورية “أديغيا” قيادات الثورة وبقيت المدينة تحت سيطرة قوات الحرس الأبيض بقيادة الجنرال “دينيكين” وقوات “قوزاق كوبان” بل وظلت هذه القوات تقاوم الثورة حتى عام 1920م، ومن هنا بدأ تأسيس جمهورية “أديغيا” بحكم ذاتي مستقل، هذا الإستقلال النوعي كان له التأثير الأعظم في التطور الثقافي واللغوي الشركسي، حيث عاد الشركس يستعملون الأبجدية العربية مرة أخرى وبدأوا في إصدار مطبوعات بلغتهم الأم، وفي العام 1936 دُمجت مدينة “مايكوب” مع المناطق المحيطة في منطقة “أديغيا” وأصبحت المركز الإداري للجمهورية الجديدة، وإبان سنوات الحرب العالمية الثانية (1941 – 1945) تراجع كل شيء على عقبيه في ستة أشهر فقط واحتل “الفيرماخت” (القوة العسكرية الأكبر للألمان) المدينة منذ أغسطس 1942م حتى يناير 1943، إلا أنه سريعًا ما حررها الجيش الأحمر.
ورغم كونها واقعيًا جمهورية سوفيتية مستقلة منذ أبد الآبدين إلا أن هذا لم يُقر في الأوراق الحكومية إلا في عام 1991م حين وافق مجلس نواب الشعب لروسيا السوفيتية على ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أنه في العام 1998م عاد حوالي 200 شخص من شراكسة كوسوفو إلى “مايكوب” إثر حرب كوسوفو، وكان ذلك ضمن قانون العودة للشتات الشركسي.
وسياحيًا تعد مدينة “مايكوب” واحدة من أجمل المدن في منطقة شمال القوقاز، وتتميز بشوارعها الواسعة التي تصطف الأشجار الخضراء على جانبيها وفي ميادينها، كما أنها تتميز بمناخها المعتدل حيث درجات الحرارة التي تتراوح بين نصف درجة مئوية تحت الصفر في ذروة الشتاء و23 درجة مئوية في ذروة الصيف، وأبرز المزارات السياحية في مدينة “مايكوب”:
متحف الفن والثقافة
تأسس بأوامر من الإمبراطورة “كاثرين العظمى” في العام 1764م، ويضم العديد من الحفريات الأثرية التي تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، كما يحتوي على بعض الآثار التي تعود إلى العصر البرونزي، هذا إلى جانب بعض السفن الثمينة.
نُصب دروجبا
ويقع بالقرب من ساحة “دروجبا”، وهو عبارة عن منحوتة مخصصة لجبن “دروجبا” الذي يرمز إلى أحد صناعات المدينة التي تغزو الأسواق العالمية لجودتها، والمنحوتة عبارة عن شخصيتين يحتضنان بعضهما البعض ويحملان الجبن بين أيديهما.
محمية قوقازية
تقع في أعالي “بيليايف”، وتعود تاريخيًا إلى العام 1924م، وتقع معظم أجزاءها في أراضي جمهورية أديغيا.
المتحف الوطني
ويضم مجموعات متنوعة من الفنون والحرف الشعبية، ومن بينها مجموعات فريدة من أعمال الخياطة والقطع النقدية الفضية والخناجر.
متحف الدولة للفنون الشرقية
يقع المتحف في واحد من أجمل المباني في المدينة، ويحتوي على معرض مثير للإهتمام مخصص للثقافة الأديغية، كما يحتوي على بعض اللوحات الفنية للفنانين المحليين.
المسرح الوطني
وهو أحد المسارح التاريخية، ويُعرض فيه الكثير من العروض الفنية والثقافية المحلية.