هي كذلك؛ مع الصور الجميلة هذِه؛ لدينا خطى حثيثة نحو التطور في مُقتبل السنة الجديدة 2023 التي نتمنَّاها دومًا أن تأتينا في ثوب النجاح والتحفيز. ما رأيك أن نصحبك في مقال مُمَيَّز أدناه؟
مسار عامنا الجديد
كلما مضى عامٌ وأقبل علينا آخر يجب أن نتوقف ونحمد الله أن مد في أعمارنا، ومنحنا فرصة جديدة للحياة، وفرصة جديدة للحياة تعني فرصة جديدة للتوبة والعودة إلى رحاب الله، فرصة جديدة لتثقل ميزان حسناتك ولتتدارك كل تقصير حدث منك، فرصة لتصالح نفسك وتصالح الحياة من حولك، فرصة للنضج، والتطور والوعي، فرصة ذهبية لتعمر ما تبقى من حياتك، وتعمر آخرتك بتوبة نصوح وعمل صالح وصدقة خالصة أو قضاء حاجة لمضطر أو ملهوف.
لأجل ذلك وأكثر ينبغي أن نحمد الله ونشكره على استمرار المسيرة وأن أذن لنا بالبقاء، وأن نجعل من تلك المنحة ثروة حقيقية وكنز غال بحسن الاستثمار، والتعامل.
فلو أن أحد أهدى إلي شخص ما مليون جنيهًا لانطلق لسانه يلهج بالشكر والمدح والثناء الحسن ولأستقطع جزءً كبيرًا من الوقت فقط ليفكر كيف يحسن استثمارها وكيف يحقق أقصى استفادة منها، وهكذا أيام العام الجديد ٢٠٢٣ ولحظاته هي كنز ثمين وثروة طائلة يجب أن نخطط لاستثمارها ونفكر في قضائها في ما يسعدنا ويقربنا من الله، ويدنينا من غاياتنا النبيلة في الدنيا والآخرة. بالإضافة إلى مجموعة من أجمل صور 2023 للتهنئة وتبادل التهاني ورسائل التحفيز والأمل والمعايدات، هي بمثابة بطاقات معايدة، صورة للملف الشخصي، خلفيات جميلة للسنة الجديدة وليلة رأس السنة الميلادية.
لم يبق الكثير على حلول السنة الجديدة 2023، فيجدر بنا أن نتعلم ما يعزز قدراتنا ويجعل واقعنا أفضل، وأن نطور أنفسنا في كل اتجاه، وهنا سيدور حديثنا حول كل ما من شأنه أن يعيننا على التغير نحو الأفضل، وجعل عامنا القادم أجمل وأسعد بإذن الله، قد تكون النصائح أو الأفكار مختلفة أو متفرقة، ولكن هذا لأننا مختلفون ونقاط ضعفنا مختلفة، وما نحتاجه لإصلاح أنفسنا أيضًا مختلفًا، فليأخذ كل منا ما يناسبه ويصلح معه حاله، ويتحقق معه منفعته.
وقد طرقنا كل الأبواب التي يمكن أن يختبئ خلفها الخير لنا، بأسلوب بسيط وواضح، يغلفه الحب في الله والنصيحة الصادقة الخالصة لله، والحرص على أن تكون كلماتنا ماتعة نافعة صالحة مصلحة، فنسأل الله التوفيق والسداد وأن ينفعنا وينفع بنا، ويهدينا ويهد بنا ويجعلنا من عباده الصالحين، فهو ولي ذلك والقادر عليه.
ولو استعرضنا كل النصائح والأفكار التي تصلح حالنا وتجعلنا أسعد وأفضل مما مضى لوجدناها كثيرة واسعة، لا حصر لها ولا حدود، ولا تستوعبها مقالة ولا حتى كتاب، فنون ادارة الحياة وتحقيق السعادة كثيرة ومتنوعة، ولكنا اخترنا طائفة من الأفكار تصلح كبداية جديدة مع بداية العام 2023، وهي عامة شاملة، تتطرق إلى أفكارنا وقناعاتنا وشخصياتنا حينًا، وإلى علاقتنا بغيرنا حيًنا، وإلى علاقتنا بديننا ومقدساتنا وعباداتنا حينًا آخر، لتغطي بذلك كل جوانب الحياة، ونصل بها في العام المقبل إلى غايتنا الغالية من السعادة والرضا عن النفس، والأهم من كل ذلك رضا الله ومحبته، ومعيته وتوفيقه.
مع حلول السنة الجديدة 2023: انو الخير وتوكل على الله
أول ما نستهل به عامنا الجديد هو نية جديدة تنطو على كل خير وحب الخير لأنفسنا ولأحبتنا وللناس أجمعين، نية قوية وصادقة وعزم مؤكد من كل منا أنه يعد نفسه لفعل الخير وقول الخير، ومساعدة الغير والقرب من الله، وتقويم ما اعوج من أنفسنا، واصلاح ما فسد من ذات بيننا، وتعلُم كل ما يفيدنا في دنيانا وآخرتنا.
انو كل النوايا الطيبة التي تعرفها والتي قد تخطر ببالك، فعلى نياتكم تؤجرون، وقيل : على نياتكم ترزقون، انو أن تعيش عامًا جديدًا بلا ضرر ولا ضرار، بل بسلام عليك وعلى كل من يحيطون بكم ويدخلون في دائرتك، انو بكل صدق أن لا تكون سببًا في ألم أي انسان ولا حزنه ولا تعبه، انو أن تكون دائمًا اليد التي تداوي ولا تجرح، تخفف عن الآخرين ولا تثقل، تأخذ بيدهم إلى شاطئ النجاة ولا تغرقهم في لجج الضياع و الضلال، تعطي أكثر مما تأخذ، وتنفع ولا تضر.
لقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الناس صنفين، صنف اختصهم الله بفعل الخير وقول الخير ومفاتيح الخير والسعي إلى الخير بكل صوره وأشكاله، وصنف آخر اختصهم بفعل الشر وقول الشر والسعي في الشر والضر للآخرين، فقال في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه).
لذا فسنبدأ عامنا بنية خير جامعة مانعة شاملة، وهي أن ننضم فورًا إلى صفوف الأخيار والأبرار والنافعين والصالحين والمصلحين وأن نكون باختصار “مفاتيح لكل خير”، وننوي الفرار من صفوف الأشرار والفاسدين ومن يحجبون عن فعل الخير ويسدون كل باب يؤدي إليه أو يدل عليه، والذين قيل فيهم انهم “مفاتيح للشر”.
نية الخير تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة، مجرد النية حتى وإن لم يوفق الإنسان إلى العمل، أو حالت بينه وبين العمل بنيته موانع أو أسباب خارجة عن إرادته، بل وإن حالت دون ذلك تغير نيته أو ضعف مس إرادته وخالط عزيمته.
ففي الدنيا تورث النية الطيبة الخير والشعور بالرضا عن النفس والسعادة، والسلام النفسي الرائع، وتقلل جدًا من الصراعات والصدامات النفسية، أما في الآخرة فإن الله أعد لمن ينو الخير الثواب والأجر، وجعل النية ركن من أركان العمل، فبها يؤاخذ المسيء وعليها يكافأ المحسن ومما يبين لنا ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- والذي رواه البخاري ومسلم في صحيحهما واللفظ لمسلم، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: “إِنّ الله كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ. ثُمّ بَيّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله عَزّ وَجَلّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَإِنْ هَمّ بِسَيّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً… وَإِنْ هَمّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا الله سَيّئَةً وَاحِدَةً”)
مع السنة الجديدة 2023 اصنع بدايات جديدة
من الدروس القيمة التي تلقنها لنا الحياة كل يوم، بل والله كل ساعة وكل دقيقة، أن ما مضى لن يعود، وأن هذا قدر من أقدارنا وسنة في كوننا لا تبديل لها ولا تعديل، ما مضى ذهب وانقضى ولا أمل في رجوعه أبدًا، تمضي الأيام والأحداث والأفعال وتبقى أثارها عالقة بنا ومعقودة في رقابنا، تبقي كل كلمة قلناها أو عمل خير قدمناه، أو ذنب اقترفناه معلقين بنا ونحن مرهونين به.
وعلى الرغم من أننا جميعًا نعلم تلك الحقيقة ونحفظها عن ظهر قلب إلا أن تعاملنا معها وتصرفنا تجاهها يدل على أننا لا نستوعبها جيدً، أو لا نريد أن نستوعبها، أو أننا ننساها أو نتعمد تناسيها، تعاملنا يعكس جهلنا وغفلتنا الكبيرة والغريبة عن تلك الحقيقة.
ولو أننا فهمناها حق الفهم وعرفنا معناها ومضمونها، لما قضينا العمر نبكي على الأطلال ولا أمضينا زهرة أوقاتنا في نداء الماضي، واستدعاء تفاصيله والتعمق في أحداثه، ولا الانغماس في أوجاعه.
لو فهمناها حق الفهم، لما أضعنا أعمارنا في الندم على حلم لم يتحقق أو خير فاتنا الحصول عليه، أو سعادة تسربت من أيدينا، أو حتى قرار خاطئ شكل مجرى حياتنا.
ولو أننا نفهمها حق الفهم، ونعيها كامل الوعي، لم سمحنا للذكريات الموجعة أن تحتل مساحة الحاضر وتكدر صفوه وتسلبنا الفرحة به، وتفوت علينا نعمة الاستفادة به واستثماره، وتجعل انظارنا معلقة به ولا نتحرك من مكاننا قيد أنمله، فننسى حاضرنا وننسى أنفسنا ولا ننتبه إلا بعد أن يلحق حاضرنا بماضينا.
في بداية السنة الجديدة 2023 ومع قطع آخر ورقة من أوراق نتيجة العام الماضي، اطوٍ فورًا صفحاته بكل ما تحمله من هزائم وأوجاع ومتاعب، اطويها فورًا واحذفها من مقتنياتك ولا تفتش فيها.
عام مضى وانتهي فجدير بنا أن ننهيه ونقلب دفاتره ولا نفعل تجاهه أي شيء سوى أن نستغفر الله على كل ما كان من ذنوبنا، وتقصيرنا في حقه، وبعدنا عنه، وتهاوننا في التزام أوامره، وأن نحمد الله على كل طاعة وفقنا إليها وكل نعمة أنعم بها علينا، وكل فرحة قدرها لنا بين ثنايا أيامه المنصرمة.
ولنبدأ بفتح صفحة جديد نكتب فيها مفردات جديدة منتقاة، مفردات تصيغ رؤانا المتفائلة ونظرتنا الواثقة وقلوبنا المفعمة بالفرحة والبشر، الآن ونحن على أعتاب السنة الجديدة 2023 يمكننا أن نكتب فيه كل ما نتمناه، ونردده، ويمكننا أن نرسم ملامحه بكل ما يناسبنا وتنصلح به أحوالنا، في حدود ما نحن مخيرين فيه.
يمكننا أن نبدأ مراقبة حياتنا وما تشمله من الجوانب والتي من أهمها ما يلي:
علاقتنا بديننا وعبادتنا
من المحاور الأساسية التي تُبنى عليها الحياة واستقرارها ونجاحها علاقة الانسان بخالقه والتزامه بتعاليم دينه، وعليها تدور أمور كثيرة جدًا، فبها يشعر الإنسان بالسكينة والطمأنينة، وأنه في معية الله مما يقلل التوتر ومشاعر القلق، وعليها تدور قوة الوازع الديني عند المسلم ومراقبته لله واستيعاب معنى المراقبة ومحاسبة النفس والخوف من الله، وما يترتب على ذلك من ترك المعاصي والذنوب.
فمع بداية السنة الجديدة 2023 لا بد أن ننوي تغيير حالنا إلى الأفضل، بالمزيد من الطاعة والحرص على النوافل والقرب من الله، واستغلال كل فرصة لعمل الخير.
وإذا كان الواحد منا يعاني من مشكلة معينة أو قصور في جانب معين من جوانب تلك العلاقة البالغة الخصوصية، فيجب أن يعوضه ويحرص على تكملته وتحسينه، فمن كان يقصر في الصلاة، أو يترك صلاة الفجر أو يعاني من هجر القرآن الكريم، أو البخل بحقوق الآخرين في ماله، أو من يعاني من أمراض القلوب الشائعة من الحقد والحسد أو الرياء أو غيره، فيجب أن يبدأ في علاج قلبه وإصلاح ما بينه وبين ربه لينصلح أمره، وتستقيم حياته.
علاقتنا بمن حولنا
علاقتنا بمن حولنا أيضًا تمثل نقطة بالغة الأهمية، وتنعكس على مشاعرنا وحالتنا الانفعالية وكل تفاصيل حياتنا، لذلك ينبغي أن ننظر إليها بعين الاعتبار ونبدأ رحلة جديدة مع بداية العام الجديد مرحلة تتسم بالعلاقات الواضحة المستقيمة المتكافئة والبناءة، يمكننا أن نرفع شعارات المرونة وتقبل الآخر والصبر على أذى الآخرين أو ازعاجهم، غير أن هذا كله له حدود معينة لا ينبغي تجاوزها، ولا ينبغي أن تكون على حساب أنفسنا ولا حياتنا ولا تقدمنا.
يجب أن نتمسك بأهلينا وأحبتنا والصادقين ممن يزعمون محبتنا، وأن نسامح ونعفو ونتجاوز معهم وبهم الأزمات، وأن نحجم العلاقات الهامشية وننتصر فيها بناء على طبيعتها وحجمها الواقعي، كذلك يجب أن ننهي كل العلاقات السلبية التي تجذبنا إلى الخلف وتحول بيننا وبين تحقيق ما نريد.
ويجب أن نلتزم مبدأ العدل فلا نظلم غيرنا ولا نظلم أنفسنا، ولا نقسو على غيرنا ولا على أنفسنا، ولا نجرح أحدًا ولا نهين أنفسنا.
لنبدأ مع السنة الجديدة 2023 حالة من الصدق والوضوح والعدالة والإحسان في كل علاقاتنا وخاصة أهلنا وخاصتنا ومن يمثلون لنا شيئًا جميلًا ورائعًا في تلك الحياة.
علاقتنا بأنفسنا
علاقتنا بأنفسنا هي حجر الأساس في علاقتنا بكل ما حولنا، وبما أننا بصدد انتظار عام جديد نسأل الله أن يجعله سعيدًا وطيبًا، فإننا سنقطع على أنفسنا عهدًا أن يكون عامنا مختلف في علاقتنا بذواتنا، وأن نبذل كل ما نملك من الوقت والجهد في سبيل إصلاح ما فسد منها، فهي أهم ركن من أركان الحياة السوية والمشاعر المتزنة.
لنتأمل جيدًا إلى أي مدى نحن راضين عن أنفسنا، ومتقبلين لها، ومتصالحين معها؟ هل نملك القدرة على مسامحة أنفسنا والتعلم من أخطائنا وتطوير قدراتنا دون أن نقع في هوة الندم أو جلد الذات، أو السخط عليها؟ هل نثق بأنفسنا ونحسن تقدير قدراتنا؟ هل نعطيها حقها؟ أم نجور عليها ونبخسها قدرها؟
كل تلك الأسئلة تحتاج إلى إجابات وكل تلك القضايا تحتاج إلى معالجة، فلنبدأ مع السنة الجديدة 2023 عهدًا جديدًا من التصالح مع الذات وتقبلها واللطف بها، لا نحملها فوق ما تطيق، ولا نجلدها ولا نكثر من لومها، عام يجب أن نتخل فيه عن قسوتنا وغطرستنا وسوء تصرفنا.
لن نهين أنفسنا ولن نسمح لأحد أن يفعل ذلك، سوف نثق بها نقدرها نتعرف على مواطن الضعف ونحولها إلى قوة، ونركز على مواطن القوة ونعززها وننميها وننطلق منها إلى عوالم الإبداع والتميز.
سلوكياتنا
أما سلوكياتنا فهي التي تشكل علاقاتنا وتحدد اتجاهها وقوتها، فكلما كانت سلوكياتنا طيبة ومحمودة من الآخرين، وكلما كنا نتعامل برقي وتحضر وذوق كلما كانت مكاسبنا من القلوب أكبر ونجاحنا في علاقاتنا أقوى.
لأجل ذلك فلن ندع بداية هذا العام الجديد يقبل علينا إلا وقد وقفنا مع أنفسنا وقفة جادة وراجعنا سلوكياتنا، وحاولنا الارتقاء بأخلاقياتنا، بطريقتنا في التعبير والرفض والقبول، وطرقنا في الانتقاد وطريقتنا في التعامل مع الآخر وتقبله والتكيف معه ومع طباعه بما يجنبنا الصدام والخلافات.
ويجنبنا انتقاد الآخرين أو نفورهم منا أو انفضاضهم من حولنا.
مميزاتنا وعيوبنا
كل انسان لديه مميزات وعيوب في شخصيته وأسلوب حياته الخاص، الأشخاص الساذجون والعاديين يقبلون أن تكون لهم عيوب ومميزات وكأنه أمر واقع، في حين أن المتميزون والمتطلعون للتطور والتحول دائمًا إلى ما هو أفضل يتعاملون مع مميزاتهم على أنها رأس مال وثروة تحتاج للرعاية والتطوير، ويتعاملون مع عيوبهم على أنها أمراض عارضة تحتاج إلى التشخيص الجيد والشروع في العلاج الناجع القوي، يواجهون أنفسهم بها ويحللونها بمنتهى الموضوعية، ويبحثون عن الحلول ويطبقون خطط العلاج بالتزام وإرادة قوية، تاركين خلفهم الأعذار الواهية والحجج غير الصادقة والاتكال على مبدأ الطبع والطبيعة والخلقة، مما يتعذر به العاجزون عن التغيير والقاعدون عن الإصلاح.
كل العيوب قابلة للإصلاح ما دام صاحبها يريد ذلك، فحتى الانفعالات والعصبية والتسرع يمكن للشخص أن يروضها ويخفف حدتها ومع الوقت يتخلص منها تمامًا، فقد قالوا قديمًا إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، والصبر بالتصبر.
فمع انطلاق العام الجديد ومع ظهور شمسه وقمره ونجومه، وميلاد أحداثه وتفاصيله دعونا نبدأ بعيوبنا نتوقف عندها ونسعى إلى تقويمها وإصلاحها ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، دعونا نبدأ عامًا جديدًا بلا استسلام للعيوب ولا رضا بالنقائص والقصور، عام من التنمية والتطوير والتحسين المستمر لذواتنا وقدراتنا وملكاتنا وصفاتنا، وكل ما يخصنا، عام جديد سعيد حافل بالسعي نحو التقدم للأفضل والأحسن.
مع بداية السنة الجديدة 2023: تخلص من أوجاعك القديمة
الأوجاع القديمة والذكريات المؤلمة بمثابة قيود تكبل حاضرنا، وتستهلكنا بالتدريج، والوقوف عندها كثيرًا والتفكر فيها هو حمق محض وشر لا خير فيه من قريب ولا من بعيد، لأنه يأخذ منا ولا يعطينا، يسرق أعمارنا وفرحتنا ويتركنا حطامٌا خلفه.
لأجل كل ذلك فإن بداية العام الجديد سوف تكون أجدى وأكثر نفعًا وسلامًا وراحة لو قررنا فيها قرارًا صارمًا وحاسمًا أن نتخلص من أوجاعنا القديمة ونتحرر منها، ونتخلص من قيودها، ستكون رائعة لو ألقينا خلف ظهورنا كل أوجاعنا وبدأنا من جديد عام بلا أوجاع ولا ذكريات ولا متاعب تتعلق بالماضي، عام لا يعرف من الماضي إلا سبقه في التاريخ. عام جديد بشعار جديد لا يعرف ولا يعترف بأوجاع قديمة ولا جراح ماضية.
اخلق لك واقعًا مختلفًا وفكر خارج الصندوق
في العام الجديد يجب أن نجدد معًا ما نستطيع من تفاصيل الواقع وأن نخلق لنا واقعًا رائعًا بلون أحلامنا وبلون توقعاتنا المتفائلة، ومن أراد أن يخلق واقعًا مختلقا فيجب أن يخلق تفاصيل مختلفة، في شخصيته أو عاداته أو نمط حياته، ويكتسب علمًا جديدًا أو فكرة جديدة أو منطقًا جديدًا في إدارة حياته.
تعلم أن تراقب نفسك ومسار حياتك وتغير ما يمكن أن تؤاخذ به، أو تؤاخذ عليه من نفسك أو من غيرك، ولا تقيد نفسك بما هو عادي أو تقليدي أو مألوف، بل فكر خارج الصندوق واسمح للإبداع أن يتدفق ويملأ جنبات حياتك، اسمح للأفكار أن تخرج وتخلق أمامك أفاقًا جديدة وتلفت نظرك إلى ما يمكن أن يحقق لك السعادة ويأخذك إلى واقع مختلف أفضل وأجمل من واقعك الحالي.
كن حرًا وقادرًا على إدارة دفة حياتك، تحرك في كل اتجاه يحررك ويحرر مشاعرك وطاقتك، تخلص من قيودك، وأطلق العنان لأبداعك، اصنع واقعك الذي طالما تمنيته.
عام جديد وواقع سعيد مفصل على مقاس أمنياتنا!!
شعار السنة الجديدة 2023 (غيّر تتغير)
التغيير سنة الحياة، فمذ خلق الله الدنيا وحتي يرث الأرض ومن عليها وهي في حالة تغيير لا يعرف الثبات، فلا شيء يبقى على ما هو عليه، كل الأشياء تدور في فلك من التغييرات اليومية، بل اللحظية، ولا شيء ثابت في هذه الحياة سوى الله عز وجل، فهو وحده الذي يغير ولا يتغير، ومن الحمق أن تخالف أنت في نفسك سنة الكون، وتظل تتحرك في مكانك، أو تظل ثابتا متمسكًا بموقعك على خارطة الأحداث، العالم يتطور ويتقدم من حولنا بسرعة رهيبة، فيجب أن نلحق بالركب ولا نسمح لأنفسنا ونحن في بدايات السنة الجديدة 2023 أن نكون من المتخلفين الذين رضو بالقعود على هامش الحياة.
في بداية العام الجديد يجب أن نستغل الفرصة ونبدأ في صياغة بدايات جديدة ونغير كل ما من شأنه أن يجذبنا للوراء أو يعيق تطورنا، نغير عادتنا السيئة وأفكارنا السلبية، ونغير الأشخاص الذين يشكلون عقبات دون الوصول إلى أهدافنا.
يجب أن نغير كل شيء نستطيع تغييره، لأن تقبل الأوضاع السيئة مع أمكانية تغييرها تقصير من الإنسان في حق نفسه، وخضوع للدونية وهو يملك الارتقاء، ولأن عامنا القادم عام التقدم والتطور والنماء في كل شيء بإذن الله فيجب أن نرفع شعار “التغيير” ونحن واثقين من حقيقة مؤكدة وهي “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”.
ولنعلم أن الله متى مكننا من اكتشاف عيوبنا وهدانا إلى رؤيتها، فإنه قد أذن لنا بإصلاحها وتغييرها، وكل ما علين أن نجدد العزم والإرادة على فعل ذلك، ونستعين بالله ونبدأ خطوات واقعية وعملية ملموسة، ومن الجدير بالذكر وما يشجع على فعل ذلك أن المتخصصون في التنمية البشرية يقولون أن تغيير عادة واحدة في حياتك، يمكنها أن تغير روتين اليوم كله ومجرى الأحداث، لأن الأحداث مترتبة على بعضها وأي تغيير إرادي ومقصود تعقبه تغييرات كثيرة غير مقصودة وتلقائية، والتجارب التحفيزية في هذا الصدد أكثر من أن تحصى، فقط ابدأ وركز وسوف ترى من أثر ذلك الخير الكثير والنفع الوفير.
اللهم في بداية هذا العام أعنا على التغيير إلى الأفضل والتطور، والتخلص من كل ما هو سلبي وضار، اللهم عامًا جديدًا وتغيرات إيجابية على كل مستويات حياتنا، وإرادة على ترويض عيوبنا وإصلاح ما فسد من أخلاقنا أو أفكارنا أو علاقاتنا.
من بداية السنة الجديدة 2023 (لا تضييع للوقت)
كان يصح أن ألمح لعادة تضيع الوقت وإهداره على أنها ضمن العادات السيئة أو العيوب التي تحتاج إلى تصحيح، ولكن نظرا لخطورتها وسوء عاقبتها ونتائجها المدمرة على مختلف جوانب الحياة فإن فإننا سنخصها بالذكر والتفصيل.
عادة تضيع الوقت أو إهداره ليست لها صورة واحدة ولا طريقة ثابتة فكل شخص يهدر وقته بطريقته، فمن الناس من يركن إلى الراحة والكسل والخمول فتسرق ساعات يومه، واحدة تلو الأخرى دون أن ينتبه من غفلته ولا يستشعر قيمة الخسائر التي تحل بحياته.
ومن الناس من يضيع وقته غرقًا في الملذات والمتع المباحة وغير المباحة أحيانًا، فلا ينتبه إلا وقد فرط عمره وذهب شبابه دون أن يحقق نفعًا أو يترك خلفه أثرًا يُذكر.
ومنهم من يضيع وقته في البكاء على اللبن المسكوب، ويفني طاقته وعمره في النحيب على الماضي ومتاعبه وأوجاعه، وأحلامه الضائعة.
ومنهم من يضيع وقته في انتظار معجزات تغير حياته، وينغمس في عالم من الأوهام والخيالات وينتظر بشارات لا تأتي ، ويتعلق بمستقبل مجهول.
ومنهم أيضًا من يهدر عمره في البحث عن هدف، لا يعرف ما يريد من حياته، ولا يقرر أي الطرق يجب أن يسلك، كل هذه الطرق وغيرها مما يهدر أوقات الناس ويفني طاقاتهم وأعمارهم، وهنا الكثير من الصور التي لا يتسع المقام لرصدها.
ومن هنا وانطلاقًا من حديثنا المستفيض عن السنة الجديدة 2023 وبداياته وتلك الآمال الكبيرة التي نعلقها عليه، يجب أن ننتبه لتلك الكارثة الكبرى، وأن نسعى لتداركها، لأنها تقضى على ثروتنا الحقيقية ورأس مالنا في هذه الحياة.
فمن وجد في نفسه شيئا من طرق تضييع الوقت فيجب أن يتوقف ويحافظ على ما تبقى له في هذه الحياة، ويسعى إلى استثمار الدقائق والساعات، لعله يعوض ما فاته.
ولوقف مهزلة إهدار الوقت يجب أن نتخذ قرارًا فوريًا بترك الأشياء التي تسرق وقتنا دون أن نشعر، وأن نحرص على الالتزام بإنجاز ما نكلف به من المهام، سواء في البيت أو العمل أو غيره، ويجب أن نذكر أنفسنا كل وقت بأهمية الوقت وعدم تضييعه، ونحفز أنفسنا بوضع لافتات في غرفنا، أو استخدام رسائل تذكير أو تنبيه على هواتفنا، ونتصور أنفسنا بعد مضي هذا العام، وفي لحظات وداعه كيف ستكون مشاعرنا، لو حققنا أفضل استثمار ممكن من وقتنا، وكيف ستكون مشاعرنا لو ـأضعناه كما أضعنا غيره؟ فقط القليل من التخيل، وسنشعر بفارق شاسع بين الحالتين، فالحالة الأولى يصحبها النشوة والرضا عن النفس والتحفيز وتجدد الإرادة، بينما الحالة الثانية يصحبها الحسرة والندم والضيق والحنق وجلد الذات والشعور بالوهن والإحباط.
في بداية السنة الجديدة 2023 هيا نردد كلمة بناءة وصادقة وهي “لا مزيد من تضييع الوقت، فعليكم بالبخل البخل البخل بأوقاتكم، فهذا هو البخل المحمود، لا تهدروا أوقاتكم إلا فيما ينفعكم ولا تعطوها إلا لمن يستحق.
جرّب، اكتشف، وتعلّم
الحياة مهما طالت فهي حياة واحدة نعيشها مرة واحدة، لا تحتمل الإعادة ولا الاستئناف ولا التكرار، لذا فمن الحكمة أن نحسن الطريقة التي نعيش بها ونقض بها حياتنا، ولا نتحرك في تلك الحياة بعشوائية أو تخبط، لأننا ببساطة قد لا نملك الفرصة لتصحيح أخطائنا ولا تعديل ما صدر منا.
يمكنك عزيزي القارئ أن تعيش الحياة مرة واحدة بين العمل والتربية والأكل والشرب والنوم والعبادة، ويمكنك أن تصل في النهاية إلى الشعور بالراحة والرضا عن النفس لأنك أديت ما عليك من واجبات وأتممت رسالتك.
كذلك يمكنك أن تعيش الحياة ألف مرة وتجعل اليوم بعمق عشرة أيام، وتجعل اللحظات خالدة وثرية ومليئة بالتفاصيل وذلك بأن تسمح لنفسك بثلاث أشياء، أن تجرب وتكتشف، وتتعلم.
لا تخف من التجربة واقتحمها وعش تفاصيلها ومفاجآتها، واكتشف عوالم مختلفة من البشر أو الأحداث أو الأماكن، لا تحرم نفسك متعة الاستكشاف حتى وإن كلفك الأمر بعض المال، فالاستكشاف يضاعف حجم خبراتك ويزيد عمقها ويجعل عقلك وقلبك وروحك بمثابة موسوعة من التجارب والخبرات الرائعة.
أما التعلم فهو سر السعادة وسر العمق في الحياة، ووالله لا يثير شفقتي وتعاطفي شيء مثل إنسان دخل الحياة وخرج منها دون أن يتعلم منها شيئًا مفيدًا، أو يكتشف مجالًا يتميز فيه ويبدع ويترك بصمة حقيقية فمن يتعلم جديدًا يضيف لحياته عمقًا كبيرًا ويستطيع أن يرى ما لا يراه الأخرون ويسمع ما لا يسمعونه ويجرب ما لم يجربونه.
من الآن فصاعدًا ومع اطلالة السنة الجديدة 2023 ابدأ في “تعميق حياتك ” إن جاز التعبير، وذلك بالتجربة والاستكشاف والقراءة والاستماع إلى كل ما هو جديد ومفيد.
اخلق لك عالمًا عميقًا ثري التفاصيل والمعاني والملامح، وافعل ما يخلد ذكراك ويعظم أثرك فبهذا تكون قد عشت عامك كأعوام وعشت عمرك كما لو أنه أعمار.
وليكن عامنا الجديد عام التعلم والتطوير والاستكشاف والتجارب، عام لا نخاف فيه من شيء ولا نتراجع عن تجربة ولا نتقهقر أمام أي جديد.
إنه عام النجاح والتطور والثراء.
مع مستهل السنة الجديدة 2023 (هيا نهبط إلى أرض الواقع)
في مستهل العام الجديد نحن نسعى إلى تحقيق أعلى درجات النضج والوعي، الوعي بأنفسنا وأفكارنا ومعتقداتنا، وبكل ما يحيط بنا ويجد علينا، يجدر بنا أن ننزل من أبراجنا الوهمية، وخيالتنا وكهف أحلامنا الوردية، يجدر بنا أنن ننزل منها لا لنهجرها أو نتركها أو لنتخلى عنها بل لنعمل ونجتهد ونبذل كل ما في وسعنا من الوقت والجهد لنحولها إلى حقيقة ولنجعل منها واقعًا ملموسًا، وكيانًا حقيقيًا يعترف به الواقع ويقره المحيط الذي حولنا.
مهم جدًا ونحن نسعى إلى تطوير أنفسنا أن نفهم معنى ” أن السماء لا تمطر ذهبًا” وأن المعالي لا تدرك بالتمني”، مهم جدًا أن لا نظل أسرى لأحلام اليقظة، ولا نقف عند حدود الخيال وعوالمه ونحن نتعاطى أحلامنا وأمنياتنا المستقبلية.
من الآن فصاعدًا اجعل عامك الجديد عام التحرك العملي والفعلي نحو أهدافك، وليس عام الخيال ولا الأوهام.
من الآن فصاعدًا ومع أول يوم من أيام العام الجديد الذي بات وشيك القدوم، اكتب كل امنياتك وأحلامك وأهدافك في دفتر خاص بك، رتبها حسب أولوية الاحتياج والتوقيت، وفورًا انتقل إلى نقطة أخرى بالغة الأهمية، وبخط واضح جدًا اكتب “كيف يمكنني تحقيق أهدافي أو أحلامي؟”
واشرع بعد ذلك في كتابة خطواتك العملية نحو تحقيق الهدف، واجعل هذه الخطوات أمام عينيك طوال الوقت، ونفذها بالترتيب وكلما أنجزت خطوة منها وشعرت بأنك تقترب من تحقيق حلمك، كافئ نفسك وحفزها ولا تضيع الوقت، وانتقل مباشرة إلى الخطوة التي تليها، افعل ذلك بصبر وتؤدة ومثابرة واجتهاد، قاوم القتور والملل وشعور الإحباط الذي قد يعتريك من وقت لآخر، واستمر.
إذا فعلت كل ما في وسعك تجاه أحلامك، واستعنت بالله وتوكلت عليه حق التوكل فيمكنك أن تتوج كل ذلك بالخيال المتفائل والتصور الواثق عن أحلامك، لترسل للكون رسائل واضحة وصريحة ومحددة عن حلمك، فيسخر الله لك الكون والحلم معًا، وتأتيك أمنياتك على طبق من الاجتهاد الموفق والسعي المشكور.
- العام الجديد هو عام السعي والاجتهاد والتحرك بخطى ثابتة نحو أهداف واضحة لا لبس فيه ولا اختلاط.
- عام الحقائق لا الأوهام.
- عام الأفعال وليس الشعارات والكلام.
- عام التغلب على الكسل والفتور وتجديد الطاقة والبذل والعطاء.
تكيف لتجعل عامك الجديد أجمل
الحياة لا تسير وفق أهوائنا، والرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهيه سفننا بل قد تخالف رغباتنا، وتسير في اتجاه معاكس تمامًا لما نرجوه، وهنا يظهر نضجنا ووعينا، وقدرتنا على إدارة الحياة، أو انكسارنا وضعفنا وقوتنا الخائرة، هنا الفيصل بين الأشخاص القادرون على التحدي والاستمرار والأشخاص المسالمون الذين يسقطون في منتصف الطريق، ولا يستطيعون اكمال السير ضد التيار.
نحن جميعًا على اختلاف طباعنا وأفكارنا نتعرض لتلك المحنة، محنة الاضطرار إلى عيش واقع لم نختره ولم نشكل تفاصيله بإرادتنا، بل نجده مفروضًا علينا ونحن مطالبين بالتعايش معه.
التعايش مع الواقع أو بمفهوم آخر ” التكيف” مع هذا الواقع هو الفارق بين الناجحين والفاشلين وبين السعداء والتعساء وبين الحمقى والأذكياء.
وهنا سوف نتوقف قليلًا عند مهارة التكيف مع الواقع، وكيف نتعلمها وندرب أنفسنا عليها، لنجعل واقعنا في السنة الجديدة 2023 وكافة الأعوام المقبلة أجمل وأروع وأكثر راحة.
التكيف هو ذكاء الاستمرار وتقبل التفاصيل التي لم نخترها برغبتنا، وهو ذكاء التعامل مع ما يفرض علينا، وهذا يتضمن فهم ذلك الواقع واستيعابه جيدًا والتعامل معه بطريقة ذكية، ويمكن توضيح ذلك في النقاط التالية:
- نقنع أنفسنا بحقيقة أن الخيرة دائمًا فيما اختاره الله لنا، وليس فيما اخترناه نحن لأنفسنا، وأن الله عز وجل بعلمه وحكمته التي لا تدركها عقولنا القاصرة أعلم بما فيه صلاح أحوالنا في دنيانا وآخرتنا، فقد يؤخر عنا شيئًا تمنيناه لحكمة وقد يبتلينا باختبار معين لخير يعلمه وحده، فينبغي أن نستشعر اليقين والثقة بتلك النقطة لأنها حتمًا ستغير الكثير في تعاطينا لما حولنا من الأحداث وما يجري علينا من الأقدار.
- يبقى بعد ترسيخ تلك القناعة أن نتفحص ما يزعجنا ونتفكر فيه جيدًا، فربما يمكننا تغييره أو تعديله أو جعله أقل إزعاجًا، وإذا اكتشفنا ذلك فيجب أن نتخذ خطوات عملية نحو تغييره وتحسينه، أما ان اكتشفنا أنه غير قابل للتغيير فلنتقبله بصد رحب، وإن كان يضغط على أعصابنا أو مشاعرنا، فلنجعلها تجارة مع الله، ونصبر محتسبين الأجر عند الله عز وجل، ووالله انها تجارة رابحة ومكسب لا يضيع، محقق وثابت ولا ريب فيه، وهو وعد الله بأن يجزى الصابرين أجرهم بغير حساب.
- الفراغ من الأمور التي تزيد شعور الرفض بداخلنا والشعور بالعجز والضغوط وغيره، ويجعلنا نركز على ما يضايقنا ويزعجنا، لذا فمما يساعد على التكيف أن نشغل أنفسنا وأوقاتنا بما هو مفيد ونافع، ونعطي له طاقتنا، فهذا يعزز تجاهلنا للنقطة المزعجة، وكم من أمر يضعف ويبهت ويتلاشى تدريجيًا بالتجاهل.
- نحسب حسابتنا بدقة وموضوعية، فنعترف بما سنخسر إذا تمردنا على هذا الواقع، وما يمكن أن نجنيه من المكاسب أيضًا، فإذا كان المكسب يستحق، فلنتمرد ولنرفض ولنعلن العصيان لهذا الواقع، أما لو كانت الخسائر أكبر فمن الحكمة أن نصبر ونتصبر ونتحمل الواقع بغية تحقيق ما فيه من الخير، فدفع الضرر أولى من جلب المنفعة، وهذا منطق العقل والحكمة.
عام التصالح مع النفس
تطرقنا في حديث عابر عن مراجعة علاقتا بأنفسنا وتقييمنا لها وإعادة إصلاح ما فسد منها، وقلنا أنه وقود الانطلاق نحو واقع أفضل، وأنها نقطة لا يسهل أن نبدأ بدونها، والآن سيدور حديثنا عن التصالح مع النفس وكيف يؤثر إيجابيًا على حياتنا بكل تفاصيلها، وكيف يجعل عامنا القادم أجمل وأجدى وأفضل من أعوامنا السابقة.
التصالح مع النفس لا يعني أن نغتر ونتجاهل عيوبنا ومساوئنا، ولا يعني أن نستمر في تقبل نقائصنا دون محاولة حقيقة للتغير، ولا يعني أن نصم آذاننا، أو نغمض أعيننا عن انتقادات الآخرين لنا وملاحظاتهم على سلوكياتنا وشخصيتانا، لا يعني شيئا من هذا على الإطلاق، وإنما يعني أن نرحم أنفسنا ولا نجلدها، ولا نقس عليها، وأننا إذا ذلت أقدامنا فتعثرنا أو سقطنا في ذنب أو نحوه، نعين أنفسنا على النهوض والتوبة والعودة إلى ما كانت عليه، أن نكون عونًا لها لا عليها، أن نشجعها ونأخذ بيدها، ونستر عيوبها.
التصالح مع النفس يعني أن نتقبل ملامحنا كما خلقها الله دون حنق أو ضيق، وأن نستشعر فيها الجمال الرباني مهما بدت غير جميلة، وأن نتصالح مع أقدارنا، ومع الظروف المفروضة علينا، أن نتصالح مع كل ما هو خارج نطاق ارادتنا وتحكمنا، وما يدخل تحت بند ارادة الله واختياراته لنا.
أما تأثير هذا التصالح مع النفس على حياتنا فهو عجيب وقوي، ومن ذلك ما يلي:
- التصالح مع النفس يخلق الثقة بها، والرضا عنها، مما ينعكس على هيئتنا الخارجية وعلى مظهرنا.
- ينعكس أيضًا على تعاملنا مع الآخرين وتقبلنا لهم.
- يجعلنا نستشعر العزة والكبرياء ولا نخجل من مواجهة الناس أيا كان وضعنا أو ظروفنا أو هيئتنا.
- يمكننا من كسب قلوب الآخرين والتقرب منهم.
- يجبر الآخرين على احترامنا وتقديرنا، ولا يسمح لهم بالتجاوز في التعامل معنا، بل يلزمهم بالتزام معايير اللياقة والذوق في كل ما يصدر منهم تجاهنا.
- يجعلنا نرى الجوانب المشرقة في حياتنا، ويكسبنا التفاؤل والنظرة الإيجابية.
- يجعلنا نحمد الله ونرضى عن جميع أقداره، ويعزز شكر النعم، فيزيدنا الله عز وجل من فضله ويجزينا خير الجزاء.
بداية السنة الجديدة 2023 وفن التحرر من الأفكار السلبية والمشاعر السلبية
المشاعر السلبية تنجم عن طاقة سلبية تخرج منا أو تحيط بنا، أو تحتل دواخلنا، وكذلك تنتج عنها طاقة سلبية تصدر منا وتنتشر في الكون، وترتد بأثارها السيئة غير المحمودة على الإطلاق، وبما أننا مقبلين على عام جديد وكلنا عشم ورجاء أن يحمل لنا من السعادة والرضا والأمنيات الطيبة ما يعوض قلوبنا عن كل ما عانته وتعبت فيه، فلا بد أن نتعلم كيف نتحرر من تلك المشاعر ونتخلص منها أول بأول.
وهنا سوف نذكر أهم الطرق التي من شأنها أن توصلنا إلى هذا الهدف الرائع، ومن ثم تسمو نفوسنا وترتق مشاعرنا وتتحرر أمنياتنا من كل ما يعيقها، ولكن ينبغي قبل ذلك أن نوضح أن هناك فارق بين المشاعر السلبية وبين الأفكار السلبية، فالمشاعر عابرة وأقصر عمرًا وغالبا ما ترتبط بأحداث معينة في حين أن الأفكار طويلة الأمد وتكون اتجاهات معينة وتخلق قناعات راسخة.
ومن ثم فأن التحرر من الأفكار السلبية يحتاج إلى مواجهة الذكريات والخبرات القديمة التي يحتفظ بها العقل الباطن، وإعادة صياغتها، ومحاولة افراغها وتخليص العقل منها، وذلك باستحضار ذكريات ايجابية مناقضة لها تعمل في الاتجاه المعاكس تمامًا.
واقرأ هنا فضلًا: التخطيط للعام الجديد
ومن الرائع أننا لا نستطيع تغيير الأفكار باستحضار خبرات إيجابية فقط بل يمكننا اختلاق خبرات وذكريات إيجابية أيضَا ولو من العدم.
ويجدر بنا أن نطرح مثالًا واقعيا ليتضح المقصود، فلو افترضنا أن شخصًا ما يعاني من انعدام الثقة بالنفس، والتي بناها العقل وكونها وفقًا لخبرات من الفشل المتكرر فأصبحت فكرة راسخة ومسيطرة عليه.
فهذا الشخص يحتاج إلى نسف تلك الفكرة ويمكنه اتباع طريقتين للوصول إلى تلك النتيجة وهما:
- أولًا: تذكر واستحضار تجارب من النجاح والإنجازات التي حققها ولو كانت محدودة أو متواضعة، ثم استشعار حالة الفرحة والرضا التي تلت هذا الإنجاز، وبعدها يبدأ تدريجيًا يضعف فكرة الفشل ويعزز الثقة ويعترف بقدرته على فعل إنجازات كثيرة.
- ثانيًا: وفي حالة إذا كانت الصورة معتمة لدرجة أنه لا يستطيع تذكر شيء جيد أو أي انجاز فيمكنه اختلاق إنجازات خيالية والتفكير فيها ومعايشة مشاعر الرضا والسعادة التي تصحبها، وتكرار تلك التقنية بشكل يومي، فتتحول من مجرد افتراضات إلى حقائق حيث أن العقل الباطن لا يفرق بين الحقيقة والخيال.
أما للتخلص من المشاعر السلبية أولًا بأول فيمكن فعل الآتي:
- افراغ كل ما يدور بداخلك من كلمات أو عبارات حول سبب تلك المشاعر، وإخراجها لصديق أو صاحب أو حتى على الورق، قل كل ما في نفسك عبر عن غضبك وانزعاجك استخدم ما يحلو لك من الألفاظ لتريح نفسك من الغليان الذي تحدثه تلك المشاعر.
- بعد افراغها بأي صورة خذ نفسًا عميقًا، وردد أنك بخير واستعمل لفظ مضاد لما تشعر به، فمثلا في حالة الغضب ردد “أنا هادئ تمامًا، أنا أشعر بالهدوء” .. إلخ.
- مارس تمارين التأمل بشكل يومي أو كلما أمكن ذلك، فقد أثبتت تلك التمارين كفاءة رائعة في تحقيق السلام النفسي والتقليل من الضغوط، والتخفيف من عوامل التوتر والقلق، وهي تعمل من خلال تخليص العقل من التفكير الزائد والمرهق عن طريق التركيز على مؤثر واحد سواءً كان سمعيًا أو بصريًا، بحيث يصل إلى حالة السكون والهدوء التام والانقطاع عن التفكير تماما لمدة دقائق، مما يحرر مسارات الطاقة من كل ما يعيقها أو يقف في طريق تحركها بصورة سوية.
وباتباع تلك الطرق بشيء من المداومة تظل قادرًا على تنظيف مسارات الطاقة أولًا بأول ومن ثم التخلص من المشاعر السلبية وتوابعها، والتطلع إلى واقع بهيج مملوء بالسلام والأمنيات الوردية والقدرة على رؤية الجانب المشرق دائمًا.
تحرر من المشاعر السلبية، تستطيع رؤية جمال الحياة وبسمتها ونعيمها، وتستطيع الارتقاء بروحك وكيانك كله إلى حيث السعادة والحب وعوالم الإبداع.
وفي ختام مقالنا يجدر بنا أن نذكر أنفسنا ونذكركم بعظم كرم الله علينا وعطائه لنا اذ يسر لنا الحياة وأسبابها، ومنحنا مهلة نحقق بعض أمنياتنا، فلنحسن استغلالها على أفضل وجه ممكن.
ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك لنا في أيام عامنا، ويسعد قلوبنا ويبشرنا فيه بما يسرنا إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
تنويه: جميع الصور خاصة وحصرية بموقع المزيد © almazeyd.com