كيف تعاني الدول الفقيرة من السمنة برغم سوء التغذية؟
تقول الاختصاصية في الصحة العامة الدكتورة “رشا صادق”: أن الدول التي تعاني من السمنة بالرغم من أنها شحيحة الموارد هي تحديداً دول العالم الثالث، والدول النامية، ولا نرى ذلك في دول أوروبا او الدول المتقدمة؛ وذلك قد يكون بسبب التغيير الديموغرافي، والتطور في مستوى الصحة ومكافحة الأمراض والاوبئة الذي قد حدث بشكل تدريجي؛ حيث كانت تعاني هذه الدول في البداية من الأمراض الوبائية، وأمراض سوء التغذية الناتجة عن نقص الغذاء.
ولكن حلّ محل هذه الأمراض بشكل تدريجي الأمراض المرتبطة بزيادة الوزن، وسوء الصحة الناتج عن ذلك والذي يتعلق بأمراض معينة، مثل مرض السكري، وأمراض الضغط، والقلب وغيرها.
ومن الجدير بالذكر ان هذا التدرج قد حدث بشكل سريع، بعد أن حدث انفجار سكاني كبير، وانفتاح على العالم الخارجي، وهجرة السكان من الارياف إلى المدن بشكل كبير، وبالتالي تغير نمط الحياة بشكل كبير جدًا في فترة زمنية وجيزة، فظلت الأمراض الأساسية موجودة، ومن ثم أصبح هنالك أمراض جديدة أضيفت إلى هذه الامراض، وتتعلق هذه الأمراض بالسمنة المفرطة نتيجة لتغير نمط الحياة، مثل: ظهور سلاسل المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة.
وكان ذلك متزامناً مع الخمول، وعدم الحركة في حياة المدنية عموماُ، والاستعانة بالآلات في معظم الوظائف التي يتم تأديتها، وبالتالي أدى ذلك إلى حدوث خلل في النمط الغذائي فبعد أن كان الغذاء طبيعي وصحي من الحقول، أصبح طعاماً غير صحياً غني بالسعرات الحرارية، وشحيح بالعناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم.
ومن الجدير بالذكر أن الحركات الشعبية والثورات التي حدثت مؤخراً في عالمنا العربي تحديداً كان لها أيضًا دوراً في ذلك؛ حيث أن معظم هذه الثورات والحركات أدت في النهاية إلى حروب، وقد أدت هذه الحروب إلى عدم وجود انتاج محلي، وإلى حدوث نزوح، وهجرة للسكان بشكل واسع، كما أدى ذلك إلى قلة المستوى المعيشي، وجفاف الأراضي الزراعية، كما أن ذلك جعل الخيارات الغذائية محدودة بشكل كبير.
كيف يمكن التعامل مع السمنة في تلك الدول؟
المشكلة في الحقيقة هي متشعبة؛ حيث جمعت سوء التغذية بشقيه، فهنالك سوء التغذية المرتبط بنقص الغذاء، وسوء التغذية الناتج عن زيادة الوزن، ذلك بالإضافة للأمراض الناتجة عن سوء التغذية مثل مرض السكري، والضغط، والقلب، وغيرها؛ لذلك فيجب أن تكون الجهود أيضًا متشعبة، ومكثفة، ومن جهات عدة؛ حيث يعتبر هذا دور البرامج الخاصة برعاية الطفولة والأمومة، والبرامج الخاصة للتخلص من سوء التغذية، وكذلك دور سياسات وزارة الزراعة والأغذية، التي يجب ان تقوم بتوفير الغذاء الصحي، وبالسعر المناسب للجميع، وأن تكون في متناول الجميع، كما يجب أن يكون هنالك دعم للناتج المحلي، وغيرها من السياسات التي تمنع انتشار هذه الوجبات السريعة، وتوزيعها، والتي تعتبر السبب الرئيسي والأساسي لهذه المشكلة.
ويجب ان يزداد الوعي عن أهمية ان يكون الطعام صحي بداية من المرأة الحامل، التي يجب أن تحرص على التغذية الجيدة، حتى تنجب طفلاً سليماً، ومعافى صحياً، وبالتّالي يكون أيضاً شخصا بالغا معافى صحيا.
تقرأ هنا أيضًا مقال عن نقص الغذاء
ما هو النظام الغذائي الجيد؟
تشير الدكتورة “رشا” إلى أن النظام الغذائي الجيد هو ذلك النظام الذي يحتوي على نسبة عالية من الخضروات والفواكه، والحبوب الكاملة، والبذور، والمكسرات، والألياف، كما يحتوي على كميات معتدلة من الأغذية التي تأتي من مصدر حيواني، وكميات قليلة جدًا من اللحوم المصنعة، والحد الأدنى من الأطعمة العالية بالسعرات الحرارية، وهي تلك الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة، والسكريات، والاملاح.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الأطعمة الصحية في الدول المتقدمة تم توفيرها بشكل اساسي في المدارس، وذلك لأن التغذية الجيدة في حياة الأطفال تعمل على رفع مستوى المناعة، وبالتالي تساعد في مقاومة الأمراض لدى الطفل، ورفع مستوى التحصيل الدراسي والأكاديمي بالنسبة للطفل.