في السعودية فقط هناك أكبر مجموعة من الخبراء! فهم يتحدثون عن كل شيء وفي كل شيء! مساكين تلك الدول التي مازالت تعيش على الخبراء الأجانب.. بالمناسبة السعودية تطلب رأي الخبير الأجنبي لكي تسخر منه فقط.. لأن لديها جيوشا من الخبراء تعالوا لنتعرف على بعض منهم.
اقتراح أفضل الأدوية
كل الشعب هنا درس «الصيدلة» ويفهم في العقاقير الطبية جيدا.
نعم نعم، عليك فقط أن تطرح مشكلتك في أي مجلس كان وستجد الاقتراحات تنهمر عليك كالسيل. وأيا كان مرضك.. إنفلونزا، ألم في الظهر، قولون، سكري، ضغط.. ستجد من يقترح عليك عددا لانهائيا من الأدوية، بل إن بعض «العلماء السعوديين» أصبح يقدم «خلطة علاج» لعدد من الأمراض.. مثلا أحد أصدقائي العظماء قدم لي ستة أنواع من الأدوية جميعها حبوب – بالطبع هو ليس تاجر مخدرات – لكنه يجزم أنها – مجتمعة- قادرة على سحق الزكام!
اقتراح أي الأسهم أفضل
كل الشعب هنا مقسمون إلى نصفين، نصفهم محلل فني، والآخر محلل مالي! ليس لديهم وقت لقراءة قوائم الشركات أو مكررات الأرباح أو القيمة العادلة للسهم، لديهم نظرة أكبر وأوسع من ذلك.
قد تكون مع أحدهم منهمكا في افتراس «تيس مضبي» وفي أثناء الأكل والكلام تأتي سيرة الأسهم وبكل ثقة ينصحك هذا المحلل المالي العظيم أن تستثمر مبلغ 100 ألف في تلك الشركة، وعندما تسأله عن السبب، تجده يخبرك وهو «يعترش عظام التيس»: «مالك شغل أنا قلت لك وخلاص!». هم هكذا العظماء يمتلكون معلومات سرية للغاية!
اقتراح خطة لعب المنتخب
كل السعوديين برازيليون بالفطرة، كل العقول هنا خلقت «للكرة».. من خلال بحث وتحليل سريع قمت به اتضح لي أن بالإمكان «ترشيد النفقات في الكرة السعودية»، بمعنى أندية بلا مدربين ومنتخب بلا مدرب!
أعلم أنها فكرة جديدة لكن في السعودية كل شيء يحدث.. ويمكن استبدال المدربين بجمهور الأندية بحيث يتم التعاقد مع 100 استراحة لكل ناد، فمن خلال الاستراحة يقدم الشباب هناك الخطة لكل مباراة، أما المنتخب فسيتم وضع «استراحة الوطن» وهي أشبه بمجلس الشورى بحيث يتم فيه استقبال خطة المنتخب من كل الشعب ثم يطرح تصويتا لاختيار الخطة الأفضل!
اقتراح تقديم الفتاوى
كل السعوديين علماء شرعيون وفقهاء ويفهمون الدين بشكل صحيح، لدرجة أن سؤالا مثل: ياشيخ هل معجون الأسنان يفطر الصائم؟ أسمعه كل عام مع بداية شهر رمضان المبارك!
في أي مجلس سعودي لابد أن تثار قضية تتطلب الفتوى ولابد أن يفتي الجميع ولابد أن يكون الجميع غير متأكدين من فتواهم، ولابد أن يتفق الجميع في الأخير على طلب الفتوى من شخص عالم أو فقيه.. السؤال هنا ليه مسوين زحمة من البداية؟!
اقتراح حل أي أزمة سياسية في العالم
الشعب هنا سياسي محنك، نعم.. محنك محنك. لا يحتاج التحليل السياسي لفهم وقراءة في التاريخ أو طباع البشر أو قراءة موسعة في الأحداث.. لا، أبدا، كل هذه طرق غير جيدة في نظرهم، قد يكون أحدهم صحا لتوه من النوم ووجد الناس مشغولة بخبر سياسي، كتنحي رئيس أو قضية فساد في حزب سياسي أو حتى ثورة كما في هذه الأيام.. فيصب أخونا في الله جام غضبه وجوعه على هذه القضية ويسترسل ويكون كريما جدا في إلقاء الشتائم والتوسع في التحليل..
تويتر هذا الأيام يسكنه كثير من هؤلاء المحللين!
اقتراح حل أزمة البطالة في البلد
الشعب يمارس «التحليل الاقتصادي» بجدارة ويقدم رؤى وتحليلات عن أنجع الوسائل للقضاء على البطالة، بعض العظماء منهم يربط بين البطالة ونوعية الأكل السعودي، حيث يقدم تحليله الموجز بقوله: «إن نظام الأكل المعتمد على الكبسة ثم بعدها كأس لبن هو سبب رئيس في انتشار الكسل بين الشباب».
يأتي آخر لكي يكسر كلام ونظرية العبقري الأول ليقدم نظريته العظمى بقوله: «السيارات.. السيارات السيارات – كررها ثلاثا – نعم هي السبب في البطالة، فالشعب مرفه جدا، أعيدوا لنا زمن الجمال والخيل والحمير! نعم نظرية الكبسة هي آخر ما توصل إليه العلماء هنا»!
اقتراح إصلاح وضع التعليم
في السعودية إصلاح التعليم لا يحتاج لخبرات أو شهادات أو حتى فهم للقضية التعليمية، أنت تحتاج إلى «خيزرانة» ومعلم ذي وجه عابس، ومدير يجلد ويجلد ويجلد فقط ولا يؤدي عملا غير الجلد. بعض العظماء هنا مازال يتباكى على أيام كان «يجلد فيها» ويريد من شباب هذا الجيل أن يجلد مثله حتى يصلح حاله وحال تعليمه.
ثقافة الجلد قد تنفع مع «حمار متنح لايريد المشي» لكن البعض هنا لا يزال يطالب بها.
اقتراح التعايش مع فصول السنة
في السعودية قد لا نعرف من فصول السنة إلا شتاء قارسا وصيفا ملتهبا، لكن هذا لم يمنع أفراد الشعب من اقتراح وسائل وأفكار وتقديم نصائح ونصائح عن أفضل الطرق للتعايش مع حر الصيف أو برد الشتاء. فقد يقترح عليك أحدهم أن تأكل وتشرب وتنام وتلبس حسب مزاجه هو فقط، لأنه طيلة الشتاء لم يصب بالمرض وكانت كل الاحتياطات التي عملها ناجحة جدا، وربما يستوقفك أحدهم وأنت تمارس رياضة المشي في الصيف ليخبرك بأنك ستموت! نعم ستموت..
أعلم هول الصدمة عليك، لكن اتبع نصائحه ولن تموت!
اقتراح تصميم منزلك
حتى لو كان المنزل يخصك أنت وستسكنه أنت وستدفع مال بنائه أنت، هذا لا يلغي دور الشعب في مشاركتك بأفكار ونصائح للتصميم.
فهؤلاء سينقضون عليك بكل شراسة بعدة استفسارات، مثلا لماذا وضعت لون الدهان الخارجي هكذا؟ أو يقترح عليك أحدهم لماذا لا تضع نافورة في حوش البيت؟! وقد يصادف بناؤك للمنزل مع رحلة سفر لإحدى العائلات السعودية ويلفت منزلك انتباه «رب الأسرة» الذي يتوقف ليسألك: لماذا لا تغير مقاس مجلس الرجال من «7 × 4 متر» إلى «8 × 4 متر»، عليك فقط أن تكون مستعدا لـ«صداع من الاقتراحات».
اقتراح المشروع التجاري
جميع أفراد الشعب لديهم القابلية لأن يصبحوا رجال أعمال.. الشعب هنا لا يحتاج إلى دراسات جدوى، ومكاتب تقدم تحليلات، ولا إلى قراءة كتب في مجال المال والأعمال، هل تريد التأكد من صحة هذه المعلومة؟ في أي مكان هنا اطرح هذا السؤال الجريء، أريد فكرة مشروع جديد؟ ستنهال عليك العروض والطلبات والاقتراحات، من بقالة إلى مطعم مندي إلى حلاق إلى محطة بترول، إلى مصنع مياه إلى بوفيه فول وتميس.. الشعب هنا خلق لهذه المشاريع العظيمة فقط!
هل شاهدتم مثل هؤلاء الناس من قبل.. أم أنا الوحيد الذي أتعايش معهم فقط؟!
بقلم: سفر بن عياد
وأوصيك هنا بقراءة مقال عن: العادات والتقاليد الخاطئة في المجتمع الإسلامي