ما مدى الإرتباط بين السعرات الحرارية وخسارة الوزن؟
أجابت الأستاذة “رند الديسي” أخصائية التغذية بقولها: البعض يعتبر أن خسارة الوزن لابد لها من الجوع وحرمان النفس من أصناف غذائية عديدة بحجة تقليل السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم لأن هذا سيساعد في النحافة، ومع كل أسف هذا المفهوم خاطيء تمامًا من أوله إلى آخره، فتقليل السعرات الحرارية بصورة مبالغ فيها عن حدود معينة لازمة للجسم لن يؤدي إلى النحافة أبدًا، فالجسم البشري ذكي وله ذاكرة غذائية قوية، لذلك من الخطأ إعتقاد أن تقليل تناول الطعام يفرض على الجسم حرق معدلات أعلى من الدهون لأن الواقع هو حدوث العكس، فكلما تناولنا كميات أقل من الطعام كلما خاف الجسم من الدخول في مراحل من المجاعة ومن ثَم يتمسك بالمُخزن من الدهون بشكل أكبر بل ويُضيف عليها دهون أكثر من خلال تحويل كل الغذاء الداخل إليه إلى دهون جديدة، وهذا هو السر في حيرة الأشخاص الذين لا يأكلون كثيرًا وفي نفس الوقت يزيد وزنهم.
وتابعت “أ. رند” قائلة: الحل للخروج من هذه الحيرة الغذائية هو الإلتزام بعدم تجويع النفس بصورة كبيرة مع الإلتزام بتنظيم تناول الطعام في وجبات ذات كميات ومواقيت محددة أيًا كان عدد هذه الوجبات وأقلهم ثلاثة في اليوم، لكن تجويع الجسم من الصباح حتى المساء لن يؤدي إلى خسارة الوزن بل على العكس سيؤدي إلى النهم بشراهة من الطعام لتعويض ما فات طوال اليوم وللوصول إلى حد الشبع، والأصح غذائيًا توزيع الوجبات الغذائية على ساعات اليوم حسب طبيعة الجسم، فالبعض قد يرتاح بتوزيع متطلبات جسمه على وجبتين وآخرين على ثلاثة وفئة ثالثة تفضل تقليل كميات الطعام مع زيادة عدد الوجبات إلى خمسة يوميًا وهكذا بحسب طبيعة الجسم ونظام العمل والروتين اليومي.
وأكدت “أ. رند” على أن الهوس بحساب السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم يعد أمر غير صحي حيث قد يؤدي مع البعض إلى العصبية وإيذاء النفس لمجرد أنه عند الحساب اكتشف زيادة في عدد السعرات المتناولة في اليوم عن الحدود المقررة، وعلى الجانب الآخر يعتبر التهاون والإفراط في تناول وجبات تحتوي على سعرات حرارية عالية عادة غذائية خاطئة وغير صحية، والأسلم والأصح غذائيًا هو الإلتزام بحصص من الأصناف الغذائية، فمثلًا إذا حُدد للإفطار حصتين من النشويات أي ما يعادل شريحتين من خبز التوست أو نصف رغيف أسمر فالتزم بها وكفى، وهكذا الحال مع باقي وجبات اليوم.
عند الرغبة في إنقاص الوزن، هل يجدر حساب السعرات الحرارية اللازمة بشكل يومي أم أسبوعي؟
يعتبر تحديد حاجة الجسم من السعرات الحرارية بشكل أسبوعي أفضل كثيرًا غذائيًا ونفسيًا، فإذا ما رغب الشخص في يوم تناول وجبة دسمة نوعًا ما فليس من الضروري حرمان نفسه منها بل لا مانع من تناولها بشرط مراعاة ما فيها من زيادة في الأيام اللاحقة بحيث يصل في نهاية الأسبوع إلى برنامج غذائي انخفض فيه بشكل مجمل محتوياته من الدهون وبالتالي خسارة الوزن لا محالة.
ما مدى صحية الحميات المعتمدة على صنف غذائي أو صنفين فقط؟
أشارت “أ. رند” إلى أنه يلجأ البعض وبخاصةً في فصل الصيف إلى أنواع من الحميات القاسية المنتشرة على شبكة الإنترنت وتتلخص هذه الحميات في تناول صنف واحد أو اثنين فقط طوال اليوم، وأشهر هذه الحميات التمر واللبن حيث يتناول متبع هذه الحمية ما يقارب العشرة ثمرات من التمر مع كوب لبن كبير موزعة على ساعات اليوم، وما لا يدركه هؤلاء أن ثمرتين من التمر تحتوي على 120 سُعر حراري وهي نفس نسبة السعرات الحرارية في ساندويتش جبنة معه كوب شاي مُحلى بنصف ملعقة سكر وبالتالي يحصل الجسم على نشويات وبروتينات وسكريات في نفس مستوى السعرات الحرارية التي حصل عليها الجسم من حبتين تمر، أي أن الجسم حصل على ما يلزمه من العناصر الغذائية الأساسية دون المساس بالسعرات الحرارية أو زيادتها، فمهما يكن لا يعتبر التمر مصدر متكامل لكل إحتياجات الجسم، وكذلك الحال مع اللبن فمهما كان المتحصل منه من الكالسيوم فلن يعوض ما توفره الخضروات الورقية الغنية بالكالسيوم، كما أن اللبن لا يُعطي البروتينات التي تساعد الجسم في خسارة أفضل للوزن.
ومما سبق يتضح لنا أنه حتى وإن خسر الجسم لكمية من وزنه فإنها خسارة غير نافعة تبعًا لكونها خسارة من العضلات ومن سوائل الجسم وليست من الدهون، مع كونها عملية ريجيم ضارة لفقرها في العناصر الأساسية التي يحتاجها الجسم.
والجدير بالذكر أن زيادة الكتلة العضلية في الجسم يساعد في حرق معدلات أعلى من السعرات الحرارية والعكس صحيح، فالكتلة العضلية تحرق في الساعة 4 سعرات حرارية بدون بذل مجهود أما الكتلة الدهنية تحرق فقط نصف سُعر حراري في الساعة بدون بذل مجهود، هل تخيلتم الفارق؟! بذلك يتكشف لنا أهمية الكتلة العضلية في إنقاص الوزن.
وأردفت “أ. رند” قائلة: من ناحية أخرى يعتبر حرمان النفس من طعام ما مدخل لتناول كميات كبيرة جدًا منه في يوم من الأيام، كالشيكولاتة مثلًا حين يفكر متبعي الحمية في أنها محرمة عليهم يخلق هذا لديهم رد فعلي عكسي يظهر بشكل مفاجيء في يوم من الأيام مما يجعلهم يلتهمون منها قدر ما يستطيعون كنوع من التعويض النفسي للأيام والشهور التي حُرموا فيها من الشيكولاتة، فحرمان الجسم المفاجيء من شيء يجعله يطلبه بكثرة أكبر من اللازم.
من كل ما سبق يتبين لنا أنه لا داعي أبدًا ومن غير المفيد حرمان الجسم بحجة خسارة الوزن فهذا غير صحيح، والأولى مراعاة كميات الطعام والتقليل منها، وكذلك الأكل بتأني ومضغ الطعام جيدًا للإستفادة القصوى منه وللشعور بالشبع بعد تناول الكمية المنضبطة أما الأكل بسرعة يجعل الفرد يتناول كميات ضخمة من الطعام ومازال في طور الجوع، وأيضًا لا يُستحب تناول الطعام أثناء ممارسة أنشطة أخرى مثل قيادة السيارات أو القراءة أو.. أو.. لأن العقل يكون منشغل بهذه المهمة وغير منشغل بالطعام مما يؤدي إلى تناول كميات لا حصر لها دون الشعور بذلك، وأخيرًا يلزم عدم التفكير في الطعام كمحور للحياة وكأنه الشغل الشاغل لها بل هو وسيلة لصحة الجسم ونشاطه فقط.