«رنا» تسأل: أنا فتاه أبلغ من العمر 24 عاما، جامعية، تقدم لخطبتي ابن خالي وأنا في السادسة عشرة من العمر، وهو يكبرني بـ 11 سنة، ولم نتفق في هذا الوقت لصغر سني وسوء طباعه، فلم تتم الخطبة، وغضب هو؛ وانقطع عنا حتى إنني لم أره إلا منذ بضعة شهور.
وفي أثناء ذلك قام بخطبة فتاة، واستمر معها قرابة سنة، ثم انفصل عنها، وجاء لزيارتنا واعتذر عما بدر منه من قبل، وصرّح لي بحبه القديم، وأنني عندما رفضته كسرت قلبه، وتركته غير متزن في الحياة حتى إنه قام بأعمال تغضب الله، واتهمني بأنني كنت السبب في ذلك، وأيضا صرّح لي بأنه كان يقوم بخداع كل فتاة تشبهني حتى تقع في حبه، وبعد ذلك يتركها ويكسر قلبها على حد تعبيره حتى خطيبته.
ثم انتبه إلى ذلك، وذهب إلى طبيب نفسي، وقال لي بأنه إنسان جديد ويحتاج لي لكي أشاركه حياته وقلبه، لكنه سوف يؤجل مجيئه مع الأهل رسميا حتى يستعد ماديا، وتكلمت معه واشترطت عليه أن يقلع عن التدخين، وقال لي بأنه سوف يهذب قليلا من طباعه؛ فوافقت على هذا الأساس.
إنني لم أكن أحبه، ولكنني على استعداد لتقبله ومحاولة حبه مع الوقت، وكنت أنوي أن أعطيه حياتي في شرع الله، فإنني أطلب رضا الله، ولكني لاحظت من زياراته أنه لم يتغير ولم يقلع عن التدخين رغم مرور فترة ليست قصيرة، وطلب مني مرة أن أراه خارج المنزل بمفردنا فلم أوافق؛ فغضب مني.
وفي إحدى الزيارات لاحظت أنه غاضب جدا، فسألته عن السبب، فقال لي بأنه يريد أن يعامل كخطيب لي من قبلي ومن قبل أهلي، وأن يتركونا نفعل ما يحلو لنا. ولما عاتبته بحدة وبغضب، غضب مني، وسألني عن حبي فأجبته بصراحة أنني اخترته بعقلي وليس بقلبي. وسألني لماذا رفضت من تقدموا لي قبله وقبلته هو إن لم أكن أحبه.
وقال لي كثيرا من الكلام الذي خدش حيائي، وأخجلني كثيرا منه أن حبه لي حب شهواني، وأنني أولا وأخيرا فتاة يجب أن تذهب إلى تلبية احتياجاتها، وأنني إذا لم أكن أفكر في مثل هذه الأمور الجنسية لا أكون طبيعية، ويجب أن أذهب إلى الطبيب، وقال لي بأن عنده طاقة هائلة أكثر من جميع الرجال، وإنني لعدم التجاوب معه ولعدم شعوري برجولته مصابة ببرود.
واتهمني بأن تفكيري طفولي؛ لأنني لا أفكر في هذه الأشياء، وليس عندي فكرة بالمرة عن الحياة وماذا يحث فيها، وإننا عندما نرتبط رسميا لن نظل نجلس هكذا كالأصدقاء، وإذا لم أكن أحبه فإنه لا يضمن بعد الزواج أن أحب شخصا آخر، وأتركه وأذهب إليه – مع العلم أنني على قدر من الأخلاق والتدين بشهادة الجميع، وأقابله بالحجاب كأي شخص أجنبي – فأنهيت اللقاء على أنني لا أحبه، وهذا يكفي لإنهاء هذه العلاقة إلى الأبد.
وفي هذه المدة قد صليت صلاة الاستخارة أكثر من 150 مرة، وعرف أهلي أننا انفصلنا لأنني لا أحبه لا أكثر، غير أمي التي قلت لها بأنه قال لي كلاما يخدش الحياء دون الدخول في تفاصيل.
وبعد فترة راح يلح من جديد رغم كلام أخي معه وإخباره برفضي، وحاول أكثر من مرة اعتراض طريقي، وأنا ذاهبة إلى العمل حتى ضقت به، وأكون في منتهى الحرج لرؤية زملائي لي معه، فقلت له إنهاء للموقف السخيف أن نتكلم في وقت آخر.
وعندما رجعت إلى المنزل وجدته وقلت له بأنه لا يفرق بين البنت المحترمة وغير المحترمة، فنفى ذلك، وقال لي بأنني ظالمة وجبارة، وهو قد أضاع عمره في انتظاري، وإن لم أتزوجه سيظل بدون زواج – عمره الآن 35 سنة- وأنه ليس حيوانا، وأنه يحبني بمشاعره، وأن كل هذا الكلام قاله في لحظة غضب، وإنني يجب ألا أعتب عليه ولا أعمم تصرفاته على حياتنا.
وعندما قلت له بأن زملائي شاهدوني معه، وأن صورتي أمامهم قد تهتز، قال لي: لا يهم، وكان يجب أن أقول لهم بأنه خطيبي، وعندما سألته عن موضوع التدخين لم يهتم بالحديث، وقال بأن الموضوع غير مهم، وهو يعتقد أنني أتحجج به لأرفضه.
أنني خائفة مشوشة لا أثق به، هل هذا الإنسان فعلا يحبني أم أنني لا أستطيع الرؤية بوضوح؟ هذا الموضوع يسبب لي ألما نفسيا كبيرا أخاف أن أكون ظلمته من كثرة إلحاحه عليّ، وأخاف أيضا أن أظلم نفسي إذا قبلت بهذه الزيجة، ولا أستطيع الفرار منها بعد ذلك.. إنني اشعر بالاختناق لمجرد التفكير في هذا الموضوع، إنني لا أريد معصية الله، أريد شخصا يعينني على طاعته لأكسب حياتي وآخرتي، غير أنني لا أعرف إذا كان هناك فعلا في الدنيا من يقدم لي هذا أم لا؟ أرجو منكم النصيحة.
الإجابـة
هناك مثل مصري عامي يقول: “الزن على الودان أشد من السحر”، أي أن الإلحاح على فكرة في أذن شخص معين لها تأثير أشد من السحر في نفسه.. وهو ما فعله ويفعله صاحبنا معك.. فأنت بالرغم من وضوح ما تحتاجين في من ترتبطين به، وتأكدك أن هذا الشخص لا يصلح لك، المرة الأولى بما حكاه هو نفسه عن نفسه من أخطاء وخطايا لم يشأ أن يعترف بمسئوليته عنها، ونحا بالمسئولية عليك عندما رفضته في أول مرة، وكأنه طفل صغير لا يعرف مصلحته، ولا يعرف أنه يغرر ببنات الناس ويفعل الخطأ.
والمرة الثانية وهو يواجهك بفحش القول ويدعوك إلى التمادي معه في نزواته وشهواته، ولم يراع حرمة للبيت الذي استأمنه وأواه، ولم يراع حرمة قرابة، بل وذهب أيضًا يقلب الحقائق ويتهمك أنت بالبرود وعدم فهم الدنيا، وكأن فهمها يعني الفحش وتجاوز الحدود..
إن هذا الشاب لا يحبك، ولكن غروره يأبى عليه أن تصعب عليه فتاة وترفضه، وتخيل أن دخوله من مدخل الخطوبة سيمكنه من الوصول إلى مأربه حتى إذا فشل جُن جنونه، وأخرج حقيقة ما بداخله من الفحش والعهر..
أنت لا تظلمينه، بل هو الذي ظلم نفسه؛ لأنه لم يستوعب أنه يتحدث مع نوعية مختلفة محترمة كما قلت له، وهو لا ولم ولن يفهم؛ لأن كل من قابلهن واستجبن له، هن على شاكلته، وهو لا يتخيل صنفًا آخر من البشر على غير شاكلته.
إنه يراهن بينه وبين نفسه أنك في النهاية ستخضعين، ويستخدم كل ما أتاه الشيطان من أسلحة الإلحاح (والزن) حتى يؤثر فيك.. أغلقي الباب تمامًا فالخطاب يُعرف من عنوانه، وهذا قد تجاوز العنوان إلى المضمون، فاقطعي عليه الطريق، واظفري بصاحب الدين والخلق الذي لا يفهم الدنيا على أنها فحش وعهر.. أعانك الله ورزقك بالزوج الصالح.
⇐ ويمكنك الاطلاع على استشارات سابقة منها:
- ↵ أحب فتاة من قبيلة أخرى ومن ذوي الاحتياجات الخاصة!
- ↵ طبيبة تواجه معضلة الزواج: هل تتخلى عن عملها أم ترفض الزواج؟
- ↵ أحب زميلتي في العمل: هل أصارحها بمشاعري أم أكتمها؟
⇐ أجابها: عمرو أبو خليل