الجمعيات الخيرية المرخصة من قبل الدولة هي خيار أول لأموال المحسنين، لكن في المقابل تحتاج هذه الجمعيات إلى مزيد من الرقابة، هذه الرقابة ليس المقصد منها التشكيك في ذمة الجمعيات الخيرية بقدر ما هو منع الإساءة لدورها، فهناك شكاوى كثيرة حول بعض الجمعيات التي تأتيها كثير من الأموال في حين أن خدماتها محدودة، وبعض الجمعيات تأخذ تبرعات مقابل تقديم خدمات تلتزم بها الدولة، وهناك جهات حكومية تقدمها بالمجان، وفي بعض الحالات تصرف الدولة إعانات مالية تساعد من يقعون ضمن دائرة هذه الخدمات، ما يسبب ازدواجية من شأنها أن تبدد مالا كان الأجدر أن يستفيد محتاج آخر منه.
ضبط عمل الجمعيات الخيرية مهم لتواصل دورها، ولأن أي فضيحة مالية قد يتسبب بها شخص لمصلحة خاصة، وما يترتب عليه من ضرر يؤدي إلى انصراف الناس عن هذه الجمعيات، وهو ضرر مؤثر ويحتاج في حال وقوعه إلى سنوات للخروج من آثاره، كما أنه في هذه الجمعيات يغلب حسن الظن من جهة، إضافة إلى أن المستفيدين منها شرائح تخشى الإبلاغ عن أي مخالفة تقع، وهذه الخشية سببها الخوف من انقطاع الإعانة، مع العلم أن أموال هذه الجمعيات هي حقوق شرعية لمستحقيها، وليست تفضلا أو عطاء من الجمعيات الخيرية نفسها، وعليه تكون مسؤولية المراقبة والمتابعة من مختلف أجهزة الدولة ضرورة.
الاطلاع على الإيرادات والمصروفات لهذه الجمعيات الخيرية حق لأجهزة الدولة، إلى جانب أنه حق عام للمواطن، ومن المفترض أن تلزم هذه الجمعيات بوجود محاسب قانوني يكون مستقلا عنها، بحيث يصدر هذا المحاسب قوائم مالية نهاية كل عام توضح ما حدث فيها، وذلك أسوة بالجهات التي يكون فيها المال مشتركا كالشركات، وهذا الإجراء سيزيد من الثقة بهذه الجمعيات، وسيكون للقوائم المالية دور في تنظيم صرف المستحقات، وخروج كثير من الجمعيات من عشوائية توزيع المساعدات، الأمر الذي سيرفع من أدائها، إلى جانب أنه سيعطيها معطيات تساعدها على رسم خططها وبرامجها المستقبلية بشكل أكثر دقة.
بقلم: منيف الصفوقي
كذلك؛ لدينا بعض المقترحات:
- فتقرأ هنا عن: «وهم» الإعانة في السعودية
- ثم: راكضة.. لاهثة في سبيل «بطاقة وردية»!
- ومرورًا بـ: الأكاديميات المتعاقدات.. الأخلاق أولا
- وختامًا؛ مع: لماذا لا يبلغ المواطن عن الغش في الأغذية أو عن المنتجات منتهية الصلاحية!