أحب القاضي الشيخ مناع خليل القطان العمل الدعوي وأفنى حياته في الدعوة إلى الله، ووهبه الله قدرات كبيرة في التواصل مع الآخرين، فقد كان، رحمه الله، الخطيب البليغ، والكاتب الرائع، والواعظ الراشد، والعالم الواسع المعرفة، والإنسان الذي يفيض خيرا على من حوله، وإلى جانب ذلك كانت له صفاته وخصاله التي تميزه كشخصية يحبها من يعرفها فهو الهادئ والمستقيم المتواضع، ذو البصيرة النافذة، والوفي المخلص لإخوته في الدين، والكريم الذي يمد يديه عطاء لهم.
مولده
ولد الشيخ الراحل في قرية شنشور مركز أشمون من محافظة المنوفية بمصر من أسرة متوسطة الحال، وفي بيئة إسلامية مترابطة، حيث كان المجتمع الريفي يعتمد على الأرض الزراعية، وبدأ حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم في الكتاب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم التحق بالمعهد الديني الأزهري بمدينة شبين الكوم ثم التحق بكلية أصول الدين في القاهرة.
واتجه به المسير إلى السعودية؛ حيث أقام وواصل منهجه الدعوي، فأحبه الملك فيصل -رحمه الله- وأجزل له العطاء ومنحه الجنسية السعودية عام 1974م، كما منحه جواز سفر دبلوماسيا، وظل لفترة طويلة يخطب في المسجد الكبير بالمطار القديم في الرياض، ويأتي إليه الكثيرون من أنحاء المملكة ليستمعوا إلى خطبه واجتهادته العلمية.
عمله بالسعودية
وقد عمل في السعودية بالتدريس في كثير من المدارس والمعاهد، ثم انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، فكلية اللغة العربية، مديرا للمعهد العالي للقضاء، ثم مديرا للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة.
وكان يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والتي بلغ عددها 115 رسالة.
جهاده
لم يقف طوال حياته على النشاط الدعوي والخطابة وحسب وإنما كانت له مجاهداته مع أمة الإسلام، حيث شارك في التطوع للجهاد في فلسطين سنة 1948م، كما شارك في المقاومة السرية ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة قناة السويس عام 1951-1952م.
وخلال ذلك كان يكتب مؤلفاته ليتكامل دوره الدعوي بين الخطابة والوعظ والكتابة فأنجز عددا كبيرا من المؤلفات التي لا تزال مراجع يأنس إليها طلاب العلم، ومنها: تاريخ التفسير ومناهج المفسرين، تفسير آيات الأحكام، مباحث في علوم القرآن الكريم، نزول القرآن على سبعة أحرف، التشريع والفقه في الإسلام تاريخا ومنهجا، الحديث والثقافة الإسلامية، والدعوة إلى الإسلام، وغيرها كثير من الكتب والمخطوطات.
وفاته
انتقل الشيخ الراحل إلى رحاب الله يوم الإثنين 6 ربيع الآخر سنة 1420 هـ الموافق 19 يوليو 1999م، ودفن في مقابر النسيم بالرياض، بعد مرض عضال نتيجة إصابته بسرطان الكبد الذي استمر أكثر من ثلاثة أعوام، وكان عمره 75 عاما، وترك خلفه خمسة من الأولاد، ثلاثة أبناء وبنتين.