«أبو عبد الله» يسأل: سؤالي من الناحية النفسية هو أني ذهبت إلى أحد البلدان الخارجية، وتعرضت هناك لعلاقة مع فتاة وكانت بدون عازل، والحقيقة أنها كانت المرة الأولى لي، وبعد تلك الحادثة أصابني الندم على هذا الفعل، والخوف من مرض الإيدز، وأحسست بأن هذا المرض قد انتقل لي، وأتوهم ذلك، وذهبت لتحليل الدم بعد أسبوع من هذا الفعل وكانت النتيجة سلبية.
بعدما رجعت بلدي وبعد قرابة 4 أشهر كأني قرأت أنه يظهر بعد عدة أشهر، ورجع الخوف ينتابني من جديد؛ فأصبحت في قلق، وأحسست بأن المرض في داخلي، وبدأت أتعب وأحس بألم في العضلات، وألم في المعدة، وشكاوى كثيرة؛ فقررت الذهاب إلى طبيب باطني لعرض مشكلتي وعمل فحص، والحمد لله كان الفحص سليمًا، وبعدها انتابني شعور بالندم وأن الله لن يغفر لي، وأحسست بالخوف وأن موتي قريب.
وأصبح خفقان القلب ينبض بقوة، وهو ما يعكر عليّ النوم وعدم الارتياح، وأصبحت في قلق وشعور بالاكتئاب، وعند النوم يكون خفقان القلب قويًّا، وهو ما أثر عليّ، وجعلني أحس بقرب النهاية، ذهبت لطبيب نفساني وصف لي العلاج التالي وهو: سبرام، ولوكستانيل 1.5.
والحقيقة: خفَّت عندي أعراض الخوف، والآن لي أربعة أشهر مستمر على العلاج، ولكن في بعض الأوقات ترجع لي حالة القلق، بالذات عند النوم؛ حيث يزداد خفقان القلب بقوة. ما هي المشكلة؟ وما هو الحل لإزالة هذا النبض القوي، حيث يهز جسدي من قوة النبض؟ وهل أستمر على العلاج مع العلم أنني بدأت أخفض من لوكستانيل، وأصبحت آخذ نصف حبة يوميًّا؟ ولكم جزيل الشكر.
⇐ د. أمل المخزومي «طبيب نفسي» أجابت السائل؛ فقالت: الأخ العزيز.. في البداية أود أن أذكرك بقوله تعالى “وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”.
ذكرت أنك تعرضت لعلاقة مع فتاة وكانت بدون عازل، وكانت المرة الأولى لك.. هذا هو السبب الأساسي في مشكلتك، حيث بدأت تتعب وتحس بألم في العضلات، وألم في المعدة، وشكاوى أخرى، وينتابك شعور بالندم، وأن الله عز وجل لن يغفر لك، وأحسست بالخوف، وأن موتك قريب، وأصبح القلب ينبض بقوة، وهو ما يعكر عليك النوم وعدم الارتياح.. أصبحت في قلق وشعور بالاكتئاب، وعند النوم يكون خفقان القلب قويًّا، وهو ما أثَّر عليك، كما أن إحساسك بقرب النهاية يرجع لك حالة القلق بالذات عند النوم، حيث يزداد خفقان القلب بقوة.
وعلى الرغم من بشاعة ما قمت به من علاقة غير مشروعة فإنك قمت بعمل أمرين قد نالا استحساني، وهما:
- أولاً: أنك لم تهمل حالتك وراجعت الطبيب ولم يظهر أي مؤشر جسمي، وإنما السبب هو نفسي بحت.
- ثانيًا: أن لك ضميرًا قويًّا يؤنبك على فعل هذا العمل المنكر.
وجميع تلك الأعراض وما تشعر به ناتج عن تأنيب الضمير الذي يعذبك شعوريًّا ولا شعوريًّا، كما يزداد تعذيب الضمير لك أثناء النوم، ويسيطر عليك الخوف أولاً من الله سبحانه، وثانيًا من انكشاف الأمر؛ ولهذا تزداد ضربات القلب في فترة النوم، وقد تكون أحلامك كوابيس، والذي يزيد الطين بلة أنك متزوج ولك 5 أطفال، وعلى ما أعتقد أن زوجتك امرأة جيدة.. هذه المظاهر تساهم في عذابك.
وللتخلص من تلك الحالة عزيزي عليك باتباع الآتي:
- التوبة إلى الله ﷻ، وأن تعاهد نفسك على أن تكون هذه هي المرة الأولى والأخيرة في عمل المنكر. والتوبة النصوح هي العلاج في تخفيف تلك الحالة النفسية.
- اكتب هذا الحادث في ورقة عدة مرات ومزِّقها إربًا إربًا؛ كي تتخلص من هذا الكابوس.
- حاول أن تتخلص من التفكير بهذه المشكلة قبل الذهاب إلى النوم.
- قبل الشروع بالنوم اقرأ آيات تتناول التوبة، وأن الله هو الغفور الرحيم، ويغفر لك ما تقدم إن صدقت معه، هذه المحاولة ستسبغ عليك الاطمئنان النفسي، وستنام آمنًا مطمئنًّا إن شاء الله ﷻ.
- أشعر بأنك لا تحتاج إلى توصية في اهتمامك بالعائلة؛ لأنك تحمل ضميرًا حيًّا، ولكن كن رحيمًا بزوجتك التي أنجبت لك 5 أطفال، وبأطفالك الخمسة حفظهم الله ﷻ.
- أقول لك: لا بأس عليك إن لم تكرر العمل مرة أخرى، فهذه نزوة وتذهب مع الريح، وتأخذ معها تلك الصراعات التي تعاني منها إن عاهدت الله عز وجل ونفسك على عدم تكرار ذلك مهما كانت الأمور المساعدة لذلك.
- اشغل نفسك بما يريحك ويريح عائلتك.
- من ناحية أخرى أهنئك على هذا الضمير الحي، ولكن الزيادة في تعذيب الضمير هو الآخر يسبب مرضًا نفسيًّا، فكن وسطًا في ضميرك، وخير الأمور أوسطها.
وفي النهاية -عزيزي- ندعوك أن تعود إلى ربك الغفور الرحيم وتتطهر من هذه الكبيرة، وتحافظ على صلاتك، وتكثر من الاستغفار والدعاء، عسى الله ﷻ أن يغفر لك. قال ﷻ: “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ…”.
وقال سبحانه: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {53} وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {54} وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ {55} “.
مع خالص دعائنا أن يوفقك الله تعالى للتوبة، وأن يتقبل توبتك، ويجعلك من الصالحين الفائزين.