يثار من حين لآخر موضوع «الجيل الجديد»، و«فجوة الأجيال»، ومع تسارع إيقاع العصر، لم تعد هذه الفجوة بين جيل الآباء والأبناء، أصبحت واضحة بين الإخوان، فنظرة سريعة من بني جيلي «الثلاثينيات» إلى جيل «بداية العشرينيات»، تجعلك تصاب بالارتباك والمغص المعوي، جيل الشبكات الاجتماعية لا يعترف بحدود وقوانين أو أعراف، هم كما يتضح أكثر جرأة وأكثر حدة، لا يهابون التجربة، أو يستنكرون المشاركة، فجملة «طالع الاستراحة مع الشباب»، التي مازلنا نستخدمها، استبدلوها بـ«طالع مع فلان وزعطان للمكان الفلاني!»، مع عمليات التوثيق الإلكترونية، فتجد الدعوة في الفيس بوك وتويتر وماسنجر البلاك بيري، وعند الوصول يتم تسجيل الدخول بخدمة جوالا!!
أكثر ما يفزع هو كمية المعلومات التي يتشاركونها، ولا نعني مجرد الاهتمامات والهوايات، بل اليوميات، تلك التفاصيل اليومية التي اعتبرها من الخصوصيات، المساحات الخاصة أصبحت مشاعا، وجولة في صفحات الفيس بوك للسعوديين تكتشف تغيرا واضحا في نمط التفكير ومساحات المشاركة المتاحة، وحتى السعودية كذلك، تقوم بمشاركة مشاعرها ويومياتها، بدءا من استيقاظها إلى نومها، مرورا بالمطاعم والتسوق والجامعة أو العمل، مدعمة بصور مختلفة وعديدة، والصادم الأكبر ما كنت أظنه من خصوصيات المرأة «الخاصة» جدا، أن يتم مشاركتها كوضع حالة في الماسنجر أو الفيس بوك، وكأنها تعلن للجميع بلاشيء تخجل من الإفصاح عنه!!
لم تعد جملة «البارحة كنت في المكان الفلاني مع فلان، صح.. اعترف» ذات جدوى، بكل بساطة يجيبك «شكلك قريتها على الفيس بوك، لا تفوتك الصور أجل»! يبدو أن هاجس الخصوصية الفردية يتلاشى معهم، وحتى في البرامج والخدمات التقنية، يكفي أن تحمل برنامج مثل «فايبر» أو «واتز أب» ليكشف لك عن أصدقائك الذين لديهم ذات البرنامج! لتبدأ إما بالتطفل أو المشاركة! هناك اندفاع من شركات التقنية للاستفادة من اجتماعية الفرد بطبعه، لدفعه نحو المزيد من التشارك، ونحو خصوصية أقل، هناك محاولات من جيلي والجيل الأقدم لمسايرة الاتجاه، ولكن.. بصعوبة قد لا تبلع!
مدد: «العبد اللي كان مدوب ما تعيبه كحوله، والحر اللي كان مجعوب ما يسوى نص فوله».
بقلم: نايف أبو صيدة
وهنا أوصيك أيضًا بالاطلاع..
- على: معنى الخصوصية الشخصية
- وكذلك: هذه «أحد» جوانب خطورة الكلمة في حياتنا
- وختامًا: ليس كل تأخيرة خيرة!