«الخصوصية السعودية» مصطلح سحري نخفي خلفه كل هواجسنا وقناعاتنا ومقتنياتنا الثمينة. لدينا خصوصية في كل شيء، وليس هناك مشكلة أن نمتلك ما يميزنا ويميز ثقافتنا، لكن المشكلة عندما تتحول الخصوصية إلى سور طويل يحجبنا عن عوالم يجدر بنا الانفتاح عليها.
المشكلة أن هذه الخصوصية مطاطة فهي أحيانا ما يميزنا ثقافيا، وفي أحيان أخرى ما نتفرد به دينيا، والكثير يرسمها كحاجز نخفي فيه أسرارنا وأشياءنا الخاصة.
المفارقة أن هذه الخصوصية ارتبطت كثيرا بالتكتم على كل أمورنا الخاصة كمجتمع وأفراد، ولكننا بالفعل نعيش في منظومة تنتهك فيها كل أسرارنا المفترضة.
الغريب أننا عندما نبني جدار «الخصوصية» على قناعاتنا وثقافتنا وتديننا فإننا نهدمه تماما على أمور بسيطة تتعلق بأسرارنا الحياتية الخاصة والتي من المفترض أن تكون ذات خصوصية هي الأخرى! فاسمك فقط أو رقم هويتك المعلن هو المطلوب لأي موظف صغير في الجوازات مثلا كي يطبع ورقة تحوي كل رحلاتك المكوكية منذ أن أصدرت جوازك. وموظف عادي جدا في المرور يستطيع أن يمنحك اسم مالك أي سيارة تمر من أمامك، فقط أخبره عن رقم اللوحة.
أما أرقام هواتفك وجوالاتك فهي مشاعة لأي أحد. فضغطة زر كفيلة بمنحك اسم أي رقم جوال يمر عليك. والسر الكبير في حياتك والذي تخفيه ابتداءً عن زوجتكم المصون هو متاح لأي موظف في البنك الذي تودع فيه تحويشة العمر. فرصيدك البنكي ليس بمنأى أيضا. وفي الأحوال المدنية ستكون تفاصيل عائلتك بتواريخ ميلادهم تحت يد من يريد أيضا.
ومع التطور والتحول إلى التعاملات الإلكترونية في كل مجالات الحياة والذي يبشر به مؤتمر التعاملات الإلكترونية الأخير فكثير من معلوماتنا الخاصة بنا ستكون معرضة لكل أحد. لا أحد ينكر مقدار الضرر الذي يمكن أن يجلبه توفر كل هذا الكم من المعلومات والتي من الممكن أن تقع بيد أي شخص، لذلك فإني أدعو إلى إعادة تعريف الخصوصية السعودية لتصبح حامية لنا لا جدارا يفصلنا عن العالم.
بقلم: ثامر المحيميد