الحوت.. وسيدنا يونس (عليه السلام) – للأطفال

الحوت.. وسيدنا يونس (عليه السلام) - للأطفال

اصطحب الجد عرفان الحفيدين إلى رحلة نيلية، ركبوا جميعًا المركب بينما اعتذرت الجدة، لأن ركوب المركب يسبب لها الدوار، كان الحفيدان في منتهى السعادة وهما يشاهدان نهر النيل بامتداده، كان المركب كبيرا يتكون من دورين جلس الجد عرفان في مقدمة الدور الثاني، وقال الحفيدان من هنا نشاهد النيل والمعالم التي حوله أفضل مشاهدة.

بينما خافت مرام عندما تحرك المركب بسرعة، وصرخت: إن المركب يسير بسرعة شديدة!

قال حسام لا تخافي يا مرام وتعالي اجلسي بجواري.

وطمأنها حسام قائلا: هذا المركب يحافظ على اتزانه في الماء، يجب أن تنسي الخوف حتى تستمتعي بالمنظر.

جاء بائع العصير ووزّع الأكواب على الجد والحفيدين، وراح كل منهم يتأمل منظر النيل والخضرة من حوله وأخذوا يقولون: سبحان الله!

وفجأة لمح حسام العديد من الأسماك تسبح بجوار المركب، فأشار إلى مرام فرحًا: انظري يا مرام إلى هذه الأسماك.

ذهبت مرام إلى جواره لتشاهد الأسماك صاحت مرام يوجد منها أنواع مختلفة.

وقال حسام منظرها بديع.. سأحاول تصويرها بالتليفون المحمول.

قال الجد عرفان هناك أسماك تعيش في المياه العذبة مثل: أسماك النيل، وأسماك أخرى تعيش في المياه المالحة مثل: أسماك البحار والمحيطات.

قالت مرام بسرعة نعم الحوت يعيش في المياه المالحة.

صحح الجد لها المعلومة قائلا: ولكن الحوت ليس نوعًا من الأسماك، إنه حيوان بحري ضخم يشبه السمكة إلى حد كبير فالحيتان ليست أسماكا؛ لأنها تنتمي إلى مجموعة الحيوانات التي تعرف بالثدييات البحرية.

كيف يتنفس الحوت؟

هكذا سألت مرام وكيف يتنفس الحوت وهو يعيش في الماء؟

أجاب حسام على الرغم من أن الحوت يعيش في الماء إلا أنه يتنفس الهواء الجوي كباقي الثدييات، وله رئتان مثلها، إلا أنه يُدخل الهواء ويخرجه عبر فتحة أو اثنتين وذلك حسب نوع الحوت، وتوجد هذه الفتحة على قمة رأسه وتُسمى “فتحة النفث”.

استطردت مرام قائلة: نعم يا حسام.. فقد قرأت أن الجهاز التنفسي للحوت فريد من نوعه، يتيح له البقاء فترات طويلة تحت الماء دون أخذ الأكسجين، ويحدث الزفير عندما يصعد الحوت إلى سطح الماء ويُخرج الهواء الغني بثاني أكسيد الكربون من فتحة النفث – وقد شاهدنا في بعض الأفلام الرذاذ الضبابي الذي يخرج من فتحة النفث، ويكون عاليًا جدا لدرجة أن البحارة يشاهدونه من مسافات بعيدة، ثم يملأ الحوت رئتيه بالهواء النقي ويغوص من جديد.

حاسة السمع عند الحيتان:

وسأل الجد وماذا عن حاسة السمع؟

أجاب حسام تُعد حاسة السمع من أهم حواس الحيتان وأقواها، حيث تستطيع الحيتان سماع مدى واسع جدا من الأصوات، بما في ذلك الأصوات ذات التردد العالي والمنخفض.

وحينها سأل الجد عرفان حفيديه وهل تتكلم الحيتان ويسمعون بعضهم؟!

أجابت مرام هم يسمعون الأصوات حولهم، ويصدرون بعض الأصوات، لكنهم يتواصلون بموجات السونار.

موجات السونار لدى الحيتان

ثم شرحت مرام يتواصل الحيتان عن طريق موجات السونار، حيث ينبعث من الحيتان نوعان مختلفان من الإشارات والتي تسمى “النقرات والصافرات”:

فالنقرات هي: نبضات سريعة عريضة النطاق، أما الصافرات فهي: إشارات ترددية ضيقة النطاق.

نظر الحفيدان إلى الأسماك السابحة بجوار المركب، وفجأة وجدوها جميعًا تتجه إلى الشاطئ، فقالت مرام يبدو أنهم وجدوا طعاما هناك فذهبوا جميعًا.

ضحك الحفيدان، وعادا إلى الجلوس حول الجد، وعندها قال حسام قرأت أن الحيتان تأكل حوالي ألف كيلو جرام من الأسماك والقشريات يوميا، أما الوجبة المفضلة لها فهي الأخطبوط.

وهنا تدخل الجد وأضاف والحوت يبلع الطعام كما هو، ثم يهضمه في معدته، وسوف نعود لهذه المعلومة المهمة بعد قليل.

ذكاء الحيتان:

رد حسام أعرف ما تقصده يا جدي الحبيب، ولكني أريد أن أقول معلومة مهمة عن ذكاء الحيتان، إنها تتميز بالذكاء الشديد فهي تقوم بالتعلم والتعاون والتخطيط.

وقالت مرام الحيتان تشعر بالحزن والفرح وتحب اللعب في الماء.

نوم الحيتان:

وسأل الجد عرفان: وماذا عن نوم الحيتان؟ فتعجبت مرام وهل تنام الحيتان!

أجاب حسام: تنام الحيتان بطريقة غريبة تنام وهي واعية خلافًا لمعظم الحيوانات؛ لأنها لا تستطيع تحمل فقدان الوعي لفترة طويلة لأنها قد تغرق، وقد يعمل نصف دماغها فقط بينما النصف الآخر نائم.

ذيل الحوت:

وأضاف حسام أما أكثر ما تعجبت له هو ذيل الحوت؛ لأنه يتحرك من أعلى إلى أسفل، ويتكون من فصين أفقيين ووظيفته مساعدة الحوت على التوازن والسباحة، ويعتبر وسيلته الوحيدة للتقدم والاندفاع في المياه.

نظر الجد إلى الحفيدين وقال لهما: ذكرتما كل هذه المعلومات عن الحوت ولكنكما لم تذكرا أهم شيء عنه.

ردت مرام: طبعا لم نتكلم عن أشهر حوت، إنه حوت نبي الله يونس (عليه السلام)، ولكننا نحب دائما أن نسمع القصة منك يا جدي.

نبي الله يونس (عليه السلام):

حكى الجد عرفان نبي الله يونس (عليه السلام) ويُقال له: (ذو النون)، أي: صاحب الحوت، من سلالة نبي الله يعقوب (عليه السلام)، وهو من أنبياء بني إسرائيل، إلا أن الله تعالى لم يُرسله إلى بني إسرائيل بل أرسله إلى الآشوريين، وكانوا يسكنون حول نهر دجلة وروافده، وكانت نينوى وآشور من أهم مدنهم، وكانوا يعبدون الأصنام ويتوجهون إليها بالقرابين والهدايا.

وقد أمر الله يونس (عليه السلام) بدعوتهم إلى الإيمان بالله وحده، فبدأ نبي الله يونس (عليه السلام) بدعوتهم من عاصمتهم نينوى وهي قريبة من الموصل إحدى مدن العراق حاليًا، ولبث فيهم سنوات يدعوهم إلى الإيمان بالله لكنهم لم يستجيبوا لدعوته، واستمروا في ضلالتهم وأعمالهم الفاسدة وعبادة الأوثان، ولم يدخل الإيمان إلى قلوبهم وطال الأمد وهم على هذه الحالة، ونبي الله يونس (عليه السلام) مستمر في دعوتهم وتذكيرهم.

غضب نبي الله يونس (عليه السلام) من عناد القوم وامتناعهم عن الإيمان بالله تعالى، فأنذرهم بوقوع عذاب الله تعالى عليهم، وخرج مغاضبًا لهم، وقد عاتبه الله تعالى على نفاد صبره وتعجله بتركهم، فكان عليه أن ينتظر الأمر الإلهي بالخروج.

حوت يونس:

وأكمل الجد فقال: ذكر حوت سيدنا يونس (عليه السلام) في مواضع من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، وقوله ﷻ: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ).

خرج نبي الله يونس (عليه السلام) من نينوى، وأقبل على قوم وركب معهم سفينتهم، فلما وصلت بهم جميعًا إلى عرض البحر تمايلت السفينة واضطربت واهتزت، فلم يجدوا سبيلا للخلاص إلا أن يلقوا بأحدهم في البحر؛ تخفيفا للحمل، فاقترعوا على من يُلقى به في البحر، فخرج سهم نبي الله يونس (عليه السلام)، فلما التمسوا فيه الخير والصلاح لم يحبذوا التخلص منه، فأعادوا القرعة ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يخرج لهم سهم نبي الله يونس (عليه السلام)، فلم يجدوا بدا من إلقائه في البحر، ولكن الله سبحانه وتعالى نجاه، فقد أقبل إليه حوت ضخم أرسله الله تعالى (فالتقمه) أي بلعه؛ لأن الحوت كما قلنا مسبقًا لا يمضغ الطعام، ولما صار يونس (عليه السلام) في بطن الحوت، أمر الله الحوت ألا يكسر له عظما ولا يهشم له لحمًا، فنودي الحوت: أيا حوت إنا لم نجعل لك يونس رزقًا، إنما جعلناك له حرزًا ومسجدًا.

ظل نبي الله يونس (عليه السلام) في ظلمات ثلاث، وهي ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل، ولكنه أخذ يسبح الله تعالى كما حكى القرآن عنه، قال تعالى: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

فاستجاب الله له، ونجاه من الغم، وأمر الله تعالى الحوت فقذف به على اليابسة، وأنبت حوله شجرة يقطين؛ يستظل بها، ويأكل من ثمرها، وأرسله إلى قوم آخرين آمنوا به.

تعجب الحفيدان وقالا: سبحان الله… لقد ذكّرتنا هذه القصة بقصص أُخرى؛ مثل: الناقة.. ومعجزة نبي الله صالح (عليه السلام)، وكذلك قصة حمار عُزير.

نظر الجد إلى الحفيدين، ورأى عيونهما تلمع بالمعرفة والعبرة.

فقال: أنا فخور بكما، ولكن هل تذكران اتفاقنا ؟! ضحك الحفيدان وقالا في مرح: طبعا يا جدنا، قال الجد: إذن نلتقي غدًا في نفس الموعد لنتحدث عن “الذئب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top