في عام 1896 وبعد عدة عقود من اشتعال الثورة الفرنسية، نشر جوستاف لوبون كتابه «الحشد» الذي يدرس فيه الشكل النفسي والعقلية التي تدير فيها هذه الحشود والجماعات نفسها.
يرى لوبون أن هذه الحشود ينعدم فيها التفكير، وتصبح عاطفية وأحيانا عدوانية. كذلك يصبح الجانب البدائي وغير المنطقي فيها مقدما على الجانب المؤهل والعقلاني الذي يختفي في مثل هذه الجموع. عندها تتكون لدى هذه الجماهير ما يسمى بالـ «قابلية للإيحاء» وهو بالضبط ما يستغله القادة في العادة للتأثير في جماهيرهم.
حيث يقول لوبون في أحد أجزاء الكتاب إياه «الطريقة التي يبدو فيها شخص في حشد ما، تشبه وجوده بين يدي منوم إيحائي. يفقد تماما وعيه الشخصي، وينصاع لكل الأوامر التي يمليها القائد عليه، التي كان يمنع نفسه عنها سابقا، ويتبع سلوكا يتعارض مع شخصيته الأساسية في تناقض واضح».
طرق التعامل مع الحشود يختلف عن الطرق التي تجدي نفعا مع الشخص الواحد.
التحليلات النفسية التي تتعلق بالفرد لا تسعف مع الحشود.
كذلك مطالبهم وصرخاتهم لن تجد فيها أمرا معقدا.
أفكارهم بسيطة جدا، ولا يمكنك العمل بدبلوماسية معها؛ فالاستجابة لدى هذه الحشود كذلك تم اختزالها إلى إجابات صغيرة جدا: نفذت المطالب، أم لم تنفذ؟
هذا ما حدث في المنطقة العربية منذ فترة، فبعض الأنظمة التي نجحت في إنهاك الفرد ومحاربته بشتى الوسائل وتفننت في ذلك، فشلت جميع طرقها حينما بدأت التعامل مع هذه الحشود. ولم تفهم ماذا حدث؟ الأشياء التي كانت تفرز استجابة معينة عند تطبيقها على الفرد في السابق، أصبحت تنتج استجابة مختلفة تماما عند تطبيقها على مجموعة من الأفراد!
بعض الأنظمة عندما لم تفهم كان منظرها مضحكا، وبعضهم الآخر مثير للسخرية، وثالث لوث يده بدماء الأبرياء بشكل يتطلب مزبلة تاريخ خاصة به.
بقلم: أيمن الجعفري
وإليكم المزيد من المقترحات أيضًا:
- فاقرأ هنا: جيل الثورة.. لماذا الآن وليس قبل 40 عاما؟
- وكذلك: مقال عن ثورة ديسمبر في السودان
- ولك أيضًا: نبذة مختصرة عن ثورة 25 يناير
- وختامًا؛ مع: مقال عن ثورة العراق