السؤال: أنا مدير بنك غير ربوي والبنك الذي أتولى مسئوليته في سبيله إلى إقرار نِظامٍ يَمنح بمُقتضاه العاملين به مبالغَ ماليةً على سبيل الهِبَة لأداء فريضة الحج، كمُساعدةٍ لتَحمُّل جزءٍ من تكاليف الحجِّ الذي تَتزايد عامًا بعد آخر، وانطلاقًا من حرصِ البنك على أن تَكون قراراتُه تَتماشى مع الشريعة وتعاليم الدين الإسلاميِّ وأن المِنَحَ التي ستُمنح للعاملِينَ ستكون مِن ضمن مَصروفات البنك. لذا أرجو الإفادة عمَّا إذا كان هذا الإجراء يَنتقِص أو يُخلُّ بسلامة أداء مناسك الحج للعاملِين به. ولكم الشكر والتحية.
الإجـابة
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فيقول فضيلة الشيخ الدكتور نصر فريد واصل مفتي جمهورية مصر العربية السابق:
يقول الله تعالى: ﴿وللهِ علَى الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سَبيلًا﴾ (آل عمران: 97) من هذه الآية يَتَّضِحُ أن مِن شروط وُجوب الحجِّ الاستطاعةَ، وهي تَشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية، فمِن ملَك زادًا وراحلةً وتوافرت فيه باقي شُروط وُجوب الحج وَجَبَ عليه أن يَحجَّ لتحقيق الاستطاعة، ومَن لم يَجد زادًا ولا راحلةً فلا حجَّ عليه.
وقد اتَّفق فقهاء الإسلام على أنه إذا لم يكن للمُكلَّف مالٌ لم يَلزمه الحج، وإن وهَب له أجنبيٌّ مالًا ليَحجَّ به لم يَلزمه قبوله إجماعًا، وإن قبِله وحجَّ به صحَّ حجُّه وسقطتْ عنه الفريضَة.
إن الحجَّ جائز دائمًا إذا كان المالُ حلالًا، سواء أكان ذلك المال مِن مال الشخص نفسه أم كان مِن مال الغير المُتبرّع به عن طيب نفسٍ.
وقد كان بعض الصالِحينَ الأثرياء مِن سلَفنا الصالِح يَحجُّ ويأخذ معه مَجموعة من الفقراء الذين لم يُؤدُّوا فريضةَ الحج فيُنفق عليهم.
فقد كان الإمام : عبد الله بن المُبارك يحجُّ على نفَقته كل عام عشراتٌ ممَّن لم يَحجُّوا من قبلُ، وهي سُنة جميلة لها ثوابها الجزيل. ولذلك فإن المال المُهدَى مِن الغير يَجوز الحجُّ به إذا بَرِئ من الشبهات.
وفي واقعة السؤال وبناء على ما ذُكر فإنه إذا كان المال الذي سيُساهم به البنك في جزء من تكاليفِ نفقات حجِّ العاملين به مَملوكًا ملكيةً خالصةً للبنك، أو مِن أرباحه المُخصَّصة له، خاليًا من مَظِنَّة الشُّبهة، وليس من أصل أموال المُودِعِينَ أو المُؤسسِينَ أو أرباحهم، فإنه لا مانعَ شرعًا من مُساعدة العاملين بالبنك المُحتاجين بجزء من هذه الأموال إذا ما قبِلُوه لهذا الغرَض، ولا يَنقُص أو يُخلُّ بسلامة أداء مناسك الحج للعاملين به.
والله أعلم.
⇐ وإليك أيضًا هذه الفتاوى: