«أمة الله» تسأل: أعاني منذ فترة -عدة أشهر- من ألم شديد في القلب يعتريني إذا ما بذلت مجهودا كبيرا وكنت أعاني من مشكلة نفسية كبيرة.. أي لا بد من اجتماع السببين: الألم النفسي الشديد وبذل المجهود حتى أشعر بهذا الألم.
كنت أحيانا ومازلت -نتيجة لبعض الضغوط- يزيد النبض مثلا وأشعر بشيء من ضيق التنفس لكنني أعلم أن هذا شيئا طبيعيا، لكن هذا ليس زيادة في عدد الضربات أو ما شابه، إنما هو ألم لا أعرف كيف أصفه، ولكنه يسبب لي إزعاجا كبيرا لأنه غالبا ما يأتيني وأنا في الشارع مثلا وأحيانا يأتيني فور استيقاظي من النوم.
في الحقيقة لا أريد إزعاج أهلي إن كان الأمر بسيطا، كما أنني في المرحلة الثانوية والاختبارات على الأبواب ولا أريد الدخول في متاهة الطب وأنا في هذا الوقت.
كما أنني أتمنى أن يكون الأمر بسيطا ولا يحتاج إلى ذلك إن شاء الله. فقط أحببت استشارتكم، إن كانت هناك نصائح مثلا في الغذاء أو التمارين أو غير ذلك، أو إرشادي إن كان الأمر يحتاج إلى تدخل طبي سريع، وأتمنى بإذن الله أن لا يكون كذلك.
جزاكم الله كل الخير على ما تقدمونه من خدمات، جعلها الله في ميزان حسناتكم، ومعذرة للإطالة وعدم الترتيب.
وشكرا على صبركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
⇐ د. المعتز بالله أبو دومة «الإخصائي» أجاب السائلة؛ فقال: الأخت العزيزة.. أدعو الله بداية أن يعينك على مذاكرتك ويكتب لك التوفيق والنجاح بأمره تعالى.
وحالتك إن شاء الله بسيطة؛ فلا أرى مشكلة صحية معقدة من خلال رسالتك. وكثير ممن هم في مثل عمرك يمرون بهذه الأعراض وأكثر منها.
والضغوط النفسية التي أشرت لها في نص شكواك لها دور حاسم وفعال هنا، إضافة إلى حالة القلق الدراسي والتوتر المصاحب للمرحلة السنية في مثل عمرك، أضيفي إلى ذلك كله حالة ضعف اللياقة الصحية ونقص التغذية التي من ملامحها حالة النحافة التي تشير لها بيانات الوزن والطول المذكورة في استشارتك.
لذا فإني أنبهك إلى حاجتك الضرورية لزيادة وزنك بمقدار 6 كيلوجرامات على الأقل، وذلك عن طريق الاهتمام بالغذاء الصحي المتوازن، وربما كانت هناك حالة من فقدان الشهية للطعام بسبب الظروف النفسية والتوتر المصاحب لفترة الدراسة. وهذا يوضح لنا كيف أن الحالة النفسية لها تأثير هام على مقاومة الجسم للمرض.
وكمثال لهذا؛ الدور الذي تلعبه الأعصاب بحياتنا، فتلاحظين أن الطالب المهتم كثيرا بدراسته ويضع أمامه هدفا لا يحيد عنه للتفوق نجده يسهر الليالي بلا كلل أو إرهاق وبمجرد نهاية الاختبارات نجده يقع في حالة نوم عميق للراحة.
ويذكرني هذا أيضا بحرب أكتوبر التي خاضتها الدول العربية ضد إسرائيل عام 1973 حيث كان القادة يواصلون الليل بالنهار لمدة 3 أيام متتالية بلا نوم وذلك خوفا من فشل الخطة في مواجهة العدو. وهذا يفسر أن العقل له قدرة عالية في السيطرة على الجسم وأعضائه الحيوية.
نخلص من ذلك إلى أن متاعبك التي تشكين منها وعرضت لنا علاقة ذكية مباشرة بين ألم الصدر وضيق التنفس والحالة النفسية السيئة… كل ذلك يؤكد بدقة أن معاناتك هي رد فعل طبيعي للحالة النفسية السيئة التي مررت بها.
كما أن ظهور الأعراض عند استيقاظك من النوم أي عندما يكون الجسم مستريحا بلا مجهود يستدعي الألم؛ يشير إلى وجود مصدر آخر للألم غير القلب وأعني هنا الأعصاب المرهقة.
عزيزتي، هناك عبارات ظهرت واضحة في رسالتك تكشف حالة القلق والتوتر التي تعانين منها، فمثلا خشيتك من علم أهلك بالحالة، وأمنيتك المتكررة أن تكون الحالة بسيطة غير معقدة طبيا، وإشارتك إلى الاختبارات التي تزيد من قلقك، كل هذا إذا أضفنا إليه نقص لياقتك الغذائية وضعف تحملك نعرف تماما لماذا كان تأثير المشاكل النفسية سريعا عليك، وهذا كله يسهل التعامل معه إن شاء الله، وسريعا ستجدين نتائج مريحة.
وعلاج حالتك عزيزتي يكمن في السيطرة على المشكلة من كافة جوانبها، فلا نعالج جانبا ونترك الآخر يفسد ما أصلحنا، وإليك النصائح التالية:
– لابد في هذه الفترة القصيرة المتبقية على الاختبارات أن ترفعي لياقتك الصحية عاليا، وذلك بتغذية جيدة جدا. وهنا نجِد: العلاقة بين الغذاء والتركيز عند الطلاب وطريقة تنظيم الوجبات الغذائية
وابتعدي عن الحلوى المحتوية على سكريات عالية مثل الشيكولاتة فهي تربك المزاج العصبي، واستبدليها بتناول كثير من الفاكهة.
وعليك بتناول اللحوم البيضاء واللبن الدافئ المحلى بعسل النحل ولا تنسي سلطة الخضراوات فهي هامة جدا لاحتوائها على كثير من الفيتامينات خاصة مع فترة الاختبارات.
– عليك الاطمئنان من جانب حالتك الصحية فهي ليست معقدة، فلا تدعيها تخرجك عن التركيز المطلوب لعبور فترة الاختبارات.
– عليك المداومة على الصلاة ودعاء الله تعالى أثناء السجود وقراءة القرآن، واستعيني بهذا الأمر كلما أحسست بدخولك في مشكلة وبدأت تفكرين بها.
– عليك ممارسة رياضة المشي يوميا واجعليها تدريبا منتظما فهي مفيدة جدا للتوتر وللجسم المتعب وكذلك للأعصاب المرهقة، وستشعرين عند عودتك للمنزل بحالة انتعاش وانشراح للصدر بإذن الله.
وأخيرا عزيزتي أتمنى لك التركيز والتفوق في دراستك وأرجو أن تتابعينا بأخبارك.
مع خالص دعواتي لك على سلم الحياة بقدم راسخة صاعدة ومع الأيام بابتسامة دائمة.