الإنسان في الخليج قبل عقود كان يصارع البحر ويصطاد السمك ويبحث عن اللؤلؤ في أعماق البحار, يترجم معاناة البحث هذه إلى فكر وثقافة، أهلته لأن يخرج للعالم بإنسان استطاع أن يتغلب على الاستعمار وينصهر في بوتقة واحدة.
تاريخ ما قبل النفط ومنذ عصور قديمة يحدثنا عن الرموز الثقافية التي أبدعت عندما نطقت شعرا وفكرا وأدبا، فهم كما يذكر الأستاذ محمد سعيد المسلم في كتابه «ساحل الذهب الأسود»: إن الحروف الهجائية كانت من مخترعات الفينيقيين سكان هذه المنطقة الأوائل، وأنهم هم الذين ابتكروها، ومنهم انتقلت إلى أنحاء العالم القديم. فعلموها لليونان بعد أن كانت مجهولة في بلادهم كما يعترف بذلك أبو التاريخ «هيرودوت» على أن المكتشفات الأثرية ومقارنة اللغات أثبتا أيضا أن الخط الفينيقي مصدر الخطوط السامية، وأن الفينيقيين هم أول من نشر نظاما خاصا للكتابة بالحروف الأبجدية، وقد نشروها في أنحاء البلاد التي وطأتها أقدامهم. وهذا الاختراع نفسه يجعلهم رواد التعليم في العالم، فإليهم يرجع الفضل في ازدهار الحضارة البشرية وتقدم العلوم والفنون.
ذاك في العصر القديم إثبات حقيقي لتأثير إنسان الخليج على العالم كله ويكفي ذلك للدلالة على أن الإنسان في الخليج يحمل ثقافة، وليست ثقافته نفطية فقط كما يقول «الأدعياء» على التاريخ الذين يحاولون إيجاد تاريخ يتناسب مع حياتهم ومخططاتهم الاستعمارية في ظل غياب تضامن عربي يكون قادرا على ردع هؤلاء. وإعلام عربي يسعى إلى تحسين صورة الإنسان الخليجي خارج العالم العربي بما يملكه من إمكانات وقدرات ليست بحاجة إلى توظيف جيد بعيد عن الحروب الإعلامية بين الدول العربية نفسها التي تسيء بالدرجة الأولى إليها وتعطي انطباعا يرسخ الصورة ويفتح الطريق أمام الإعلام الآخر ليقول كما يريد وينفذ أطماعه ويعلن للعالم أن هؤلاء هم العرب.
يقظة: الآن أمام مفترق طرق وعلى مفكرينا ومثقفينا أن يقولوا رأيهم للعالم ليصدوا ما يقال عنهم من أباطيل وادعاءات كاذبة وهذا لا يأتي إلا بجهود من الحكومات العربية وكذلك سفاراتها في الخارج لتكسب أكبر وتتسع المساحة الإعلامية التي تضيق شيئا فشيئا.
بقلم: فالح الصغير
واقرأ أيضًا بعض مقترحاتي: