فترة الحمل تعتبر معجزة إلهية حقيقية؛ حيث يتم خلق جسم جديد بداخل جسم المرأة، وبالتالي يحدث تغيرات عديدة بالجسم، منها ما قد يعود لطبيعته بعد الحمل ومنه ما لا يعود أبداً.
وتختلف تلك التغيرات من امرأة لأخرى، فكل جسم له طبيعة منفردة مختلفة، وقد تختلف هذه التغيرات أيضاً من حمل لآخر عند نفس المرأة.
ولكن هناك تغيرات تعتبر هي الأكثر شيوعاً، أولها هو تغير حجم القدم أثناء فترة الحمل وبعد الولادة، ويرجع السبب لذلك إلى زيادة الوزن بشكل مفرط؛ فالزيادة الطبيعية التي تحدث تكون ما بين ١١-١٥ كيلو جرام، ولكن هناك بعض السيدات تكون نسبة حبس السوائل والماء بأجسادهم كبيرة جداً، وبالتالي يزيد حجم القدم عن الطبيعي أيضاً، وغالباً لا يعود القدم لحجمه الطبيعي بعد الولادة، كما أن للهرمونات دوراً لا يمكن إنكاره؛ حيث يوجد هرمون يسمى بهرمون الـ “Relaxin”، والذي يرتفع خلال فترة الحمل ويعمل على ارتخاء المفاصل والعظام بدرجة تسمح للقدم بأن تزداد حجماً، كما يتيح للرحم ولمنطقة الحوض عموماً بالاتساع حتى تشمل الجنين وتحتويه.
ومن ضمن التغيرات الشائعة أيضاً، علامات تمدد الجلد “Stretch Marks”، والتي تحدث نتيجة زيادة حجم منطقة البطن بشكل مفاجئ، والذي يؤدي بدوره إلى ظهور هذه العلامات، والتي قد لا تظهر بوضوح أثناء فترة الحمل ولكن تبدأ في الظهور بعد الولادة، حيث يرجع البطن لحجمه بشكل مفاجئ أيضاً، وتكون ذات لون أحمر غامق تقريباً.
وتختفي هذه العلامات خلال سنة أو سنتين، لكن إذا حدث حمل مرة أخرى خلال هذه الفترة فقد يزيد ذلك من حدة ودكانة لون هذه العلامات بالجلد ويجعلها أيضاً مستمرة ى أطول بكثير، لذلك فينصح الأطباء بأن تباعد المرأة بين فترات الحمل ليس فقط لتجنب استمرار هذه العلامات، ولكن أيضاً حتى يستعيد الجسم المعادن والفيتامينات التي تم فقدانها خلال فترة الحمل السابقة.
وهناك فرقاً شاسعاً بين علامات تمدد الجسم والسليوليت؛ حيث أن علامات تمدد الجلد تكون حمرة اللون في البداية، ولكن بعد فترة تكون مائلة للون الأبيض إلا إذا حدث زيادة الوزن بشكل مفاجئ أيضاً مثل حدوث حمل آخر، أما السليوليت هو عبارة عن تدرج لكميات الدهون الموجودة بالجلد وبالتالي يظهر بشكل تموجات، والذي يكون غالباً نتاج لزيادة وزن الجسم أو بسبب وجود هرمونات نسائية أثناء فترة الحمل، وغالباً ما يرجع وجود السليوليت إلى وجود خلل بكمية الكولاجين أو الأنسجة بشكل عام مما يجعلها غير مترابطة، كما أن السليوليت يمكن التخلص منه بسهولة بعكس علامات تمدد الجلد الناتجة عن الحمل.
ومن ضمن التغيرات الطارئة التي تحدث للمرأة الحامل هو تسوس الأسنان بشكل واضح، ويرجع السبب في ذلك إلى زيادة تدفق الدم خاصة لمنطقة اللثة مما يؤدي إلى حدوث التهابات للثة، ذلك بالإضافة إلى كثرة التقيؤ خلال أشهر احمل الأولى أو في نهاية فترة الحمل عند بعض السيدات يؤدي إلى حدوث مشاكل ومضاعفات للطبقة الحامية للأسنان نتيجة تعرضها لأحماض المعدة بشكل مستمر، ذلك بالإضافة إلى التغير الذي يحدث لهرمونات الجسم مما يؤدي إلى تغيير بيئة البكتريا الموجودة بالفم مما يزيد من فرصة التعرض لتسوس الأسنان.
ذلك بالإضافة إلى زيادة نمو الشعر بالجسم خلال فترة الحمل، والذي قد يتحول إلى تساقط للشعر بشكل كبير بعد الولادة، ويُفسّر ذلك، بأن هرمونات الحمل تزيد من نمو الشعر، ويستمر ذلك إلى حوالي ستة أشهر بعد الولادة، ولكن بعد رجوع هرمونات الجسم إلى شكلها الطبيعي يبدأ الشعر في التساقط ويرجع إلى شكله ونموه الطبيعي قبل الحمل، لكن إذا زاد تساقط الشعر لدرجة مرضية، فلابد وأن تلجأ المرأة إلى الفحوصات المخبرية الخاصة بعنصر الزنك والبيوتين والحديد، وتعديل نسب هذه الفيتامينات والمعادن إذا كانت غير طبيعية.
وأخيراً، فمن أهم التغيرات التي تحدث بجسم المرأة الحامل هو مرض سكري الحمل؛ حيث تشير الدراسات إلى إصابة امرأة بين كل عشرة سيدات بسكري الحمل، وللأسف فهناك ٥٠٪ من مصابي سكر الحمل تستمر الإصابة لديهم بمرض السكري بعد الولادة خاصة مع وجود مرض السكر كمرض وراثي بالعائلة، لذلك فلابد من الفحص الدوري لهؤلاء النسوة لمعدل السكر بالدم، مخزون السكر، ومقاومة الأنسولين أيضاً كل ستة أشهر.
ولا يجب أن ننسى الجانب النفسي الذي يتأثر كثيراً نظراً لوجود هذه التغيرات الجسدية المفاجئة، ولكن هذه الزيادات إن كانت في محيط الخصر أو محيط الحوض أيضاً غالباً ما تعود لطبيعتها بعد الولادة لأنها تكون بسبب زيادة الدهون في هذه المناطق ولا علاقة لها بالهرمونات، لذلك إذا اهتمت المرأة بجسمها خاصة بعد مرور ستة أشهر من الولادة فستنتهي هذه التغيرات سريعاً.
كيف يمكن أن تحافظ المرأة على صحتها بعد الولادة؟
ينصح الأطباء المرأة بأن تستمر بتناول الفيتامينات والمعادن التي قد واظبت على تناولها خلال فترة الحمل لمدة ثلاثة أشهر بعد الولادة حتى تستعيد المرأة النسب الطبيعية لهذه الفيتامينات والمعادن خاصة بمكملات الزنك، والحديد؛ حيث يستمد الجنين أثناء فترة الحمل مخزون الحديد الخاص به من جسم الأم، وكذلك فيتامين ب١٢ المهم جداً، والأوميجا ٣؛ حيث يستمد الطفل الزيوت الهامة لجسمه من دماغ الأم مما قد يؤثر على ذاكرة المرأة بشكل كبير، ويؤكد الأطباء على أهمية الفحص الطبي كل شهر تقريباً حتى يتم التأكد من النسب الطبيعية الموجودة لهذه الفيتامينات والمعادن، فقد تؤدي النسب الزائدة من الفيتامينات والمعادن عموماً إلى التسمم كما يحدث مع فيتامين د خصيصاً.
ملحوظة مهمة: يجب تناول كل مكمل غذائي على حدة ولا يتم تناولها من خلال المكملات الغذائية للفيتامينات والمعادن بشكل عام “Multivitamins”.
وعن فيتامين البيوتين فهو واحداً من مجموعة فيتامينات ب الهامة والتي يحتاجها الجسم بشكل يومي، لذلك يفضل أن يتم فحص نسبته بالجسم أولاً، ومن ثم تعويض احتياج الجسم به من خلال الأغذية الغنية بالبيوتين، وتعتبر المكملات الغذائية للبيوتين نسبتها عالية جداً تفوق النسب الطبيعية التي يحتاجها الجسم، لذلك فلابد من الفحص المخبري لنسبة البيوتين في الجسم أولاً ومن ثم يتم تحديد ما إذا كان الجسم بحاجة له أم لا.
أهم الفيتامينات التي يجب أن يتم فحصها باستمرار
فيتامين د أولاً هو من أهم الفيتامينات للجسم، وكذلك عنصر الكالسيوم الذي لابد وأن نحرص على جعل نسبته طبيعية قدر الإمكان؛ حيث أنه أي نقص قد يحدث بالجسم سوف يؤدي إلى سحب الدم لنسب الكالسيوم من العظام إلى الدم، لذلك فلابد من تناول ما يعادل ١٠٠٠ جرام من الكالسيوم بشكل يومي.
كما يجب أن يتم فحص النسب الموجودة في الجسم من عنصر الحديد والزنك وفيتامين ب١٢، والتي يحتاج إليهم الجسم إليهم بشكل كبير جداً.