ما هو السكري؟ وما العلاقة بينه وبين التغذية؟
بدأت أخصائية التغذية “رُبى مشربش” حديثها بالإشارة إلى أن مرض السكري من النوع الأول من الأمراض الوراثية التي يُولد بها الطفل أو تظهر عليه في السنوات الأولى من العمر، وفي هذا النوع يعاني الطفل المريض من عدم قدرة الجسم على إنتاج وإفراز هرمون الإنسولين اللازم لمعادلة نسبة السكر في الدم، فوظيفة الإنسولين الأساسية هي نقل السكر الموجود في الدم بعد تناول الطعام إلى الخلايا حتى تكتفي الخلايا منه وكذلك لتنضبط نسبة السكر في الدم، لكن ما يحدث في مرض السكري عمومًا هو عدم إنخفاض السكر في الدم نظرًا لعدم إفراز الكمية الكافية من هرمون الإنسولين كما يحدث في مرض السكري من النوع الثاني أو لعدم إفراز الجسم للهرمون أصلًا كما هو الحال في مرض السكري من النوع الأول، لذلك يحتاج مرضى السكري بنوعيه إلى تعويض هذا النقص في هرمون الإنسولين بالحقن والأدوية التي يتناولونها بإشراف الطبيب.
وتابعت “أ. رُبى” قائلة: وتجدر الإشارة هنا إلى أن هرمون الإنسولين عند الأصحاء تبلغ ذروة إفرازه في الجسم بعد تناول الوجبات مباشرة، حيث أن دخول الطعام إلى الجسم يزيد من نسبة السكر في الدم وبالتالي يُفرز الإنسولين بكمية كبيرة للسيطرة على السكر ونقله إلى الخلايا ثم يبدأ الهرمون في الإنسحاب والإنخفاض في الجسم بعد إتمام وظيفته.
والجدير بالإشارة أيضًا أن الإنسولين الموصوف لمرضى السكري ينقسم إلى نوعين هما الإنسولين البيسيل وهذا يوصف بجرعة أو جرعتين فقط في اليوم نظرًا لأنه ممتد المفعول إلى ما يقارب العشرة ساعات، والنوع الآخر من الإنسولين وهو النوع الموصوف مع كل وجبة ليقوم بالدور الذي يقوم به الإنسولين الطبيعي في الجسم، وهذا النوع الأخير ينقسم بدوره إلى نوعين الأول منهما يبدأ مفعوله بعد ربع ساعة من تناوله والثاني يبدأ مفعوله بعد نصف ساعة. وهنا تنكشف أهمية التغذية وتحديد مواقيت ثابتة للوجبات الغذائية وعلاقتهما بالأنسولين ومفعوله، والأثر المهم الآخر للتغذية وعلاقتها بالإنسولين يكمن في أهمية ضبط كميات النشويات وحسابها لضبطها مع المأخوذ من الإنسولين، لأن النشويات بالبديهة ستتحول إلى سكريات فور دخولها إلى الجسم، وكل وحدة إنسولين تحتاج إلى 10 جم من النشويات.
وأكدت “أ. رُبى” على أنه مما سبق جميعًا يتبين لنا دور أخصائي التغذية في وصف وحساب كميات النشويات اللازمة للمريض والتي على أساسها يتم إحتساب جرعة الإنسولين الضرورية له، فالطبيعي أن تحتوي الحصة الواحدة من النشويات على 15 جم، وبالتالي إذا تناول مريض السكري حصتين نشويات في الوجبة فهذا دليل على تناوله لـ 30 جم نشويات وبالتالي هو يحتاج إلى جرعة إنسولين تُقدر بـ 3 وحدات.
ما هي الأغذية المناسبة لمرضى السكري ؟
وأردفت “أ. رُبى” قائلة: وكمثال عملي على كمية النشويات الموجودة في الأطعمة وما يلزمها من الإنسولين نشير إلى الأمثلة الآتية:
إذا تناول المريض إفطار مكون من: كوب من الشوفان فسيحصل على 30 جم من النشويات منه، مع كوب من الحليب فسيحصل على 12 جم من النشويات، وبالتالي هذه الوجبة مدت جسم المريض بـ 42 جم من النشويات وبالتالي هو بحاجة إلى جرعة من الإنسولين تقدر بـ 4.2 وحدة إنسولين.
مثال آخر: إذا تناول المريض نصف كوب من الذرة فسيحصل الجسم على 15 جم من النشويات، وإذا أضاف إليها 30 جم من خبز التوست أو من الخبز الأسمر أو من الخبز الأبيض فسيحصل جسمه على 15 جم أخرى من النشويات، وبالتالي تحصل الجسم على 30 جم كاملة من النشويات ومن ثَم فهو في حاجة إلى جرعة تقدر بـ 3 وحدات إنسولين.
وما طُبق على الأصناف السابقة يُطبق أيضًا على أصناف الخضروات والفاكهة، فالحصة الواحدة (ثمرة) من الفاكهة مثل التفاح تحتوي أيضًا على 15 جم من النشويات، وكذلك الحال مع ثمرة الموز (وإن كان الموز أسرع في رفع مستوى السكر في الدم عن باقي أنواع الفاكهة)، وكذلك الثلاث ثمرات من الفاكهة المجففة تحتوي على نفس القدر من النشويات. أما الخضروات فتحتوي الحصة الواحدة (الثمرة) على نسب أقل كثيرًا من النشويات قد لا تتجاوز الخمسة جرامات فقط، لذلك يُشجع مريض السكري على الإكثار من تناول الخضروات الطازجة.
وبعد توضيح العلاقة المتشابكة بين الغذاء وبين مرض السكري وجرعات الإنسولين يتوجب على المريض المتابعة الدائمة مع أخصائي التغذية لتحديد الأصناف الغذائية التي لا مانع من تناولها، وكذلك لتحديد الكميات التي لا تمثل خطورة على إرتفاع أو إنخفاض السكر في الدم، وأيضًا لتحديد حجم جرعات الإنسولين بما يتناسب مع كمية النشويات، وتحديد مواعيد الجرعة في اليوم بما يتناسب مع نوع الإنسولين نفسه.
واختتمت “أ. رُبى” حديثها مؤكدة على أن من أهم النصائح الغذائية الضرورية لمريض السكري هي ضبط مواعيد تناول الوجبات مع ضبط كمية النشويات في كل وجبة، وذلك كله للحفاظ على مستويات ثابتة للسكر في الدم دون إرتفاع أو هبوط.