الحب هو عاطفة تنتج عن التعلق والارتباط وتؤدي إلى الزواج، ولكن لا يجب أن يكون هو الدافع الوحيد للزواج فهناك خصائص لابد من توافرها بين الشريكين حتى يكلل مشروع زواجهما بالنجاح وأهمها التقارب الاجتماعي والفكري ولثقافي، لأن الحب مثل أي عاطفة تنتهي بمرور الوقت بعد كل التضحيات والتنازلات، وعند انتهائها لا يتبقى بين الزوجين إلا حسن المعاملة والمعاشرة، لذلك يجب التأني في اختيار شريك الحياة وعدم تحكيم العاطفة.
كما أن الكرامة والاحترام المتبادل بين الطرفين هو أساس أي علاقة سليمة، وإذا غاب هذا الركن لا يجب الاستمرار في العلاقة حتى لو عانى الإنسان في البداية ولكن الألم سينتهي ويستطيع الاختيار بعد ذلك بصورة صحيحة.
هل التضحية والتنازل جزء أصيل من الحب؟
يقول دكتور “أنس العويني” أخصائي ومعالج أمراض نفسية وجنسية أن تعريف علم النفس يجعل التضحية من أولويات وخصائص الحب، فالحب في تعريف علم النفس التحليلي هو درجة من درجات الارتباط والتعلق، والارتباط والتعلق يتطلبان منا التضحية سواء قبل الزواج أو بعده، ولكن السليم أن تكون التضحية من الطرفين لأنها عندما تكون من جانب واحد تحدث المشكلة.
وأضاف الدكتور أن الحب هو درجة تعلق واشتياق وسعادة، وهذه العاطفة تقود الناس للارتباط والزواج، لكن لسوء الحظ لا تكفي درجة الحب أو التعلق والعاطفة العالية لإقامة حياة زوجية، لذلك هناك العديد من الخصائص التي يجب أن تتوافر بين الشريكين مثل أن يكونا متماثلين أي يشتركان في نفس المنظور الاجتماعي والثقافي والعقائدي، ويتشاركان في الأنشطة والاهتمامات، وفي بعض الأحيان يكون التكامل في الأهداف بين الشخصيتين من دوافع الارتباط.
فمن الطبيعي أن يكون الحب هو سبب الزواج ولكن العقل يجب أن يكون هو السبب الرئيسي للارتباط، لأن الحب سينتهي مثل كل عاطفة عن الإنسان تكون مرتبطة بفكرة وهذه الفكرة ستبلى بعد فترة ولا يبقى منها إلا القليل، وربما بسوء المعاملة والمعاشرة لن نجد الحب، وهذه الأشياء لا نقرأها فقط في الكتب بل نراها في حياتنا اليومية، يكون الزواج في البداية عن حب وتضحيات شديدة وكبيرة ثم ينتهي انتهاء كلي وتبرز لنا المعاملة والمعاشرة والأخطاء ويكون نتيجتها الطلاق، لذلك يجب أن يكون الجانب العقلي شيء رئيسي في تأسيس الحياة والزواج.
تعليقات نسمعها عن التضحية في الحب
نسمع بعض التعليقات في الحياة اليومية مثل:
“الحب أسمى علاقة بين شخصين وإذا لم يتم تقديم التضحيات لا يسمى ذلك حبًا، والتضحية والتنازل هما الأساس في الحب والتي تأتي عادة نتيجة الاختلاف في العادات والتقاليد والطباع”.
“أفي هذه الأيام لا يمكن التضحية بأساسيات الحياة والأوضاع المعيشية من أجل أي شخص حتى وإن كنت تحبه”.
“يمكن للشخص التضحية بغضب عائلته منه بسبب شخص آخر ولكنه يكتشف في النهاية أنه أكبر خطأ ارتكبه في حياته لأن الحب يمكن أن يجد غيره ولكن العائلة لا يمكن أن تُعوَّض”
كل تلك التعليقات سليمة، فالحب قد ينتهي ولا نجد منه شيء، وقد يندثر بصعوبة الحياة ثم لا نجد إلا حسن المعاملة والمعاشرة، فهذه هي الخصائص التي قد تجدد المحبة بين الطرفين، لأن الحب في بعض الأحيان يكون درجة تعلق مرضية، ففي بعض التعريفات أن الحب هو فكرة ثابتة في العقل وهذه الفكرة لا تقبل النقاش.
ويمكن أن يضحي الشخص تضحيات كبيرة سواء بالعائلة أو التقاليد والأعراف والقيم وربما يقدم تنازلات كثيرة، لكن في النهاية لا يجد نتيجة لتلك التضحية، فالحب شيء جميل ولكن يجب أن يتوفر معه الشروط العقلية والاجتماعية في اختيار الشخص، والشيء الأهم أن يكون الحب متبادل بين الطرفين.
من الثابت والأكيد أن عاطفة الحب تتقلص بمرور الوقت، وسيأتي عليها الظاهرة النفسية التي تُسمى بالتعود، فيندثر الحب شيئًا فشيئًا بسبب السلوكيات السيئة من الشريك، فينتهي الحب بسرعة أو بعد فترة من الزمن، فحتى ينتهي لا يوجد رابط بين الرجل والمرأة إلا حسن المعاملة والمعاشرة، فلذلك لا يجب الاعتماد في تأسيس العلاقة على الحب فقط، لأن هذا الحب قد يمثل عائق ومانع من الاختيار الجيد.
وهنا لكم أيضًا
الخط الأحمر في التضحية في الحب
تختلف الخطوط الحمراء بين الأشخاص حسب حدود كل شخص، لكن الحدود العامة هي حدود الكرامة والتي تعتبر أهم شيء في العلاقة، فلو كان الشريك لا يقدم نفس درجة الحب والتعلق لشريكه وكانت معاملته قاسية، ولا يوجد عنده بعض الركائز الأساسية للعلاقة مثل الاهتمام وتحمل المسئولية والرغبة والشغف، فمهما كانت درجة الحب والتعلق عالية يجب عدم الاستمرار في هذه العلاقة، ومن الطبيعي أن يتألم الإنسان في البداية من الفراق ولكن بعد هذه الفترة سيصبح أكثر نضجًا ويعيد الاختيار بطريقة صحيحة بعد أن تعلم من تجربته.