سائِل يقول: قام أحد الأصدقاء في العام الماضي بتزوير أوراق إقامة رسمية لزوجته في إيطاليا، بحيث تستطيع بعد ذلك تقديم أوراقها للحج من هناك، وذلك نظرا لصعوبة الحصول على تأشيرة حج من مصر، ولارتفاع تكاليف الحج في مصر. فهل تقبل هذه الحجة، وما جزاء هذا الزوج؟
وقد تفضَّل بالإجابة عن هذا السؤال، فضيلة الإمام محمد سيد طنطاوي -رحمه الله-؛ حيث قال في فتواه: الحج ركن من أركان الإسلام، والحرص عليه لمن استطاع إلى ذلك سبيلا شيء محمود. ولكن هذه الزوجة بوضعها هذا غير مستطيعة، إما لعدم كفاية المال أو لصعوبة استخراج التأشيرة إلا في ظروف معينة ككبر السن مثلا.
أما اللجوء إلى التزوير فهو شهادة زور تماما، والتزوير من أكبر الجرائم إثما وأشدها خطرا على الأفراد والمجتمعات.. فقد روي البخاري ومسلم عن أبي بكر – رضي الله عنه – قال: كنا عند رسول الله ﷺ فقال ((ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر؟)) (قالها ثلاثا) ثم أجاب ((الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور.. ألا وشهادة الزور وقول الزور)).. وكان متكئا فجلس فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
وقد قرن الله التزوير بالشرك مبالغة في ذمه والزجر عنه وتشديد الوعيد على فاعله، فقال في سورة الحج: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [من الآية 30 من السورة].
والتزوير معناه قلب الحقائق وعدم مطابقة الخبر للواقع والغش في المعاملات وخداع الغافلين، وهو شر كله على كل حال لا يجوز العمل به لأي سبب من الأسباب وبأي دافع من الدوافع حتى ولو كان الإنسان مضطرا إليه لتخليص حق أو للنجاة من ظالم ونحو ذلك، ولكن للمضطر اللجوء إلى حيل محمودة يستطيع أن يلجأ إليها.
وعقوبة المزور في الآخرة شديدة لا يعلم مداها إلا الله، أما عقوبته الدنيوية فتختلف باختلاف ما يترتب عليها من آثار وأضرار.
واعلم أيها السائل أن الله لا يقبل من المزور صلاة ولا صياما ولا صدقة ولا حجا، لكن إذا صلي سقط عنه فرض الصلاة، وإذا صام سقط عنه فرض الصوم وإذا حج سقطت عنه فريضة الحج ولا ثواب له لعدم القبول، فكل مقبول صحيح وليس كل صحيح مقبولا.
وهنا تجدون فتاوى أيضًا: