«وإن خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ»، هكذا وصفه رسول الله ﷺ.
هو أَبُو عَمْرٍو، أَوَيْسُ بنُ عَامِرِ بن جَزْءِ بن مَالِكِ القَرَنِيُّ، المُرَادِيُّ، اليَمَانِيُّ، الزاهد المشهور، من سادات التابعين، والأولياء الصالحين، أدرك زمن النبي ﷺ وأسلم، ولكنه لم يلقه، منعه من السفر إليه بره بأمه، فهو ليس من الصحابة، وإنما هو من التابعين، والتابعون هم من رأوا أصحاب النبي ﷺ، مؤمنين بالله تعالى ورسوله ﷺ، قال عنه الإمام الذهبي في (سير أعلام النبلاء): “هُوَ القُدْوَةُ الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي زَمَانِهِ، كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ الْمُتَّقِينَ وَمِنْ عِبَادِهِ المُخْلَصِينَ”، وقد عاش أويس بن عامر في اليمن، وانتقل إلى الكوفة.
روى أويس بن عامر عن عمر وعلي (رضي الله عنهما)، وتعلم على يد كثير من الصحابة، ونهل من علمهم حتى صار من أئمة التابعين زهدًا وورعًا، ولقد تعلم منه خلق كثير، تعلموا منه بره بأمه، وتواضعه لربه ﷻ.
ولأويس القرني مكانة عظيمة يعرفها الصحابة (رضي الله عنهم) لما سمعوه من النبي محمد ﷺ فقد وصفه (رضي الله عنه) بقوله: «إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ».
وقد بشر النبي ﷺ به، وذكر اسمه، ونسبه، وصفاته لأصحابه، فكانت قصة أويس الله القرني (رضي الله عنه) دليلا من دلائل النبوة، حيث أخبر النبي ﷺ عن أويس وعن نسبه، وبره بأمه، ومرضه، وبرئه منه، رغم أنه كان يعيش في اليمن ولم يدرك أو يقابل رسول الله ﷺ في حياته، وقد تحقق عمر (رضي الله عنه) من صفات أويس لما قدم إلى المدينة المنورة، فكانت كما أخبر النبي ﷺ.
عاش أويس القرني بين الناس لا يجدون منه إلا أطيب الثمر، وكانت يد الأذى تناله إلا أنه كان دائما ما يعفو ويصفح، وكان يجالسهم ويحدثهم رغم ما يصيبه من أذى ألسنتهم.
قال له هرم بن حيان صلنا بالزيارة، فقال له أويس: قد وصلتك بما هو خير من الزيارة واللقاء وهو الدعاء بظهر الغيب، إن الزيارة واللقاء ينقطعان والدعاء يبقى ثوابه، وقال له رجل: أريد أن أصحبك لأستأنس بك، فقال أويس: سبحان الله ما كنت أرى أحدا يعبد الله -أو قال يعرف الله- يستوحش مع الله.
خرج أويس القرني مع علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في موقعة صفين، وتمنى الشهادة ودعا الله قائلا: اللهم ارزقني شهادة توجب لي الحياة والرزق، فاستشهد وكان ذلك سنة 37هـ.