يقول صاحب الاستشارة: تتم معرفة قدرة الرجل على الإنجاب عن طريق فحص المني.. فماذا عن المرأة؟
الإجـابة
يقول د. محمد نورالدين عبد السلام -أخصائي أمراض النساء والتوليد-: الأخ العزيز.. بالنسبة لاستشارتك فهي استشارة في الحقيقة تحتاج إلى محاضرات وليس محاضرة واحدة، ولكنى سأحاول أن ألبي طلبك على قدر الإمكان:
يتكون الجهاز التناسلي للمرأة من مبيضين لإنتاج البويضات وقناتين تسميان (قناتي فالوب) نسبة إلى مكتشفهما، وتصل هاتان القناتان بين المبيضين والرحم (كل قناة على جانب من الرحم)، ثم بعد ذلك الرحم الذي يفتح في المهبل وهو المكان الذي ينزل فيه السائل المنوي للزوج، ويبدأ الكشف بمعرفة هل هناك خلل ما في عمل أي من أجزاء الجهاز التناسلي أم لا.
بالنسبة للمبيضين هناك طرق كثيرة لمعرفة عملهما، كالكشف على إفراز غدد عنق الرحم؛ حيث يؤخذ بعضها على شريحة زجاجية وتفحص في النصف الثاني للدورة الشهرية (وقت التبويض) أو نرى إن كانت مطاطة إلى طول معين (تبويض) أم لا (عدم تبويض)، فهذه طريقة أخرى أو عمل اختبار لدرجة حرارة المرأة؛ حيث ترتفع بحوالي نصف درجة وقت التبويض.. إن كان هناك تبويض وهذه طريقة قديمة لا يُلجأ إليها الآن والمتبع الآن هو الكشف عن التبويض بالأشعة فوق الصوتية؛ حيث يتابع الطبيب نمو البويضات من اليوم العاشر للدورة يوميا أو كل ثاني يوم حتى تصل إلى حجم معين ثم تنفجر واحدة أو أكثر لتخرج البويضة، وهذا هو الوضع الطبيعي، أما إذا لم يجد الطبيب بويضات فهنا يعلم الطبيب أن تلك المرأة في حاجة إلى منشطات للمبيضين.
أما بالنسبة لقناتي فالوب فيكشف عليهما لمعرفة هل هما مفتوحتان أم مسدودتان، وذلك عن طريق عمل أشعة بالصبغة على الرحم والأنابيب، وهذه الأشعة تعطي فكرة عن سدد أو انفتاح الأنابيب، كما أنها تظهر داخل الرحم إن كان به أورام ليفية أو لحمية تكون مسببة لسدد عند فتحة عنق الرحم أو بعمل منظار تشخيصي تحت مخدر عام ويتم فيه حقن صبغة معينة في الرحم ومشاهدة هل الصبغة سلكت خلال الأنابيب إلى منتهاها أم أن إحدى الأنابيب أو كلاهما به سدد.
ثم نأتي بعد ذلك إلى الرحم لنفحصه بالكشف الإكلينيكي لنرى حجمه إن كان طفولياً (صغير الحجم) أم طبيعيا أم أكبر من الحجم الطبيعي، فإن كان طفوليا فهذا ينبئ بأن الحمل القادم ربما يتعرض للإجهاض فتعطى المرأة علاجا خاصا بذلك عند بدء الحمل لمحاولة منع الإجهاض وإن كان أكبر من الحجم الطبيعي ننظر السبب في ذلك بالأشعة على الرحم بالصبغة أو بالأشعة فوق الصوتية، وفى الغالب يكون السبب هو ورم ليفي أو أكثر فننظر هل هذا الورم داخل الرحم أم خارجه بالأشعة أيضا، فإن كان خارجه يستحسن عدم إزالته حتى تتم الولادة؛ لأنه لا يسبب عقمًا وتفاديًا لحدوث أي التصاقات بالأنابيب أثناء الجراحة، فإن كان داخل الرحم ننظر أن كان صغيرا أم كبيرا فإن كان صغيرا لا نجري جراحة لإزالته للسبب السالف الذكر، وإن كان كبيرا أو أكثر من ورم واحد فلا بد من إزالته لأنه لن يحدث الحمل في وجوده.
ثم نأتي إلى عنق الرحم لنرى إن كانت عضلته مرتخية أم لا، وذلك بعمل الأشعة بالصبغة أو بالأشعة فوق الصوتية، فإن تأكد لنا ارتخاء العضلة نجري ما يسمى بغرزة لعنق الرحم لا أكثر، ثم ننظر هل هناك قرحة بعنق الرحم فإن وجدناها نجرى كيا لها بالحرارة أو التبريد وهو إجراء يتم بالعيادة الخارجية.
وفي الحقيقة ممكن اختصار كل ذلك بإجراء منظار تشخيصي من البداية في الأسبوع الأخير من الدورة لنرى التبويض والأنابيب وأي التصاقات حول المبيضين أو الأنابيب أو الرحم.
أما داخل الرحم وعنقه فلا يمكن رؤيتهما بالمنظار، ولكن بالطريقة سالفة الذكر أو بجهاز آخر هو منظار الرحم.
وهناك سبب آخر للعقم وهو وجود أجسام مضادة لدى المرأة تقوم بقتل الحيوانات المنوية عند قذفها في المهبل بمعرفة الزوج، ويكشف عن وجودها بعمل تحليل معين لدم المرأة فإن وجدت فهناك طريقة بسيطة لعلاج ذلك.
هذه باختصار كيفية الكشف أن كانت المرأة صالحة للإنجاب أم لا، ولكن في الحقيقة فإن كل امرأة مخلوقة وبها جهاز الإنجاب ولو تأخر الحمل لا نتعجل ونلجأ إلى الطبيب طالما أن تحليل السائل المنوي للزوج سليم وعادة ننتظر عامًا كاملاً، فإن لم يحدث حمل هنا نلجأ إلى الطرق سالفة الذكر؛ لأنه وفي حالات كثيرة يتم الحمل بصورة طبيعية جدًّا في خلال عام دون أي تدخل من الطبيب.
ولكن في الحقيقة فإن الإعلام وما يبث فيه بخصوص هذا الموضوع جعل الإخوة والأخوات قلقين من عدم حدوث الحمل في الشهر الأول أو الثاني على الأكثر، وهذا القلق في حد ذاته ممكن أن يكون سببا في عدم التبويض، فلنترك الأمور لطبيعتها، ونعطي فرصة للحمل الطبيعي، وكل شيء بإرادة الله ﷻ، فالطبيب أولاً وأخيرًا سبب وليس مسبِّب، ونرجو ألا يؤثِّر فينا ما يُبَثّ علينا من التليفزيون، ولا بد أن نهدأ قليلاً؛ لأن الأمور تجري بمقادير.
وهنا تقرأ أيضًا حول: