البروتوكول والإتيكيت والمجاملة في صناعة الضيافة
دائمًا ما تشير المراجع الفندقية إلى أن قواعد الضيافة هي: “الأوامر والنواهي التي تُكسب مجموعة من الخصال الحميدة”. وهذا التعريف العام ينبثق منه لا محالة تعريفات جانبية ترتبط وثيقًا بطريقة إلقاء وتلقي هذه الأوامر والنواهي التي تنتهي بمداراتها العلاقية إلى توطيد الخصال الحميدة بين مقدم الخدمة ومتلقيها لترك الإنطباع الجيد المطلوب تحقيقه للنهوض بسمعة الفندق التسويقية.
أولاً: البروتوكول
وهو عبارة عن قواعد علمية معروفة نُصَّ عليها في العديد من التشريعات الإجتماعية والنظريات اللقائية الباحثة في طرق التواصل بين البشر، وأساسيات البروتوكولات على إختلاف مخططاتها ومحدداتها لا تخرج عن تحديد كيفية التصرف السلوكية، وهذه الأساسيات من البداية إلى النهاية مؤلفة ومكتوبة في المراجع المتخصصة فهي أقرب إلى الرسميات.
ثانياً: الإتيكيت
وهو عبارة عن آداب السلوك الحي الخاص بحسن المعاملة والذوق السليم، وفي العادة يكتسب الإنسان قواعده ومساقاته من الفطرة السوية والتنشئة الإجتماعية الصالحة والقويمة، وهذه الآداب أقرب إلى الإحساس منها إلى القواعد النصية بين دفتي كتاب، لأن القاسم المشترك في كل فنون الإتيكيت هو وحدة المشاعر الإنسانية.
ثالثاً: المجاملة
هي عبارة عن إحساس داخلي يحض على بذل السلوكيات التي تُدخل السعادة والسرور إلى نفوس الآخرين، أو بمعنى آخر هي فن إرضاء الغير ونشر البهجة في نفوسهم، والشخص الناجح هو القادر على الوصول بمجاملاته إلى قلب الآخرين دون تضييع لحقه ومبادئه الثقافية والتربوية، فلا مبالغة تذهب بالمجاملة إلى التصنُّع والسخرية من صاحبها، ولا تقصير يؤدي بالشخص إلى الفظاظة ومن ثم نفور البشر.
وتعتبر الثلاثة مفاهيم السابقة خلفية واقعية وفاعلية وتفاعلية لما يُعرف بالنشاطات التحويلية في العلاقات البشرية، أي النشاطات التي تحول العلاقة المنفعية بين البشر إلى علاقات إنصهارية أقرب إلى التودد والتآخي، وهو المطلوب بقوة في صناعة إنطباعية كصناعة الضيافة.
والنزيل أو السائح يتعرض لما ينتاب البشر من الشك والريبة أو الحميمية والإخاء، فإذا ما فرضنا تعرضه إلى حادث داخل الفندق أو أنه كان من أصحاب الأمراض المزمنة فهو يحتاج – بطبيعته البشرية – للعلاج السريع خوفًا على حياته، ولكنه يحتاج قبل هذا – وإن لم يُعبر لفظيًا – إلى بروتوكول مخطط للتعامل مع مثل حالته، وإتيكيت سلوكي يُشعره بأهميته، ومجاملة حسية بخوف المحيطين به عليه، فكلها من النشاطات التي تغير علاقته بالمنشأة والقائمين عليها من علاقة الشد والجذب المادية الملموسة إلى علاقة التودد والإنسانية المحسوسة.
ومما سبق جميعًا يتضح أن المعاملة مع الآخرين بشكل عام تحكمها مجموعة من القواعد التي لا ينبغي الحياد عنها وهي البروتوكول، ومجموعة ثانية حسية تتبلور بالممارسات والتصرفات المقبولة وهي الإتيكيت، ومجموعة ثالثة يسعى من خلالها الفرد إلى جذب قلوب الآخرين ليحتل مكانة بين عواطفهم وهي المجاملة.
والثلاثة مجموعات رئيسية في الرقي بصناعة الضيافة وسمعة المنشأة الفندقية، بل وتصلح للتطبيق على الضيافة العادية الغير هادفة للربح والتي تُطبق بين الأُسر والعائلات.