قنواتنا الفضائية نحن العرب ولله الحمد والمنة مميزة جدا في اتباع موضات البث التلفزيوني الغربي بالأسلوب نفسه والآلية ذاتها، فهي تواكب الغرب في كل صغيرة وكبيرة.. فإن أردت برنامجا تصدح بصوتك في جنباته وتخرجك للجمهور فهناك ما تطلب.
وإن أردت أن تصبح شاعرا ينقدك من هم ليسوا من أهل النقد الشعري، فهناك برنامج متخصص!
وإن أردت الفرصة لتبدع بأي درك أيا كان تجد!
وإن أردت دورات تدريبية عن الطريقة المثلى للتعامل مع زوجتك فأنت لا تحتاج إلى أن ترتاد معهدا متخصصا وتدفع مالا وفيرا، إذ يكفي فقط أن تشاهد برنامجا من هذا النوع على إحدى قنواتنا الكريمة وستجد مبتغاك! بل ربما تجد أكثر مما ترغب، إذ يمكن لزوجتك أن تصرخ بوجهك أمام المشاهدين، ولكما الحرية في أن تعرضا مشاكلكما أمام الجمهور لتعلموهم كيف يتعاملون مع بعضهم بالطريقة العصرية، وحبذا لو تصطنعوا لحظات رومانسية لتعيش الدور كاملا!.
وفي النهاية، سنشكركم جدا، فنحن من مئات السنين نبحث عن طرق نحل بها المشكلات الزوجية والعوائق الأسرية وأسباب الطلاق، وسنطالبكم بأجزاء أخرى لنتقن عملكم ونصبح مثلكم فأنتم خارقون جدا!
وبعيدا عن المزح، إلى متى سنبقى ضحية إعلامنا العربي الفاشل بينما نكتفي بالمشاهدة المتبرمة ونردد «تضييع وقت!»، فأي وقت هذا الذي نمتلكه كي نضيعه؟!
نحن لسنا بحاجة لتوافه الغرب، وتوافه اختيار القائمين على هذه البرامج، لا نحتاج إلى مسلسلات مدبلجة تافهة، نحن بحاجة إلى هذا المال الذي لو افتتحنا به مشروعا ضخما وشغلنا به عددا من الفتيات والشباب تخفيفا عن كاهل البطالة لدينا لكان أجدى.. أو ربما ترجمنا به كتبا أجنبية علمية وثقافية مفيدة، أو ربما استقطبنا آخرين يحترمون فكرنا ويجعلوننا نرتقي.
بقلم: انتصار الزهراني
لدينا مقترحات أخرى لتقرأها: