قد نختار في فترة معينة من حياتنا أن نولد من جديد، وأن نُغير مشوار الحياة بأكمله، مثل أن نغير بلدنا، أو نغير مهنتنا، أو حتى نمط حياتنا، ومن الملاحظ في الحياة بشكل عام أن الأشخاص القادرين على البدء من جديد مهما كانت الظروف هم أشخاص ملهمون، قادرون على جعل الناس يحترمونهم، ويقدرونهم على قدرتهم الهائلة على استثمار نقاط الضوء في هذه الحياة، وتحويلها إلى شمس جديدة تُشرق عليهم، وعلينا.
لماذا نخشى أن نبدأ من جديد؟
تقول الاختصاصية في التنمية البشرية والتدريب “حكمت بسيسو”: أنه من الصعب في العالم العربي تحديداً أن نبدأ من جديد، فنحن نجد كل من تخطى الأربعين غير قادر سوى على انتظار الموت، وهذا قد يكون ناتجاً عن البرمجة الداخلية لدينا عن عمر التقاعد الذي يعتبر عمر الستين تقريباً، وهذا ما تم تحديده منذ بداية ظهور الوظائف في هذه الحياة؛ لذلك فنجد أنه كلما اقترب الشخص منا من هذا العمر كلما وجدناه يشعر بأن البدايات الجديدة، أو أي محاولات للتغيير غير مجدية بأي شكل من الأشكال، وهذه البرمجة فيها خلل كبير وواضح، وهذا لأننا نستطيع أن نعطي وأن نغير طالما نحن على قيد الحياة، وأن البدايات الجديدة ليست حكراً على عمر معين.
والأمر الآخر الذي يجعلنا محبطين، وغير واثقين بأنفسنا في مراحل عمرية معينة هو السياق المجتمعي الذي دائماً يرجعنا إلى الأمثال الشعبية التي غالباً ما تسخر منا وذلك مثل “لما شاب ودوه الكتاب”، وغيرها.
فالثقافة العربية زاخرة بالعديد من الأمور التي تجعلنا دائماً محبطين وناظرين للأسفل، بل وخائفين من أي محاولات جديدة، كما وأن ذلك كما أشارت “حكمت” يجعلنا غير واثقين بالزمن أصلاً، أو واثقين في قدرتنا على التغيير على أي حال.
كيف يمكن أن نبدأ من جديد؟
من الجدير بالذكر أن الرغبة في التغيير وفي البدء من جديد في هذه الحياة موجودة بالفعل في نفوس الكثيرين، ولكن غالباً ما ينقص هؤلاء الأشخاص القدرة على إحداث الخطوة الأولى في التغيير، ولا أحد ينكر أهمية أن يكون لدينا رغبة حقيقية وإرادة للتغيير، والبدء من جديد، ولكن يجب أن يكون هناك خطوات واضحة نحو هذا التغيير فتحول الرغبة إلى شيء ملموس على أرض الواقع.
ذلك بالإضافة إلى أنه ينقصنا أن نثق بالاكتشاف، فندرك أن ما لا نعرفه عن أنفسنا أكثر بكثير مما نعرفه، وما لا نعرفه عن الفرص المتاحة والموجودة من حولنا أكثر بكثير أيضاً مما نعرفه؛ لذلك فتؤكد “بسيسو” على أهمية أن نستمر في اكتشاف أنفسنا أولاً، وأن نكتشف الفرص المحيطة بنا حتى نتمكن من الانطلاق نحو خطوات تنويرية في حياتنا.
ولا يجب أن ننظر للعمر على أنه فاني أو أن ما سنحققه ليس مجدياً، فهذا غير صحيح تماماً بل أن الإنسان قادراً على أن يكون فعالاً ومثمراً لآخر لحظة في حياته، وقادراً أيضاً على استغلال جميع حواسه وقدرته الذهنية، والبدنية الهائلة حتى وإن ضعفت بعض الشيء، فالطاقة البشرية كلما زاد تشغيلها واستثمارها كلما ظلت فعالة ومجدية، وقادرة على الإنتاج والتغيير، وكذلك قادرة على العطاء.
فالإنسان الفعال هو الذي يرفض ايقاف أجهزته قبل أن تتوقف ببيولوجياً، بل يحاول دائماً أن يجعلها دائماً خلاقة، وولادة؛ لذلك يستمر في استخدام ذهنه، بصره، سمعه، حواسه، وإدراكه بكل ما فيه، وبالتالي فهو دائم التفكير والإبداع حتى يصل إلى الحكمة وحتى يكون مؤثراً في مجتمعه بشتى الطرق.
واقرأ هنا أيضًا نصائح للتخطيط مع بداية العام الجديد