مهمة البحث عن وظيفة باتت هذه الأيام من المهام المستحيلة حقا، فالحصول على وظيفة دون أي تدخل من أي جهة أو شخصية «نافذة» أصبح المُستحيل الثامن في مُجتمعنا وبكل أسف، فاللافت جدا هو أن الوظائف تمنح لمن يخصوون ذوي النفوذ، أما المُجتهدون الكادحون الساعون ليلا ونهارا للحصول على عمل فلا يحصلون إلا على الوظائف التي لا يرغب في الحصول عليها أحد؛ إما لطبيعة العمل الصعبة وإما للراتب الضئيل جدا الذي لا يتناسب مع الجهد المبذول في هذه الوظيفة «هذا لو افترضنا وجودها بطبيعة الحال».
نحن لا نتحدث هنا عن نسبة البطالة «المخيفة» التي تسعى وزارة العمل جاهدة لتقليصها، بل نتحدث عمن هم على رأس العمل، عمن يشغلون بعض الوظائف ومن سيشغلون بعض الوظائف دون أي وجه حق!.
أليس من الغريب أن يحصل على الوظيفة من لا يحتاج إليها ولا يستحقها علميا؟ بينما هناك مئات الآلاف من المُحتاجين والأكفاء يقبعون في بيوتهم في انتظار أن تنصفهم جهات التوظيف بلا فائدة ولا نتيجة؟!
بحث صغير على شبكة الإنترنت سيظهر لنا عددا كبيرا من مواقع البحث عن وظائف، مواقع مكتظة بالإعلانات ومكتظة كذلك بالباحثين عن عمل مثلما تعرض الكثير من الوظائف بصورة شبه يومية في الصحف والمجلات.
والسؤال المُهم الذي يُطرح أمام هذا الكم من الإعلانات وهذه الطلبات هو : من سيحوز هذه الوظائف؟ ألمن يحتاج إليها؟ أم للأكفأ؟ أم لمن يمت لنافذٍ مـا بصلة قرابة أو معرفة؟!
جميعنا نلحظ أن هناك توجها اجتماعيا وحكوميا كبيرا تجاه إنشاء وتمويل المشاريع والأعمال الصغيرة كحل من حلول مواجهة البطالة، وهي خطوات ذكية وذات أبعاد اقتصادية واجتماعية كبيرة، لكن هذه المشاريع لا تزال تواجه بعض العراقيل الإدارية والنظامية والمالية، فالتمويل غالبا ما يكون ضئيلا والشروط غالبا ما تكون صارمة وصعبة، ويقع المواطن بين مطرقة عدم توفر وظيفة وبين سندان شروط التمويل اللامعقولة، فيسعى جاهدا لتحقيق مهمة مستحيلة!
بقلم: أثير النشمي