تُستخدم الأدوية المضادة للكتئاب في علاج حالات مرضيّة عديدة، والهدف من استخدامها هو منع تكرار حدوث الاكتئاب، وكذلك تحسِين نوعيّة حياة المكتئِب، ولكن في الوقت ذاته يجب استخدام هذه الأدوية تحت إشراف الطبيب المعالج، وذلك حتّى نتفادى تأثيرها السّلبي على الصّحة، وهي المعنية كذلك بإعادة توزان المركبات الطبيعية في الدماغ عند الإنسان.
كما أنها تساهم في التخفيف من الألم المرافق للاكتئاب، ويظهر تأثير هذه العلاجات بعد شهر أو شهرين من أخذها، ويحتاج مريض الاكتئاب إلى أخذها لمدة ٦ إلى ٩ أشهر على الأقل وبجرعات محددة توصف من قبل الطبيب المعالج.
مفهوم الاكتئاب
تقول الدكتورة ليلى محمود “أخصائية الطب النفسي” أن حوالي ٣٠٠ مليون شخص يعانون من الاكتئاب حوال العالم، ويعاني ما يقارب العشرين بالمائة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية من الاكتئاب، كما يذهب إلى الأطباء للعلاج أقل من ١٠٪ من المصابين به.
أشارت منظمة الصحة العالمية في عام ٢٠٢٠ إلى أنه في هذا العام تبدل الأمر وبعدما كانت أمراض القلب هي ما تسبب العجز للإنسان، أصبح الاكتئاب هو السبب الأول في ذلك العجز الصحي يليه أمراض القلب، وهذا ما يفسر أسباب الزيادة الكبيرة في حالات الانتحار حول العالم والتي وصلت إلى ٩٪ من حالات الاكتئاب.
هناك فرق كبير بين الحزن العادي نتيجة ضغوطات الحياة أو المرور بمشكلة معينة أو حادث معين كفقدان العمل وبين الاكتئاب الذي يُعد بمثابة مرض عضوي نفسي نتيجة لـ:
- خلل في كيمياء المخ.
- خلل في الجينات الوراثية للإنسان.
ينتج عنه أعراض معينة تختلف عن أعراض حالات الحزن العادية، ومن بين هذه الأعراض:
- الشعور بالحزن الدائم لأسبوعين أو أكثر.
- عدم الرغبة في العمل الحياة أو الوظائف اليومية.
- وجود أعراض نفسية كالشعور بالحزن والإحباط والشعور بالقلق.
- ظهور أعراض فسيولوجية كاضطراب النوم وفقدان الشهية أو زيادة الشهية.
- فقدان أو زيادة في الوزن.
- ألم في المعدة.
- تنميل في الكتفين.
- الشعور بالصداع طوال الوقت.
- ظهور الأعراض الانسحابية بحيث يفضل مريض الاكتئاب عدم التعامل مع الغير تماماً.
- العصبية الشديدة طوال الوقت.
- الكسل الدائم.
- الشعور بعدم القيمة في ذاته.
لذلك، يمكننا وصف الاكتئاب بالشلل النفسي الذي يمكن أن يكون له تداعيات جسدية وخيمة نتيجة الحزن الدائم طوال الوقت الذي يتسبب في عدم الشعور بأي رغبة في الحياة بدون شيء مبرر في غالبية الأحيان.
أمثلة المبررات النفسية والاجتماعية للاكتئاب
يجب علينا إدراك السبب الرئيسي لحدوث الاكتئاب وهو أن الجينات المسئولة عن إفراز السيراتونين – المادة المسئولة عن اعتدال المزاج – بها مشكلة، ومن ثم يمر هذا الشخص ببعض الضغوطات الحياتية كفقدان في العمل أو فقدان شخص ما عزيز عليه، أو حدوث اضطرابات مالية، أو نتيجة للتنشئة الحياتية في صغره كأن يُعامل بقسوة بالغة من محيطه الأسري والبيئي والتي تتسبب في حدوث الاكتئاب نتيجة قلة السيراتونين في الجسم أو انتهائه إن صح التعبير، ويمكن أن يظهر مرض الاكتئاب في أي عمر من أعمار الإنسان، حيث يمكنه الظهور عند الأطفال الصغار أو للكبار فوق عمر الستين.
هناك هرمونات معينة تنتج من التّوتر وهي هرمونات الكورتيزون والأدرينالين والتي تعمل على تقليل إفراز هرمون السيراتونين والدوكمين المسئولين عن اعتدال المزاج عند الإنسان، لذلك فإن التوتر يمكنه التسبب في الاكتئاب وبعض الأمراض الأخرى كالضغط وقرحة المعدة لأنه يؤثر على كيمياء المخ بطريقة غير مباشرة.
علاج الاكتئاب
قبل التفكير في علاج الاكتئاب يجب علينا تحديد درجة الاكتئاب لأنه قد يكون ناتجاً عن عدم تكيف مع أعراض الاكتئاب التي يمكن أن تكون بسيطة يمكن علاجها بصورة سهلة قبل الدخول في أعراض الاكتئاب المتوسط أو الاكتئاب الشديد الذي يبدأ فيه المريض القدرة على السيطرة على حياته، ويشعر بأن الموت هو النجاة من كل ما يشعر به في هذه الحياة الكئيبة.
يمكن علاج الاكتئاب ببعض الأدوية العلاجية، فضلاً عن أهمية العلاج السلوكي المعرفي خاصةً الاكتئاب من الدرجة البسيطة.
الجدير بالذكر أن العلاج المعرفي السلوكي يمكن استعماله أيضاً في علاج الاكتئاب من الحالة الشديدة، حيث أنه يمثل ٤٠٪ من العلاج مقارنةً ب٦٠٪ للعلاج الدوائي، فضلاً عن أن العلاج المعرفي السلوكي يجعل المريض أكثر تمسكاً بأخذ الأدوية العلاجية للاكتئاب.
فضلاً انظر هُنا: أسماء أدوية الاكتئاب المستوردة والمحلية
مضادات الاكتئاب
تعتمد أدوية مضادات الاكتئاب بشكل رئيسي على تعويض جسم المريض بالدوكمين أو بالسيراتونين المسئولين عن اعتدال المزاج، لذلك هناك أنواع من مضادات الاكتئاب وهي:
- أنواع تعمل على تحفيز هرمون السيراتونين فحسب.
- مضادات لتحفيز هرمون السيراتونين مع نورإيبي نيفرين.
- مضادات تعمل على زيادة إفراز هرمون الدوكمين أو هرمون السعادة.
لابد من أخذ مضادات الاكتئاب لفترة زمنية طويلة تُفضل أن تكون من ٦ أشهر حتى سنتين، وتعطي هذه الأدوية مفعولها خلال أسبوعين من أخذها.
وختاماً، هناك فرق واضح بين المهدئات النفسية وبين مضادات الاكتئاب، وقد يلجأ مريض الاكتئاب إلى أخذ تلك المهدئات النفسية بشكل مؤقت بسبب إمكانية الإدمان عليها من قبل الشخص المكتئب على عكس مضادات الاكتئاب الآمنة تماماً، وفي حالة عدم علاج الاكتئاب فإن ذلك قد يتسبب في ضمور بعض الأمان المسئولة عن الذاكرة في دماغ الإنسان ليبقى علاج هذا الضمور صعب بدرجة كبيرة.