السؤال يقول: هل من حق الخطيبة الاستيلاء على الشقة في حالة فسخ الخطبة سواء أكان الفسخ من ناحية الخاطب أو الخطيبة؟
وقد أجاب عن هذا الاستفسار أو هذه الفتوى الشيخ محمد سيد طنطاوي -رحمه الله-؛ وهو ما سنطرحه عليكم هاهُنا لتعم الفائِدة والعِلم.
قال الإمام الأكبر: المتفق عليه لدى العلماء أن الخطبة ليست زواجا ولكنها وعد بالزواج فقط، وعليه فإن كان الفسخ من جهة المخطوبة وبطلب منها بالقول أو بالفعل وكان ذلك قبل الدخول أرجعت المخطوبة إلى الخاطب ما أخذته منه من شبكة وغيرها ماعدا ما كان مستهلكا في وقته كالطعام وغيره… ومن باب أولي لاحق لها في التمسك بالشقة موقع السكن لأنه لا سكن لها قبل الدخول.
لكننا نقول بالنسبة للشبكة فإن كان قد عقد عليها ولم يدخل بها فلها نصفها لاعتبارها عادة جزءا من المهر، والمطلقة بعد العقد وقبل الدخول يكون لها نصف المهر المسمى بينهما لقوله ﷻ ﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ ~ من الآية 237 من سورة البقرة.
أما إن كان الفسخ بسبب الخاطب ومن قبله فقد سبق أن أفتينا بعدم الرد عليه بشيء مما قدم للخطيبة حتى الشبكة وذلك سدا لذريعة الإضرار بالآخرين فإنه سيذهب بها إلى أهل بيت آخر ويوقع بهم من الضرر بمثل ما فعل مع المخطوبة الأولى… ولا يصح أن ننسي أو نتناسى ما يلحق بالمخطوبة وأهلها من ضرر بالغ وألم نفسي شديد بسبب فسخ الخطوبة لما سارت عليه عادة الناس من اعتبار الخاطب واحدا من أفراد الأسرة بمجرد التقدم لخطبة ابنتها واختلاطه بها وكثرة الدخول عليها وربما الخروج بها وربما أفلت الزمام، وكثيرا ما يحدث، ثم يقوم بعد هذا كله بفسخ الخطبة فإن أضعاف أضعاف المهر المسمى كله لا يعوضها في شرفها وشرف أسرتها وجرحها الغائر والقاتل بذلك الفسخ.
لذا ننصح لله وللشرف وسمعة المسلمين عدم الإفراط في تكريم الخاطبين والسماح لهما بالخلوة أو الخروج معا أو كثرة تردد الخاطب على مخطوبته عملا بقول رسول الله ﷺ: «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما». وقديما قيل: احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرَّة… فربما انقلب الصديق عدوا فكان أعلم بالمضرة.