هو الإمام محيي الدين أبو زكريا بن شرف الذي ولد في القرية السورية نوي عام 1233م (631 هـ) وإليها نسب، وهو فقيه شافعي ومحدث مسلم لفتت موهبته المبكرة جدا الأنظار؛ فبدأ أبوه في تعليمه على يد الشيوخ المحليين ثم ما لبث أن جاء به عام 1251 إلي مدرسة الرواحية في دمشق، وهناك درس الطب قبل كل شيء ولكنه سرعان ما تحول إلي الدراسات الإسلامية.
بدأ يكتب حوالي عام 1257 واستدعي عام 1267 للأشرفية (دار الحديث) في دمشق خلفا لأبي شامة الذي توفي. كان على معرفة كبيرة نادرة بالحديث وتبني معايير دقيقة للغاية.. طبقت شهرته الآفاق كعالم وكإنسان، ولم يتزوج، وتوفي عام 1277.
من أبرز مصنفاته رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين؛ كذلك، المنهاج في شرح صحيح مسلم، والأربعين حديثا النووية.
رحل هذا العالم الجليل وترك خلفه إرثًا عليما كبيرا، ينهل منه طلاب العلم، والخطباء على المنابر، والأكاديميات والجامعات الخاصة بالعلوم الشرعية. كل هذا -وغيره الكثير- خلفه هذا الرجل الذي قد يقرأ البعض اسمه على استحياء أو يمر أمامهم مرور الكرام ولا يعرفون عنه شيء.
هذا شخص واحد، ترك كل هذا العلم والفقه والفائدة، ومع ذلك كله لا نجِد له ولغيره التقدير الكافي من وزاراة عديدة في البلدان العربية والإسلامية. فأين تلك الأسماء العظيمة من كتب التاريخ في المدارس؟ أين هم في ذِكرهم في المواد الدراسية في الجامعات ودور العِلم؟ أين هم من التكريم الإعلامي لمسيراتهم الكبيرة؟ أين هم من البرامج الثقافية التي تتغنّى بالعابثين واللاهين من هنا وهناك، الذين لم يبرز اسمهم إلا في ما ينافي الآداب وينهش في الأخلاق؟
للأسف، مثل الإمام النووي ومثل غيره من العلماء الذين كتبوا تاريخًا عظيمًا من العِلم والفِكر والفِقه والأدب لا تعرفهم الأجيال إلا على استحياء؛ وكأنهم عابرون، وغيرهم الذين نرى صورهم وسيرهم الذاتية وما قدموه من تفاهات للعالم هم في القِمَّة.
قد تود القراءة أيضًا: