ما هي أضرار الإستعمال الخاطئ للمضادات الحيوية؟
قال استشاري الأطفال والأمراض المُعدية الدكتور “حسين جديتاوي” الحديث عن هذا الموضوع له أهمية قصوى، فقد تنبَّهت منظمة الصحة العالمية منذ العام 2015م إلى إنتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وقد نتجت تلك البكتيريا عن الإستعمال الخاطئ والعشوائي للمضادات الحيوية، فقد أصبح المرضى يلجأون إلى تناول المضادات الحيوية من تلقاء أنفسهم وبدون الرجوع إلى الطبيب وبدون وصفة طبية، ويتبع هذا التناول العشوائي للمضاد الحيوي عدم الإلتزام والتقيد بالتعليمات الصحية الأساسية لتناول المضاد الحيوي مثل تحديد كمية الجرعة وعدد الجرعات المناسبين للحالة المرضية.
حيث إن تناول المضاد الحيوي ليوم أو اثنين فقط دون إكمال الجرعة المقررة له خطورة صحية بالغة، لأن هذا التصرف يزيد من فرص إنتاج بكتيريا مقاومة للمادة الفعالة في المضاد الحيوي، أي أن البكتيريا تتعود على هذا المضاد الحيوي بل وتصبح أكثر مقاومة له، وعليه إذا ما تكررت الإصابة واحتاج المريض إلى نفس نوعية المادة الفعالة فإنها لن تنفعه بشيء ولن تعالجه، لأن البكتيريا المسببة للمرض أصبحت تألف تلك المادة وتقاومها، وعليه لابد على المريض إكمال عدد الجرعات إلى النهاية حتى وإن شعر بالتحسن بعد يوم أو يومين فقط.
وأضاف “د. جديتاوي” ومن ناحية أخرى من الضروري الإشارة إلى أنه ليس كل إلتهاب يصيب الجسم يكون بفعل البكتيريا، حيث إن 90% من إلتهابات الجهاز التنفسي العلوي عبارة عن إلتهابات فيروسية، وبالتالي فإن العلاج بالمضادات الحيوية لن يُشفي المرض، لأن المضادات تقاوم البكتيريا فقط، ومن هنا يمكننا القول إن من صور الإستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية هو اللجوء إليها مباشرة فور الشعور بنزلات البرد أو الإنفلونزا دون تحديد نوع الإلتهاب على يد طبيب متخصص.
ما هي آلية عمل المضاد الحيوي في مقاومته للبكتيريا داخل الجسم البشري؟
عند دخول المضاد الحيوي إلى جسم الإنسان يبدأ في مقاومة البكتيريا من خلال أن بعض الأنواع تبدأ بالتأثير على جدار أو غشاء الخلية الحاوية لتلك البكتيريا، وأنواع أخرى من المضادات الحيوية تؤثر على إنتاج البروتينات من هذه الخلية ومن ثَم يتوقف مصدر تغذية البكتيريا وبالتالي موتها، وفئة ثالثة من المضادات تؤثر على الـ DNA الخاص بالخلية، وكل طريقة من طرق المقاومة تلك يحددها نوع المضاد الحيوي والذي بالضرورة يتحدد بناءً على نوع البكتيريا المسببة للمرض.
وتابع “د. حسين” والشاهد أن الإستعمال المنضبط للمضادات الحيوية لا يؤثر على جسم الإنسان نهائياً، بل يؤثر فقط على البكتيريا الموجودة لقتلها وعلاج المرض المتسببة فيه، وحتى الإستعمال العشوائي لا يؤثر في طبيعة الجسم أو مناعته لكنه يحول تلك البكتيريا من الأنواع التي يسهل قتلها بنوع أو أكثر من المضادات الحيوية إلى نوع آخر من البكتيريا يستعصي قتله على العديد من المضادات الحيوية.
واختتم “د. حسين” وهذه هي المشكلة الصحية التي أصبحت منتشرة في العالم كله بفعل الإستعمال المفرط والعشوائي للمضادات الحيوية، حتى أصبحت الهيئات البحثية تُطلق على البكتيريا المقاومة اسم “سوبر بكتيريا”، لأن علاجها أصبح صعب جداً ويحتاج إلى إنتاج فئات جديدة من المضادات الحيوية أكثر قوة وعنف في حين أن نفس البكتيريا كان يقضي عليها أبسط أنواع المضادات الحيوية.