لماذا تتكون الإفرازات الصدرية؟
وعن تكون الإفرازات الصدرية قال “د. عبد الرحمن العناني” استشاري الأمراض الصدرية. يتنفس الإنسان الطبيعي ستة عشرة مرة في الدقيقة، ويقوم بسحب نصف لتر هواء في النفس الواحد، أي ما يعادل ثمانية لترات في الدقيقة، بإجمالي خمسمائة لتر في الساعة، أي اثنى عشر ألف لتر هواء يوميا يدخل الصدر. كل هذا الهواء مليء بالبكتيريا والجراثيم والغبار والأتربة، ومن بديع صنع الله لجسم الإنسان أن زوده بجهاز مناعي للتعامل مع مثل هذه الأشياء، إلا أنها لا ينبغي أن تظل هذه المكونات بالجسم ووجب خروجها تماما. ولهذا الغرض زودت القصبة الهوائية بما يسمى الخلايا الصوتية والتي تقوم – إن صح التعبير – بعمل المكنسة والفلاتر داخل القصبة الهوائية لكنس وإزاحة وإزالة هذه الأشياء المصاحبة للهواء وتنظيفها. الأمر الذي ينتج عنه ما يقرب من 15 مل من البلغم يوميا وذلك للشخص السليم صحيا، إلا أننا نقوم ببلعه دون أن نشعر وبالتالي يخرج مع فضلات الجسم.
في بعض الأحيان تزيد نسبة البلغم بالجسم إما لوجود عدوان زائد من هذه البكتيريا والجراثيم (كأوقات تقلب المناخ المصاحب له أتربة) أو لوجود قصور في عملية النظافة والإزالة التي تقوم بها الخلايا الصوتية لخللها أو لخلل القصبة الهوائية أو لمشكلة في الرئة تُصعّب عمليات التنظيف.
وتكثر الشكاوى من الإفرازات الصدرية والبلغم نظرا للإحراج التي تسببه للشخص أثناء إخراجها من الجسم وما يصاحبها من أصوات.
طرق التخلص من الإفرازات الصدرية
للتخلص من الإفرازات الصدرية الزائدة واستعادة المعدل الطبيعي وهو 15 مل يوميا لابد من البحث عن السبب المؤدي إلى زيادتها.
فقد يكون السبب تقلبات مناخية يصاحبه أتربة وغبار كثير، فالأتربة والغبار مواد شديدة التأثير ومهيجة للقصبات الهوائية، مما يساهم في زيادة الإفرازات. كذلك تباين درجات الحرارة بين النهار والليل، فالبرودة أحد أبرز العوامل التي تسبب ضيق القصبات الهوائية مما يمنع خروج البلغم، وبتحسن درجات الحرارة تتسع القصبة وتخرج كميات البلغم المتكونة.
أما في حالات الاستقرار المناخي وانتفاء الأسباب الخارجية، يتطلب الأمر متابعة التاريخ المرضي للمريض وعائلته، للتفرقة بين زيادة الإفرازات كمرض عارض ومفاجيء وبين كونها مرض مزمن يسبب مشكلات صحية أخرى.
وعموما، يوجد علاجات دوائية تُعطى بمباشرة الطبيب المعالج تساعد في التخلص من الإفرازات الصدرية وتنقية القصبات الهوائية عن طريق تقليل كثافة ولزوجة البلغم بما يضمن خروجه أو تنشط عمل الخلايا الصوتية لرفع كفاءتها في إخراج البلغم المتراكم.
ومن المفاهيم الخاطئة بين الناس أن هناك علاجات تجفف البلغم داخليا دون الحاجة لطرده خارج الجسم، وهذا التصور مغلوط بالكلية، حيث أن تجفيف البلغم داخل القصبة يُكتله ويُحجره، أيضا من مكونات البلغم مواد هاضمة لجدار القصبة الهوائية فتحول جدارها من الجدار الأملس إلى جدار مليء بالحُفر والثقوب، الشكل الذي يصعب معه عمل الخلايا الصوتية أثناء التنظيف، الأمر الذي لا يساعد المريض على الإطلاق ولا يسهم في علاجه. فالقاعدة الأساسية هي ضرورة خروج البلغم خارج الجسم.
وبعيدا عن الأدوية والمستحضرات فإن ممارسة الرياضة وتناول الأغذية والمشروبات الساخنة.
متى تكون زيادة الإفرازات الصدرية خطيرة وتحتاج لعلاج؟
إذا كانت الزيادة مزمنة بمعنى استمرارها لمدة تقارب من الثماني أسابيع، حيث تشير استمرارية خروج البلغم بهذه الكميات ولهذه المدة الطويلة لوجود مشكلات صحية بالقصبة الهوائية. ويحدد لون البلغم ماهية المرض ومن ثَم العلاج، فقد يكون شفاف أبيض وهو ما يشير إلى الحساسية، أو أصفر ويشير لبقاء الإفرازات لمدة طويلة داخل القصبة الهوائية ولم تتمكن من الخروج حتى جفاف المياه منها، أما اللون الأخضر يشير إلى وجود إلتهاب، والأخطر مما سبق عموما هو اختلاط البلغم بالدم ويتعين على المريض مراجعة الطبيب المختص فورا، نظرا لكون الإفرازات في هذه الحالة تشير إلى وجود إلتهاب قوي أو قد يتطرق الأمر الأورام والسل أو ما شابه ذلك.