حديثنا اليوم عن العالم الرحالة والشاعر المغربي الشريف الإدريسي؛ واسمه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله ابن إدريس الصقلي. أحد كبار الجغرافيين العرب المسلمين.
أين ولد الإدريسي؟
ولد عالمنا في مدينة سبتة شمال المغرب عام ٤٩٣ للهجرة.
بدأ الإدريسي بشق رحلاته عندما بلغ السادسة عشر من عمره. وكان لا يذهب في رحلاته بغية الاستجمام، وانما يسطر في ذاكرته ما يراه، فساعدته دقة ملاحظته التي تمتع بها على إنجاز ما لم يستطعه كبار التجار الذين شقوا عباب البحر مرات عديدة.
طاف هذا الرحالة العربي البلاد، فوصل مصر والحجاز في الشرق، والبرتغال وفرنسا وانجلترا في الغرب، والقسطنطينية في الشمال.
وقد عاش في صقلية فترة من الزمن، ونزل ضيفا على ملكها روجر الثاني؛ الذي أغدق عليه الأموال لإنجاز العديد من المؤلفات الرائدة، ثم عاد إلى بلده سبته ليقضي بقية حياته فيها.
أهم مؤلفات الإدريسي
اشتهر الإدريسي بكتابته في الجغرافيا والنبات والفلك والطب والفلسفة والأدب. وقد قام بإنجاز العديد من الأعمال العلمية، لعل من أهمها كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، والذي ألَّفه في صقلية بناء على طلب الملك روجر الثاني، وهو من أهم إنجازات العالم الشريف الإدريسي.
وقد اكتسب هذا المؤلف شهرة عظيمة لما احتواه من معلومات موسوعية عن الكثير من الأماكن في الشرق والغرب التي ذكرها الأقدمون؛ مضيفًا إليها معلومات ميدانية رآها ورصدها في رحلاته وأسفاره التي اخترقت الآفاق.
ويتضمن هذا المؤلف أكثر من ٧٠ خارطة للعالم ولمناطق محددة منه.
وقد ظل هذا الكتاب مرجعًا للعلماء الأوروبيين وغير الأوروبيين لمدة تزيد على ثلاثمائة عام؛ حتى القرن السادس ميلاديا.
ولهذا، يعد هذا الكتاب «كما تشير دائرة المعارف الفرنسية» أعظم وثيقةٍ جغرافية في القرون الوسطى. وقد تُرجِم الكتاب إلى لغات عدة، شملت اللاتينية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية والإنجليزية.
خريطة الإدريسي — لوح الترسيم
وتقول الكتب أن الإدريسي اختار الانتقال إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية، لأن روجر الثاني وقتها كان محباً للمعرفة. فشرح له الإدريسي موقع الأرض في الفضاء، وخمِّن ماذا استخدم في شرحه؟ البيضة لتمثيل الأرض. فقد شبّه الأرض بصفار البيضة المحاط ببياضها تمامًا كما تهيم الأرض في السماء محاطة بالمجرات.
فأمر “روجر” له بالمال لينقش خارطة العالم «والذي عُرِفَت باسم لوح الترسيم» على دائرة من الفضة تزن ٤٠٠ رطل رومي، في كل رطل ١١٢ درهما.
كما يعرف لوح الترسيم أيضًا عند العرب باسم: خريطة الإدريسي. ويقال: إنها أول خريطة سليمة (أي صحيحة) نعرف عنها.
وقد ساعده في ذلك أحد الرسَّامين، وهو الذي رافقه في كل رحلاته الاستكشافية، تلك التي موَّلها ملك صقلية روجر الثاني، لكي يحصل على معلومات جغرافية.
قد تود -أيضًا- قراءة نبذة عن ابن البيطار.
من أشعاره
ليت شعري أين قبري … ضاع في الغربة عمري
لم أدع للعين ما تشـ … تاق في بر وبحر
وخبرت الناس والأر … ض لدى خير وشر
لم أجد جاراً ولا دا … راً كما في طي صدري
فكأني لم أسر … إلا بميت أو بقفر
بهذه الأبيات للعالم الأديب محمد الإدريسي «رحمه الله» نختم مقالنا. حيث توفي عام ٥٦٠ للهجرة.
وإليك هنا «كذلك» سيرة العالم أبو القاسم الزهراوي.