صيف الأبناء قد يكون: فراغا.. صُراخا .. تمددا وكسلا أمام شاشة التلفزيون أو نشاطا ومعارف جديدة.. متعا متنوعة.. ولنحدد أي إجازة صيفية نريدها لأبنائنا علينا أن نقف ولو قليلا لنخطط معهم برنامجهم الصيفي، وقد استوقفنا عددًا من الأمهات نسألهن حول الشيء نفسه، وهذا بعض ماحصلنا عليه.
أسماء محمود: أم لولدين (9 سنوات و11 سنة) في بيتنا التخطيط للإجازة مختلف عن باقي البيوت، فنحن نعاني من البعد المكاني عن باقي الأقارب والأصدقاء؛ ولذا كان من الطبيعي أن يتمحور التفكير في أمور لا تتسم بالصبغة الاجتماعية، فكان كل تركيزنا أن ننمِّي مهارات الصغار الثقافية والعلمية في العطلة الصيفية، ففي نهاية شهر مايو مع الاقتراب من نهاية الامتحانات – نصطحب الأبناء إلى عدد من المكتبات ونقوم – أنا وزوجي – بكتابة تلك الكتب التي أعجبتهم بحيث يختار كل ابن 36 كتابًا أدبيًّا و36 كتابًا علميًّا، فنكتب أسماء هذه الكتب على قائمتين منفصلتين (لكل ابن قائمته الخاصة به)، ثم نطلب منهم أن يلتزموا بقراءة 3 كتب أدبية و3 علمية كل أسبوع، (فالإجازة 3 أشهر × 4 أسابيع = 12 أسبوعا × 3 كتب أدبية + 3 كتب علمية). وكلما انتهوا من كتاب مدوَّن في القائمة نقوم بالشطب عليه للتأكد من أن البرنامج الثقافي لم يختل.
هذا من الناحية الثقافية (الأدبية، العلمية)، ومن ناحية أخرى حرصت على إشراك الأبناء في دورات للكمبيوتر، فهم قد أظهروا ميلاً واضحًا في هذا الاتجاه.
أدرك أن الجانب الاجتماعي ناقص في تربيتنا لأبنائنا، ولكن “الكمال لله وحده”.
الابنة تخطط والأم تنفذ
منى يونس: أم لثلاث بنات: يبدأ التخطيط للإجازة الصيفية عادة في شهر مارس، ويكون ذلك بمتابعة المراكز والنوادي القريبة من مكان إقامتنا، والسؤال عن المواعيد والاشتراكات… إلخ، إلا أن هذه المرة كان الأمر مختلفًا، فما أن انتهت الإجازة الصيفية وأخذت أسرد للبنات الثلاث البرنامج الذي قد أعددته لهن، حتى فوجئت بابنتي الكبرى (إيثار) تبادرني بوريقة مكتوب عليها البرنامج المقترح قائلة لي : “قلت من قبل يا أمي، إن التخطيط والتنفيذ من علامات الرشد، وهأنذا أردت أن أثبت لك أنني أصبحت راشدة!”.
كان البرنامج المقترح من قبلها عبارة عن فقرات مع صديقتها، وذلك لاستغلال فترة بقاء هذه الصديقة في مصر قبل سفرها إلى والدها في إحدى دول الخليج، فما بين زيارتها، والخروج معها للتنزه واللعب في النادي، وما بين السباحة والذهاب لأحد أفلام الكارتون إلى السينما والذهاب إلى المدينة الترفيهية… إلخ. “طبعًا، طبعًا سأصطحب إخوتي معي يا أمي!”، نظرت إليها وضحكت وقلت ببساطة: فلنرَ ما يمكن تنفيذه من هذه البنود سويًّا، ولندمج برنامجك مع برنامجي لنصل لأفضل الصيغ.
واقرأ أيضًا حول: تغيّر التوقيت ما بين الشتاء والصيف وتأثيره على الصحة
الجارة.. الحل السحري!!
مها القليوبي: موظفة – أم لولدين: بالنسبة لي ليست المشكلة في التخطيط للإجازة الصيفية، ولكن المشكلة في التنفيذ؛ فالأنشطة الصيفية لا حصر لها في المراكز والمدارس وقصور الثقافة؛ المشكلة تكون في عملي كموظفة في إحدى شركات الكمبيوتر.
كيف يمكن لي أن أوازن بين حاجة الصغار (4 و 6 سنوات) وعملي؟ كيف أتمكن من الحفاظ على حقهم بالاستمتاع بالإجازة وواجباتي كموظفة؟ الحل السحري يكمن بيد الجارة، فهي غير عاملة، وأعرف عنها مدى حرصها على حسن تربية أبنائها؛ فلذا اتفقت معها أن تصطحب أولادي إلى الأنشطة فترة الصباح على أن أقوم أنا باصطحابهم جميعًا في رحلة العودة إلى المنزل. أما فترة المساء فقررنا سويًّا أن نقسم الأسبوع 6 أيام عمل إلى جزأين، وتتولى كل منا الأولاد في قسم نقوم معهم بأعمال بسيطة تتناسب وسنهم مثل القصِّ، واللصق، وبعض أعمال المطبخ، وتعليم الأولاد مبادئ الشراء… إلخ.
بدأت العطلة وبدأ التنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع جارتي، حتى إنني أصبحت أُومن تمام الإيمان بالمثل المصري القديم “يد واحدة لا تصفق”.
ما رأيك أن تقرأ أيضًا عن: تغذية الأطفال في العطلة الصيفية
الإجازة مشروع مشترك
سمر دويدار: أم لابن وابنة (3 سنوات و6 سنوات): انتهيت من إعداد الإفطار ووضعت كل ما يحتاجه مهند – ابني – ليومه الدراسي في حقيبته وذهبت به لآخر يوم دراسي ليودع أصدقاءه ومعلمته التي حفرت حبها داخل قلبه بعطفها واهتمامها وإجابتها عن أسئلته الكثيرة التي لا تنتهي. تركته وعدت للمنزل لأجري اتصالات كثيرة مع مركز تعليم الموسيقى الذي قرأت إعلانه في طريقي إلى المدرسة، ومع النادي الرياضي لمعرفة مواعيد التدريبات لرياضة السباحة والجمباز وكم ستكلفني، وأخيرا أبحث في الجمعيات الأهلية المختلفة التي تقدم أنشطة صيفية يمكن أن يستفيد منها ابني، ولم أنتبه إلا والساعة تدق الثانية موعد انتهاء اليوم الدراسي. في طريق العودة أخذ مهند يعرض علي كتبه وأوراقه وشهادته وهو سعيد؛ لأنه لن يضطر للاستيقاظ في وقت مبكر وسيتمكن من مشاهدة أفلام الكرتون التي يحبها إلى ما لا نهاية.
وما إن وصلنا حتى طلبت منه أن يحضر ورقه وقلما لنخطط معا لعطلة الصيف، بدأت بسؤاله ماذا تود أن تفعل في الإجازة؟ أجابني دون تردد .. أن أشاهد أفلام الكرتون، وأن أتمرن على السباحة، وأن أذهب للنادي وللسينما، وأن ألعب بلعبي الموجودة في الخزانة منذ وقت طويل ولم ألعب بها، وأن أبدأ في التلوين والرسم مرة أخرى ووو. كتبت كل ما يود فعله في ورقة وأضفت إليها مقترحاتي بعد موافقته، فسألته “وما رأيك في الذهاب للمعسكر الصيفي الذي سيشارك فيه صديقك زياد؟”، واقترحت عليه قراءة كتبه المهجورة في مكتبته والذهاب للمكتبة العامة التي تم بناؤها حديثا في حَيِّنا فتحمس جدا. ثم قمت بتوزيع هذه الأشياء على أيام ومواعيد محددة في جدول حتى يستفيد من وقته ولا يصيبه الملل.
مر الآن أسبوعان على بداية العطلة، وقد التزمنا إلى حد ما بالخطة، وقد وضعنا علامة على كل ما كان في الجدول، وقمنا بتنفيذه بالفعل، وإذا ما جد شيء جديد يود القيام به لا يذكره فقط وإنما يطلب مني إضافته إلى الخطة.
وفي إحدى الأمسيات ذهبت لزيارة جارة لي وهي ربة منزل، ابنتها في مثل عمر مهند سألتها عن برامجها في الصيف، وكيف تقضي الوقت مع أولادها فقالت إنها لا تفضل أن يذهب أبناؤها إلى أي من دور الحضانة التي تعد برامج مخصصة للأطفال في الإجازات الصيفية وإنها تفضل أن تقضي عطلة الصيف في زيارة الأقارب والأصدقاء داخل البيوت؛ وذلك لارتفاع درجة الحرارة، وفي الأمسيات وبعد العودة من هذه الزيارات تقول: “أفتح الفيديو وأتركهم أمامه حتى يأتي موعد النوم؛ وذلك لأني أكون قد أرهقت طوال اليوم، ولا توجد عندي طاقة للبقاء مع الأولاد وفعل أي شيء “! .
بقلم: ريمان نمر
ومن باب المنفَعة؛ تقرأ هنا عن: أشهر الأمراض الصيفية.. وكيف يمكن حماية مرضى الضغط والقلب منها